تراجعت أعداد السفن التى تتردد على موانئ البضائع السورية مع إحجام شركات النقل البحرى، بسبب مخاطر الحرب، والعقوبات المفروضة على سوريا
وبدأ تباطوء وصول شحنات المواد الغذائية وغيرها من السلع الضرورية يفرض ضغوط على حكومة الرئيس بشار الأسد، التى تواجه صعوبات فى إبقاء خطوط الإمدادات التجارية مفتوحة.
وقد أخفقت سوريا منذ فترة فى الحصول على احتياجاتها من السلع الاستراتيجية، مثل القمح والسكر والأرز، من خلال المناقصات الدولية، بسبب الحرب الأهلية الدائرة فى عامها الثالث، وما اقترن بها من أزمة مالية.
وتقول مصادر مطلعة، إن حجم عمليات النقل البحرى تأثر سلبا، رغم أن موانئ البلاد مفتوحة وجاهزة للعمل.
وقال آلان فريزر، من شركة ايه.كيه.إى للخدمات الأمنية، "الأسد يحظى بدعم من حلفائه، مثل روسيا، ومازال النظام صامدا، وفى الوقت نفسه فإن للصراع آثاره على خطوط الإمداد التى تشمل كل شىء من السلع والبضائع".
وأضاف، "هم يواجهون صعوبات على صعيد النقل البحرى، ولهذا السبب حاولوا إبقاء الطرق البرية مفتوحة".
وتوضح بيانات متابعة السفن من شركة ويندوارد لتحليلات المعلومات البحرية أن عدد سفن البضائع الصب والحاويات البضائع العامة التى تتردد على ميناءى طرطوس واللاذقية انخفض منذ بداية العام.
وتظهر البيانات أن سفن البضائع الصب التى زارت موانئ سوريا انخفضت من ذروة بلغت 108 سفن فى مارس إلى 20 سفينة فقط فى سبتمبر، وبالمثل تراجعت سفن البضائع العامة من 120 سفينة إلى 52 سفينة.
وقال مصدر بصناعة الشحن البحرى، "العقوبات كان لها أثرها على حركة التجارة السورية، إلا أن المخاطر المحدقة بالنقل البرى قد تحد من التجارة الواردة إلى الموانئ السورية".
وأضاف "تظهر متابعة السفن أن الموانئ الرئيسية لا تستقبل إلا أربع أو خمس سفن كل يوم، وكلها تقريبا من سفن البضائع العامة المحلية الصغيرة".
وتشير البيانات إلى أن كثيرا من السفن التى تتردد على موانئ سوريا من أقدم سفن الأسطول العالمى، إذ يبلغ متوسط أعمارها 28 عاما، وتقول مصادر إن هذا يعكس حذر شركات النقل البحرى الكبرى من إرسال سفن حديثة.
وقد تراجع خطر شن هجمات من القوى الغربية على سوريا، بعد أن وافق الأسد على تدمير ترسانته الكيماوية، لكن سوريا، على حد قول أحد أصحاب السفن الأوروبيين، "مازالت لا تستحق هذا العناء فى نظر كثير من أصحاب السفن، وعليك أن تأخذ المخاطر الكبيرة المحتملة فى الحسبان".
وفى وقت سابق من العام الجارى، توقفت شركة إنترناشونال كونتينر ترمينال سيرفيسز الفلبينية عن تشغيل ميناء طرطوس للحاويات بسبب الحرب.
وقال دانييل ريتشاردز من شركة بيزنس مونيتور انترناشونال "شهدت الموانئ السورية ابتعاد شركات النقل البحرى عنها، بل إن شركات النقل البرى بحثت عن طرق بديلة للبضائع التى كان من الممكن أن تمر فى ظروف أخرى عبر هذا البلد المضطرب".
وقال مسئول فى اللاذقية، إن الميناء جاهز لاستقبال السفن كالمعتاد لكن حركة العمل تراجعت. وأضاف "ليس لدينا أى مشاكل فى التشغيل، ولا توجد كذلك مشاكل أو ضرر فى بنيتنا التحتية، لهذا فنحن جاهزون للعمل بنسبة 100% كالمعتاد، لكن حجم البضائع أقل كثيرا بالطبع بسبب الوضع".
ولم يرد مسئولون فى ميناء طرطوس على طلبات التعليق ولم تتوفر على الفور بيانات رسمية.
وفى أواخر عام 2011 أضاف سوق التأمين البحرى فى لندن سوريا إلى قائمة المناطق التى تواجه فيها السفن التجارية مخاطر عالية، وقالت مصادر تجارية إن هذا أدى إلى ارتفاع تكاليف الشحن البحرى.
وقال نيل روبرتس من رابطة سوق لويدز التى تمثل جميع العاملين فى أنشطة التأمين فى سوق لويدز، "الوضع فى سوريا بلغ حدا يجعل من الضرورى فى الواقع إبلاغ شركات التأمين بما إذا كانت سفينة ترغب فى الذهاب إلى هناك حتى يمكنهم البت فيما إذا كان الخطر محتملا بالشروط الحالية أو ما إذا كان يتعين تغيير الشروط بناء على المخاطر".
وقالت شركة سى.إم.أيه سى.جى.إم الفرنسية ثالث أكبر شركة للحاويات فى العالم، وهى جزء من اتحاد شركات يدير مرفأ اللاذقية، إن سفنها مازالت تتردد على اللاذقية وطرطوس.
لكن شركات أخرى قلصت أنشطتها بما فى ذلك شركة ميرسك لاين شركة الحاويات الأولى فى العالم التى تتيح خدمة أسبوعية لنقل الحاويات من سفن أكبر فى مراكز أخرى مثل مصر ولبنان وذلك عن طريق شركة شقيقة بعد أن أوقفت الزيارات المباشرة من جانب سفنها لأنها لم تعد مربحة.
وقال سايمون براون رئيس ميرسك لاين ايجيبت "نحن نلتزم تماما بالعقوبات الشاملة التى يفرضها المجتمع الدولى وهذا أكثر من غيره قلص التدفقات على سوريا".
وأضاف، "نحن مستمرون فى قبول الحجز لأى سلع ليست على القائمة المحظورة مثل المساعدات الإنسانية والغذاء والدواء، وأملنا أن يستمر الوضع الأمنى فى السماح بمرور آمن للسفن والبضائع إلى سوريا".
تراجع حركة النقل البحرى فى سوريا مع اشتداد مخاطر الحرب
الأربعاء، 09 أكتوبر 2013 04:00 م