أشفقت على محدثى عندما راح يسرد لوقت طويل بطولاته وإنجازاته وحسن تصرفه فى المواقف الصعبة، وأدركت على الفور أن هذا الشخص يعانى نقص فى الشخصية؛ وتذكرت لتوى هؤلاء الأشخاص الذين يسعون إلى بطولات زائفة، ليزينوا بها حياتهم وهى فارغة من كل ثمين أو قيم، وعلى الجانب الآخر أدركت أهمية الدور الذى تلعبه الأسرة والمدرسة فى تنشئة أجيال واثقة تؤدى بثبات وتنجح بوعى وتكافئ على ما تقدم بلا مبالغة أو تهوين. والحقيقة أننا لا نهتم كثيرًا بالعلوم التربوية الصحيحة فى حياتنا، فالأب والأم يربيان أولادهم حسب تربيتهما بمشاكلها وعقدها ونواقصها فيصبح فى الأبناء كل ما فى الآباء.
إن العملية التعليمية فى كل الدول المتقدمة تولى اهتمامًا كبيرًا بالسلوكيات الحياتية للفرد وتصرفاته داخل مجتمعه وتصبح الفترة التى يقضيها الطالب داخل المدرسة هى فترة التقويم والتعليم والتوجيه. وبذلك تضمن أجيال واعية قادرة على العطاء والبذل دون معوقات نفسية أو مشكلات عائلية. إن الدراسات الحديثة تعتمد على وضع الدارس تحت ضغوط نفسية وعصبية لتعويده على المواجهة والجلد.
إن قدرات العقل البشرى تفوق تصوراتنا فلو استطعنا إخراج هذا المارد من كمونه وأطلقنا له العنان ليبدع وينطلق لوجدنا بين أيدينا علماء وعباقرة وأفذاذ نفخر بهم. ومما يحزننى حقًا الآن أن المدرسة فقدت دورها الحقيقى، وأصبح ذهاب الطالب إلى المدرسة تحصيل حاصل، لأن الأولى لديه هو المواظبة على الدروس الخصوصية بما أفرغ معنى التربية من العملية التعليمية.
إن المناهج الصماء التى لازلنا نحشو بها عقول أولادنا ليفرغوها فى ورقة الإجابة عند الامتحان لن يجدى فى بناء شباب واعد قادر على صنع مستقبل باهر، فنحن بأيدينا نقتل الإبداع والمهارات.
