تجاهد حركة حماس لدفع الرواتب فى قطاع غزة، حيث انخفضت عائدات الضرائب بشدة منذ بدأت مصر تدمير شبكة الأنفاق التى تستخدم فى تهريب الطعام والوقود والأسلحة إلى القطاع الذى تديره الحركة. هذه الأزمة تعنى أن آلاف الموظفين الحكوميين فى غزة قد لا يتقاضون رواتبهم كاملة قبل حلول عيد الأضحى الأسبوع القادم.
وتتهم مصر حماس بمساعدة إسلاميين متشددين فى سيناء، وتقود حملة لتدمير أنفاق التهريب التى تصل عبرها الأسلحة وغيرها من السلع إلى القطاع الذى تحاصره إسرائيل جزئيا. وتحصل حركة حماس على الضرائب عن حركة السلع عبر الأنفاق وهى أموال فقدتها الآن.
وفى الشهر الماضى، لم تدفع حكومة حماس سوى 77 فى المئة من 25 مليون دولار هى قيمة رواتب الموظفين الحكوميين فى غزة وعددهم 50 الفا.
وقالت الحركة أمس الثلاثاء، إنها ستصرف مبلغ ألف شيكل (280 دولارًا) تحت مسمى "سلفة العيد" للموظفين قبل العيد، ولم تصدر تصريحات عما إذا كانت رواتب سبتمبر ستصرف بالكامل هذا الشهر.
وتدير حركة حماس التى خرجت من عباءة جماعة الإخوان المسلمين قطاع غزة منذ عام 2007، وتوترت علاقتها مع القيادة المصرية المدعومة من الجيش منذ عزل الجيش الرئيس الإسلامى محمد مرسى حليف حماس فى يوليو، إثر احتجاجات شعبية.
وليس واضحا حجم الأموال التى كانت تجنيها حماس من نشاط الأنفاق، ويقول اقتصاديون فى قطاع غزة إن دخلها كان يغطى 70% من الميزانية الشهرية للحكومة، وقال مسئولون فى حماس إن النسبة 40%.
كان مليون لتر من البنزين تصل إلى غزة يوميا من مصر عبر الأنفاق، وكانت حماس تحصل 1.60 شيكل على اللتر، وكان الأسمنت يدخل بمعدل ثلاثة آلاف طن يوميا، وكانت حماس تحصل 20 شيكل على الطن، وفقا لما ذكره مسئولون عن الأنفاق واقتصاديون محليون.
وقال علاء الرفاتى وزير الاقتصاد فى حكومة حماس بغزة إن الجيش المصرى دمر ما يصل إلى 90% من الأنفاق، وإن تلك التى لا تزال مفتوحة لا تعمل بطاقتها الكاملة، وقدرت خسائر الاقتصاد فى غزة منذ يونيو بنحو 460 مليون دولار. وأضاف أن الميزانية السنوية لحكومة غزة تتجاوز 700 مليون دولار يخصص منها 260 مليون دولار لنفقات التشغيل.
وتضررت حماس أيضا من تقلص حجم علاقاتها مع إيران داعمتها الرئيسية التى كانت تمدها بالسلاح والأموال، ويقدر دبلوماسيون قيمتها بنحو 250 مليون دولار سنويا. ويعتقد دبلوماسيون أن العلاقات توترت بعد أن انقلبت حماس على حليف طهران الرئيس بشار الأسد بسبب الحرب الأهلية السورية. وصمدت حماس فى وجه أزمة اقتصادية عام 2007 حين سيطرت على قطاع غزة بعد أن هزمت قوات موالية للرئيس الفلسطينى محمود عباس. وشددت إسرائيل حصارها آنذاك، لكن نشاط الأنفاق ازدهر مما مكن حماس من ملء خزائنها.
ومنذ عام 2010 خففت إسرائيل القيود الاقتصادية المفروضة على القطاع التى أثارت انتقادات دولية، وسمحت مؤخرا بدخول الأسمنت والحديد للمشروعات الخاصة للمرة الأولى منذ عام 2007، ويقول فلسطينيون إنها كميات غير كافية لتغطية احتياجات القطاع الذى يبلغ عدد سكانه 1.8 مليون نسمة.
وأدى تدمير الأنفاق على مدى الأشهر الثلاثة الماضية إلى ارتفاع شديد للأسعار وانخفاض إنتاج المصانع التى تعتمد على المواد الخام التى تأتى من مصر.
وقال ماهر الطباع الخبير الاقتصادى فى غزة إن ما حدث بالنسبة لحماس ترجمته أنه لن تكون هناك ضرائب على السلع المهربة، وقد يعنى قريبا أنه لن تكون هناك ضرائب على السلع محلية الصنع.
ويعترف عبد السلام صيام أمين عام مجلس الوزراء بحكومة غزة بالضغط الذى تعانيه الموارد المالي،ة لكنه عبر عن ثقته فى أن القطاع سيتغلب على الأزمة.
وأضاف لرويترز "لقد مررنا بهده المشكلة سابقا وعاشت الحكومة الفلسطينية ظروفا أصعب فى السابق، هذه المشكلة لن تكون بالعسر التى كانت عليه سابقا وستفرج إن شاء الله قريبا".
ومازالت دول بمنطقة الشرق الأوسط تساعد غزة من خلال برامج إعمار، وتأتى المساعدات إما مباشرة فى صورة مواد بناء أو عن طريق تمويل من خلال الأمم المتحدة. على سبيل المثال تبنى السعودية 1700 وحدة سكنية فى جنوب غزة بينما تسدد قطر تكاليف تحسين طريق رئيسى.
ولا يعتقد أن أيا من الدولتين تمد حماس بالمساعدات النقدية، وإن كان مانحون من القطاع الخاص فى الخليج مازالوا يساعدون الحركة.
وتواجه حماس مشكلة إضافية، وهى كيفية الحصول على التبرعات الخارجية، ولطالما كانت التحويلات البنكية صعبة لأن بنكا محليا واحدا هو الذى يتعاون مع حماس كما أن كافة التعاملات الإلكترونية تخضع لمراقبة دقيقة فى الخارج.
ويقول بعض الدبلوماسين والمحللين إن معظم المساعدات المالية من دول مثل إيران كانت تصل فى حقائب محشوة بالنقود عبر الأنفاق، والآن خنقت الحملة الأمنية المصرية هذا الشريان.
رويترز: حماس تواجه أزمة مالية بعد الحملة المصرية على الأنفاق
الأربعاء، 09 أكتوبر 2013 01:44 م