أجرى الجيش الإسرائيلى تدريبات مكثفة، خلال الأعوام الماضية، على أثر استخلاص الدروس من حرب لبنان الثانية (صيف 2006)، بهدف تحسين أدائه ورفع جاهزية قواته لاحتمال نشوب حرب جديدة مع حزب الله وسوريا، إلى جانب تدريب سلاح الطيران الإسرائيلى على القتال وشن الغارات فى مناطق بعيدة عن إسرائيل، تحسبًا لدخوله فى مواجهة مع إيران.
جاء ذلك فى تقرير أعده مركز "مدار" للدراسات الإسرائيلية، اليوم، الأحد، وقد أكد إجراء هذه التدريبات فى منطقة هضبة الجولان، رغم أن قيادة الجبهة الداخلية أجرت عدة تدريبات فى المدن الإسرائيلية الكبرى، استعدادًا لاحتمال شن هجمات صاروخية عليها.
وقال المركز، إنه منذ بدء الأزمة السورية، وتحولها إلى حرب أهلية، وانشغال الدول العربية عمومًا بمشاكلها وأحوالها الداخلية، يسود الاعتقاد فى إسرائيل، وخاصة لدى أجهزة الاستخبارات فيها، أنه من المستبعد نشوب مواجهة كهذه، مع دول وجهات عربية فى المستقبل القريب، ربما باستثناء هجمات تشنها تنظيمات الجهاد العالمى، التى تنشط فى سوريا وسيناء.
وأوضح المركز تزايد التقارير الإسرائيلية التى تتحدث عن تدريبات تجريها قوات الجيش الإسرائيلى مؤخرا، لمواجهة انفجار محتمل للأوضاع فى الضفة الغربية، وهو ما وصفه رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) السابق، يوفال ديسكين، بـ "الربيع الفلسطينى".
وأشار المركز إلى مقال الكاتب الإسرائيلى "ديسكين"، على موقع "يديعوت أحرونوت" ، فى مطلع نوفمبر الحالى، حيث قال :"إلقاء نظرة سطحية عابرة على الوضع القائم في الأراضى الفلسطينية، يتيح لنا ملاحظة أن جميع الظروف باتت مهيأة لدينا أيضا لانتفاض وتمرد الجماهير الفلسطينية، إذ أخذت تتراكم بشكل متزايد فى الضفة الغربية مظاهر إحباط وتوتر وغليان هائلة لدى السكان الفلسطينيين، الذين يشعرون بأن أرضهم عرضة للسلب والنهب، وأن مستوطنات جديدة تقام وتشيد صباحًا و مساءً، بلا توقف فوق أراضيهم "
وأوضح التقرير، تحدثت ثلاثة تقارير صحفية، خلال الأسبوع الماضى عن ثلاثة تدريبات لمواجهة احتمال تفجر الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية، وحاكى أحد هذه التدريبات احتلال غزة المدينة، وتجرى تدريبات أخرى لاجتياح واحتلال قرى وبلدات فى الضفة الغربية، بينما كشفت منظمة حقوقية عن تدرب وحدة فى الجيش الإسرائيلى على مواجهات مع المواطنين الفلسطينيين فى مقبرة فى مدينة الخليل.
وأكد المركز، ازدياد تخوّف إسرائيل من أسر جنودها، حيث تكرّر الحديث عن مخاوفها من قيام فلسطينيين بأسر جنود أو مواطنين، من أجل مبادلتهم بأسرى فلسطينيين، وباتت هذه المخاوف ملموسة، فى الشهرين الماضيين، فى أعقاب مقتل ثلاثة عسكريين إسرائيليين فى الضفة الغربية، بعد اختطاف جندى والتسلل إلى بيت ضابط فيى الاحتياط فى مستوطنة فى غور الأردن، ورغم أن تقارير إعلامية إسرائيلية أشارت إلى أنه تخيم "شبهات جنائية" فوق هذه العمليات، إلا أنها تبرز القدرة على أسر جندى ونقله إلى الضفة، وذلك إلى جانب العديد من المواجهات بين المواطنين الفلسطينيين وقوات الجيش الإسرائيلى فى مناطق عديدة فى الضفة.
ونقل المركز، عن ضابط فى قيادة الجبهة الوسطى، قوله إن "هناك خلايا فلسطينية تسعى إلى إغراء جنود للوصول من إسرائيل إلى مناطق السلطة الفلسطينية، وقد يحدث هذا بواسطة وعود بإبرام صفقات مشبوهة ذات طابع جنائى، مثل صفقات مخدرات أو صفقات لشراء بضائع بثمن رخيص"، وأشار الضابط إلى أنه خلال العام الأخير أحبط الجيش الإسرائيلى، وجهاز الشاباك أربعين محاولة لأسر جنود، ويشدد الضباط الإسرائيليون أمام جنودهم على ضرورة الامتناع عن الدخول إلى مناطق السلطة الفلسطينية، وعدم الاستجابة لإغراءات بشأن صفقات مختلفة.
وقد أعلن الجيش الإسرائيلى، الأسبوع الماضى، أن النفق الذى أعلنت حركة حماس أنها حفرته بين قطاع غزة وإسرائيل، بعد أن اكتشفته قوات الجيش، كان بهدف أسر جنود إسرائيليين، ويؤمن الجيش الإسرائيلى بأن حماس خططت لأسر جنود خلال عملية تدمير النفق فى منطقة كيسوفيم، وقد أصيب خلال ذلك ستة جنود بينهم ضابط برتبة مقدم من سلاح الهندسة الإسرائيلى.
وحذر ضابط إسرائيلى كبير، من أن ما وصفه بـ "خطة فك الارتباط" المصرية مع غزة تدفع الفلسطينيين إلى أيدى إسرائيل بشكل مباشر، وقال الضابط "لقد أصبحنا، بكل بساطة، مسؤولين عن كل ما يحدث فى غزة، وتعلق غزة بإسرائيل يتزايد ونحن نوافق على الإملاءات المصرية، وضاع فك الارتباط" فى إشارة إلى خطة الانفصال عن قطاع غزة التى نفذتها إسرائيل فى العام 2005.
وأشار المركز إلى التوتر الأمنى فى قطاع غزة، إلى جانب وصول المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية إلى طريق مسدود، علمًا أنه لم يعلق أى جانب آمالا عليها منذ استئنافها، وتزايد حدة التوتر الأمنى فى الضفة الغربية، وتحذيرات فلسطينية وإسرائيلية من احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة، حذر منها أيضا وزير الخارجية الأميركى، جون كيرى، يوم الخميس الماضى- كل ذلك هو مشهد ماثل أمام الجيش وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية منذ فترة طويلة.
ونقل المركز، ما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوم الثلاثاء الماضى، أن آلاف الجنود الإسرائيليين سيشاركون فى مناورة عسكرية، فى نهاية نوفمبر الحالى، ستجرى في مدينة أشكلون (عسقلان)، وتحاكى احتلال غزة المدينة، وقالت الصحيفة إن ضباطا فى قيادة الجبهة الجنوبية للجيش الإسرائيلى، يعكفون فى هذه الأثناء على الإعداد لهذه المناورة، التى سيجرى خلالها تدريب على احتمال اجتياح قوات مشاة لغزة بهدف احتلالها، ولا تنحصر التدريبات فى القرى الفلسطينية فقط.
فقد وثقت منظمة "ييش دين" الحقوقية الإسرائيلية، من خلال شريط مصور، نشرته الأسبوع الماضى، تدريبًا أجراه الجيش الإسرائيلى قرب مقبرة فى مدينة الخليل، وتظهر فى الشريط قوة من الجيش الإسرائيلي تؤدى دور متظاهرين فلسطينيين، وعلى بعد عشرات الأمتار عنها قوة إسرائيلية أخرى، تتدرب على تفريق "المتظاهرين".
وأكد المركز، أنه فى حال وصول المفاوضات إلى طريق مسدود ستصبح الأوضاع قابلة للاشتعال أكثر، فالإسرائيليون يدعون أنهم فوجئوا لدى اندلاع الانتفاضتين الأولى والثانية، وهذا يعنى أنهم تجاهلوا الأسباب الموجودة على أرض الواقع، والتى دفعت الفلسطينيين إلى الانتفاض، واليوم، فيما تواصل إسرائيل استفزازاتها، من خلال تكثيف الاستيطان ومحاولات المساس بمكانة المسجد الأقصى والسماح بدخول المتطرفين اليهود للصلاة فيه، فإنها لا ترى أن الأمور قد تتجه نحو تصعيد.
واعتبر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، ورئيس "معهد أبحاث الأمن القومي" فى جامعة تل أبيب، عاموس يادلين، فى مقابلة أجرتها معه الإذاعة الإسرائيلية، يوم الجمعة الماضى، أن "انتفاضة ثالثة ليست من مصلحة فلسطين".
كذلك قال وزير الدفاع الإسرائيلى، موشيه يعلون، للإذاعة الإسرائيلية إنه "لا ينبغى التخوف من تهديدات بانتفاضة ثالثة"، معتبرًا أنه "لا يوجد أى مؤشر فى الجانب الفلسطينى يقود إلى تسوية، ولذلك يبدو أننا لن نحل الصراع على أساس اعتقادنا وسيتم التوصل إلى حل مع مرور الوقت".
وأشار المركز إلى تصريح وزير الخارجية "جون كيرى"، الذى حذر إسرائيل من اندلاع موجة عنف جديدة فى ظل استمرار بناء المستوطنات فى الأراضى المحتلة.
واختتم المركز تقريره بالإشارة إلى تحذير قائد الجبهة الوسطى للجيش الإسرائيلى"نيتسان ألون " لرئيس الوزراء "نتنياهو"، قبيل استئناف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية، من أنه فى حال الفشل فى تحريك العملية السياسية فإنه يتوقع حدوث "موجة عنف" جديدة فى الضفة الغربية.
الجيش الإسرائيلى يجرى تدريبات مكثفة لتحسين أداء قواته.. ضابط إسرائيلى يؤكد إحباط 40 محاولة أسر لجنود.. قائد الجبهة الوسطى يحذر نتنياهو من اندلاع موجة عنف فى حال فشل المفاوضات
الأحد، 10 نوفمبر 2013 02:33 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة