أعتقد أن قرار لجنة لخمسين المنوط بها إعداد الدستور بإلغاء مجلس الشورى قرارًا صائبًا وخطوة نحو الاتجاه الصحيح، بالرغم من معارضة الكثير من أعضاء اللجنة له.
ظل مجلس الشورى الذى أنشأه الرئيس الراحل أنور السادات سنة 1980 ديكورًا سياسيًا لأكثر من 30 عامًا، وكان يعتبر مكافأة نهاية الخدمة للرجال الذين خدموا النظام طوال مدة عملهم، فهو مجلس مجاملات من الدرجة الأولى.
هيمن عليه الحزب الوطنى منذ إنشائه حتى قيام ثورة 25 يناير، ووفقًا لدستور 1971 فرئيس الجمهورية يقوم بتعيين ثلث أعضاء المجلس، وبالطبع هذا الثلث يأتى أغلبهم من رجال وقيادات الحزب الحاكم ومن الأحزاب الداعمة والمؤيدة له، بالإضافة إلى شخصيات عامة مشهود لها بحسن خدمة النظام.
أما الثلثان المفترض أنهم يأتوا بالانتخابات العامة، فكلنا نعرف ماذا كان يحدث فى هذه الانتخابات وكم التزوير والتجاوزات التى تقع لصالح مرشحى الحزب الوطنى المنحل.
ولم يتغير الحال فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، فقط سيطرت جماعة الإخوان وذراعها السياسى حزب الحرية والعدالة على المجلس أيضًا وحصلت على أكثر من نصف المقاعد تقريبًا فى مشهد يعيد الى الأذهان سيطرة واحتكار الحزب الوطنى.
مجلس الشورى يكلف خزينة الدولة سنويًا حوالى 500 مليون جنيه (نصف مليار جنيه) بلا أى فائدة سياسية تذكر، بل بالعكس فقد سيطر هذا المجلس على الصحف القومية والمجالس القومية المتخصصة كالمجلس الأعلى للصحافة والمجلس القومى لحقوق الإنسان سيطرة كاملة، وقد كان تعيين أعضاء هذه الجهات والمؤسسات يتم وفقًا لأهواء وتوجهات الحزب المسيطر على مجلس الشورى وليس وفقًا لمعايير محددة ومعروفة مسبقة.
إلغاء مجلس الشورى كان أحد المطالب الجماهيرية لثورة 25 يناير أيضًا، فقد رأى معظم المواطنين والخبراء أنه يكلف الدولة المزيد من المبالغ والأعباء المالية بلا أى فائدة، كما أن كبر دوائره تفتح الباب لنجاح الأكثر ماليًا.
صحيح أن كثيرًا من دول العالم تأخذ بنظام المجلسين ( كالولايات المتحدة وإنجلترا)، ولكن كل مجلس من هذه هذه المجالس له أدوار محددة ومعروفة، كما أن الأعضاء يأتون بالانتخابات ووفقًا لمعايير واضحة، فلم نسمع من قبل أن أى رئيس أمريكى قام بتعيين ثلث أعضاء مجلس الشيوخ (الغرفة الأعلى أو الثانية فى الكونجرس) من الحزب الذى ينتمى إليه مثلا.
إن عودة مجلس الشورى مرة ثانية تحت أى مسمى مرهون بتحسن أحوال مصر اقتصاديًا وسياسيًا واتخاذها لخطوات جادة وفعالة على طريق الديمقراطية، فلا يعقل أن تعانى مصر من أزمات مالية بعد قيام ثورتين متتاليتين ونبقى على كيان يكبد ميزانية الدولة ملايين الجنيهات بلا أى فائدة، فمن الأفضل أن يتم توفير هذه المبالغ المخصصة لمجلس الشورى واستغلالها فى مشروعات تنموية واقتصادية تدر عائدًا وربحًا يستفيد به الجميع، كما أن فى هذه المرحلة الانتقالية الحساسة والحاسمة يفضل أن يتم مناقشة واقرار مشروعات القوانين وغيرها من القرارات الهامة فى غرفة برلمانية واحدة، لأن مناقشة وإقرار هذه المسائل فى غرفتين سيستغرق وقتًا طويلاَ وجهدًا شاقًا.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة