دعاء أحمد على

الإخوان الحشاشون

الأحد، 10 نوفمبر 2013 11:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه", قانون نيوتن الثالث الذى لقّنونا إياه فى الصغر، ولكن فيما يبدو أننا أخطأنا كثيرًا حينما جعلناه حبيس كتب الفيزياء، ولم نٌخرجه معنا لفسحة الحياة.

وتسليمًا بقانون نيوتن, وبمقولة "التاريخ يكرر نفسه" سنحاول فى تجربة بسيطة، أن ندمج بين خيوط الماضى وبين ما نحياه, علنا نخلُص إلى فعل جديد يجنبنا رد فعل أثبت الماضى فشله.

حينما كانت مصر تحت الحكم الفاطمى, وبالتحديد فى عهد "المستنصر بالله" حدثت أطول وأشد مجاعة فى تاريخ مصر, حتى أنه من شدة الجوع قيل أن الناس قد أكلت الكلاب والقطط، بل وانتشرت عصابات آكلى البشر!

فطلب "المستنصر" مساعدة "بدر الجمالى" فجاء إلى مصر, واستطاع القضاء على المجاعات المنتشرة, ثم أراد أن يكون له الحكم, ولكن الشاب الفارسى "حسن الصباح" كان غير راضٍ عن ذلك، وكان يرى أن "نزار" هو الأحق بالإمامة (أو قل هى الشرعية من وجهة نظره!), ومع إصراره على تأجيج الأوضاع, تمت ملاحقته هو وزملاؤه فهرب, وأثناء رحلته أخذ يُجند الشباب المتحمس كى ينتقم من نظام الجمالى فى مصر.

وبعد فترة، استطاع "حسن" بهرطقته ودجله أن يؤسس أقوى منظمة إرهابية شهدها التاريخ, وأصبح له علاقات خارجية مع أوروبا, حيث كان ينفذ بدلا عنها بعض العمليات الانتحارية والاغتيال, ومع هذا لم يتوقف عن شن الهجمات ضد الصليبيين من وقت لآخر، لضمان تأييد العامة له باسم الجهاد, رغم علاقته المتميزة مع جماعة فرسان الهيكل الصليبية!

وقد استعمل "حسن الصباح" لإقناع الشباب بالمشاركة فى عمليات الاغتيال والانضمام لجماعته, بجانب الجنة المزعومة, أمور دجل أخرى كان من بينها الكثير مما ذُكر فى كتاب (فن الدجل) وهى فى مجملها أفعال سخيفة يندى لها الجبين ولا يعقلها عاقل, وكان الهدف الأول منها تدريب الأطفال على الطاعة العمياء والإيمان بكل ما يُلقى إليهم.

ويظل هناك عنصر مهم وهو نبتة "الحشيش" التى أخذت المنظمة اسمها, وقد قيل أنه كان لابد من مصاحبة عمليات الاغتيالات بعامل يعوّد الدماغ على نشوة معينة تصبح جزءًا مهما لفصل الشخص عن واقعه العادى أو طبيعته المعتادة، كشرطية مهمة لتحريك مشاعره وحصرها فى جهة معينة.

وستدهش حينما تعلم أنه وبعد أربعة وثلاثين سنة من سيطرة "حسن الصباح" على منظمة " الحشاشين" وبعد أن توفى، ورغم ادعائه الجهاد باسم الإسلام لم يكن هناك وريثًا له وذلك بعد مقتل ولده الأكبر ووفاة الأصغر بسبب (إدمانه للخمر)! ورغم أنه لم يأت خليفة للصباح من نسله، إلا أن خلفاءه لم يكونوا أقل جنونًا من مؤسسها, فمعظمهم ادعوا النبوة والباقين ادعوا الألوهية!

وبذلك تعد "الحشاشين" هى أول حركة تلجأ إلى العنف والاغتيال وترهيب الخصوم لتحقيق مآرب سياسية سلطوية, ظهرت فى عهد فتّن واضطرابات فى بقاع كثيرة من العالم الإسلامى، وجدت زعيمًا ملهمًا يتناول تلك الفتن والضعف الذى يحيط بالمسلمين فى جذب عدد من الشباب والمؤيدين لجماعته بدعوى الجهاد والدفاع عن الإسلام, وهى المهمة التى لا تستطيع حكومات العالم الإسلامى القيام بها نظرًا لضعفها وخنوعها للغرب, يغرر بمحبيه ومريديه بعبارات الإسلام ويُمنيهم بالجنة جزاءً لقتلهم أنفسهم بالعمد وقتل أعدائهم, يأمرهم أن يغتالوا من يريد، وجزاؤهم على ذلك الخلود فى الجنة, حتى أصبح الناس يخشونه كخشية الله!

نهايتهم لم تأت بمحاربتهم ولا بالشجب والإدانة أو حتى بقتلهم, نهاية فرقة الحشاشين الإرهابية جاءت بعدما قويت شوكة الإسلام والمسلمين المعتدلين, بعدما استطاع حكام العالم الإسلامى أن يرفعوا أيديهم وأسلحتهم، ليعيدوا كرامة أمتهم، فاستعاد الناصر صلاح الدين القدس فضعفت شوكة الحشاشين إذ أن وجودهم كما كانوا يبررون كان من أجل نصرة الإسلام, ولكن أى نصرة للإسلام هذه بعدما استرد الناصر صلاح الدين بيت المقدس وصلى بجنوده فى ساحة الأقصى الشريف؟ وأى خسة وعار هذا الذى يدفعهم لمحاولة اغتياله! استقرت أوضاع الإسلام والمسلمين وتلاشت هذه الجماعة الإرهابية شيئًا فشىء حتى قضى عليها الظاهر بيبرس تمامًا، بعد أن اغتالوا الآلاف، وروعوا الناس بالإرهاب والدماء.

أثبت التاريخ أن مثل هذه الجماعات تنشط وتجد البيئة المناسبة لها، والتى تمكنها من جذب مريدين ومهووسين بأفكارها, حينما تضعف الأمم وتتهاوى إرادة أبنائها ويخنع قادتها للأعداء, والقضاء عليها لا يكون إلا بالعمل على تقوية الدولة واستعادة مكانتها, ليتنا نعمد إلى قانون نيوتن " لكل فعل رد فعل مساوٍ له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه"، فنطبقه على واقعنا لنجد الخلاص من (الحشاشين).

* باحث ماجستير فى العلوم السياسية بجامعة السويس.





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

باسم سعد

فىالجوووووووووووووووووووووووووووووووووووووون

كل لبيب بالاشارة يفهم

عدد الردود 0

بواسطة:

مجدى يوسف

تنشط هذه الجماعات وتجد البيئة المناسبة لها حينما تضعف الأمم وتتهاوى إرادة أبنائها

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرية جدا

على فكرة الباحث ماجستير لا يوضع امام اسمه حرف الدال د

عدد الردود 0

بواسطة:

eyad

الجهل والفقر والمرض هم السبب

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد ابراهيم

الله يهدي الجماعة الحاليين

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى بجد

مزيد من التنوير

عدد الردود 0

بواسطة:

مروان

كنت أتمنى من الدكتورة أن تقرأ فى التاريخ المعاصر بدلا من تاريخ القرون الوسطى

عدد الردود 0

بواسطة:

أبو عمرو

في الصميم !!

عدد الردود 0

بواسطة:

memo

الى صاحبة التعليق رقم 3

عدد الردود 0

بواسطة:

memo

الأخ صاحب التعليق 7

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة