«اليوم السابع» تحصل على ختمين مزورين أحدهما لطبيب عظام والآخر لشركة مستحضرات تجميل.
داخل ورشة صغيرة لتصنيع الأختام بمنطقة العتبة، تستطيع انتحال شخصية أى مواطن دون أن تتعرض للمسألة القانونية، وتسطيع أيضا استخراج ختم يحمل اى اسم، ولا يشترط الأمر وجود أى إثبات شخصية، كل ما هو مطلوب دفع مبلغ ضئيل يتراوح بين 40 و70 جنيها.
تصنيع الأختام بالمخالفة للقانون جريمة انتشرت بقوة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير إثر غياب الأمن، وهو ما استغله أصحاب تلك الورش لزيادة أرباحهم، فتصنيع الأختام فى السابق كان يتطلب أوراقاً معينة ليتأكد صانع الختم من هوية الشخص طالب استخراج الختم.
الأختام هى إحدى وسائل تأمين الذات من التزوير عبر التدقيق فى تطابق اسم صاحب الختم بمن يطلب تصنيعه، وحتى لا يتمكن الغير من انتحال أى شخصية وكان مستخدمو الأختام فى القدم هم البسطاء الذين لا يجيدون القراءة والكتابة وبعدها أصبحت وسيلة يعتمد عليها الأطباء والشركات والشخصيات الاعتبارية والعامة فى تمييز أنفسهم عن غيرهم، وكانت أجهزة الأمن تعمل على تأمين كل هؤلاء بوضع ورش الأختام تحت المراقبة إلا أن غياب الأمن ساهم طوال الفترة الماضية فى خلق مافيا للتزوير والتلاعب فى الأختام، وهو ما يعرض المجتمع بأكمله لأضرار لا حصر لها كزيادة نسبة تعاطى الأدوية المخدرة عن طريق تزوير ختم لأحد الأطباء على الروشتات الخاصة به حتى يطمئن الصيدلى لمن يحمل الروشتة ويصرفها له على الفور وقد يصل الأمر إلى بيع منتجات مغشوشة وغير صالحة للاستخدام باسم كبرى الشركات المنتجة للمواد الغذائية أو مستحضرات التجميل أو غيرها، وبيعها عبر فواتير مزورة عليها ختم باسم هذه الشركات، وهو ما دفع «اليوم السابع» لدخول عالم مافيا تزوير الأختام للكشف عن التجاوزات التى يمكن للمزورين الوصول إليها عن طريق تلك الحرفة، والتعرف على الأسباب التى أدت إلى زيادة هذه الظاهرة بما يضر بالمجتمع ككل.
فى شارع محمد على بالعتبة وقف «م. ع» صاحب ورشة لتصنيع الاختام كغيره من أصحاب الورش فى هذه المنطقة، وبمجرد أن طلبنا منه استخراج ختم باسم طبيب عظام - استخدمنا اسم طبيب مشهور لنعرف هل سيمتنع صاحب الورشة عن تزوير الختم أم لا - كانت المفاجأة أن صاحب الورشة لم يبد أى اعتراض بل كان سؤاله الأول «هتدفع كام يا فندم» دون التأكد من هويتنا أو علاقتنا بهذا الطبيب الذى قد يلحق به الضرر بأى شكل من الأشكال جراء استخراج ختم باسمه دون علمه أو موافقته، وبدأ صانع الأختام يعدد أسعار أختامه والتى تبدأ من 40 إلى 70 جنيها.
للعلم الطب النفسى، وجراحة العظام، يعتبران من أخطر التخصصات لأن لهما صرف أدوية مخدرة ومهدئة لمرضاهم الذين يحتاجون إليها، وهى الأدوية التى يتهافت عليها المدمنون، ويشترط لصرفها الحصول على روشتة من طبيب متخصص.
وأثناء رحلة «اليوم السابع» للكشف عن تزوير الأختام، اتفقنا مع أحد العاملين بتلك الورش الصغيرة على أن يحصل على نصيبه من دواء الترامادول بسعر قليل يصل إلى 10 جنيهات بدلا من 30 جنيها كما يباع فى السوق السوداء، مقابل أن يستخرج لنا الأختام بسعر أقل، وبالفعل أرسلنا هذا الشاب لإحدى الورش الموجودة بمنطقة الدقى حيث إنه الأكثر أماناً والأقل فى الأسعار، حيث تبدأ الأختام فيه من 25 جنيها إلى 40 جنيها، على أن نعود إليه مرة أخرى بعد الحصول على الروشتات وإعطائه نسبة من الترامادول بسعر الصيدلى كما هو متفق عليه من قبل وأنه سيقوم بشراء كميات تضمن لنا مكاسب لا بأس منها.
الربح من هذه الأختام المزورة يجلب الكثير من المال لصاحبها فهناك أنواع عديدة من العقاقير التى يصل سعرها فى السوق السوداء إلى 250 جنيها كعقار «أبتريل» والذى يستخدم لعلاج حالات الصرع، وهو الأكثر خطورة وربحا فى نفس الوقت حيث إن سعر الشريط من الصيدلى «9.75 جنيه»، بل يمكن أيضا بيع تلك الروشتات من دون صرفها ويكون سعر روشتة الترامادول «300 جنيه» وروشتات أدوية الصرع قد تصل إلى «1500 جنيه».
فى ورشة الدقى استخرجنا ختمين أحدهما باسم طبيب عظام مشهور والثانى باسم شركة مستحضرات تجميل، توجهنا بعد ذلك لطباعة «روشتات» طبية تحمل نفس اسم الطبيب الذى قمنا بكتابته على الختم وبكل أسف كان اسم الطبيب على شهرة عالية بمجاله ويعمل بإحدى المستشفيات التى تحفظ مكانتها على مستوى المحافظات، حتى يصبح استخدام «الروشتات» أكثر سهولة عند صرفها.
انتهت المرحلة الأولى دون أدنى صعوبة أو تعرض للمساءلة وهو الأمر الذى دفعنا لخوض المرحلة الثانية وهى استخدام الختم الخاص بشركة مستحضرات التجميل.
من خلال هذه الطريقة، تستطيع بكل سهولة، أن تدخل عالم مستحضرات التجميل المغشوشة، والأمر مربح للغاية كونه يسمح ببيع المنتجات المغشوشة باسم هذه الشركة، فيكفى استخراج نموذج لفواتير الشركة وطباعتها وهو ما فعلته «اليوم السابع» وختمها بهذا الختم وبيعها للمشترين على أنها منتجات أصلية.
تصنيع مستحضرات التجميل أو المنتجات الغذائية فى شركات «بير السلم» كارثة حقيقية قد تصيب مستخدمى هذه المنتجات بالتسمم، أو التشوه أو الأمراض الجلدية.
الأختام المزورة والروشتات التى حصلت عليها «اليوم السابع» عرضناها على عدد من الصيادلة والخبراء الأمنيين الذين أكدوا أنه لا يمكن تفرقتها عن الروشتات الأصلية.
وقال الدكتور «أشرف مكاوى»، عضو مجلس نقابة الصيادلة، إن الأمر خطير بالفعل، وأعضاء نقابة الصيادلة قدموا العديد من الشكاوى لوضع حلول جذرية للسيطرة على الموقف، وناشد الجهات المسؤولة من خلال «اليوم السابع» للسيطرة على الموقف حيث إن الأمر لا يتعلق فقط على صرف أنواع مخدرة، ولكن إن نظرنا للأمر بعين الاعتبار نجده متعلقا بالأمن القومى، حيث إن متعاطى تلك العقاقير تصدر منهم أفعال تؤثر على أمن وسلامة المواطنين وهم تحت تأثير تلك العقاقير.
ويستكمل حديثة قائلا: إن هناك ثلاث درجات لروشتات الأدوية «الدرجة الأولى لا تصرف إلا من خلال روشتة بتاريخ اليوم ومختومة بختم الطبيب، ويشترط أن يكون الطبيب مصدر الروشتة متخصصاً فى التعامل مع تلك الأدوية، الدرجة الثانية لا يشترط فيها تاريخ اليوم ولكن تكون بتاريخ حديث لا يتجاوز الـ10 أيام، أما عن الدرجة الثالثة فتكون للصيدلى.
أكد مكاوى أن ظاهرة الأختام قد انتشرت بشكل ملحوظ جدا فى الآونة الأخيرة، وأن أغلب الصيادلة الشرفاء قد امتنعوا بالفعل عن صرف روشتات الجدول إلا للشخص صاحب المظهر الجيد، أو بمعنى أدق الذى تبدو عليه أعراض الإدمان، ولكن هذا لا يمنع صرف العقاقير لغير المدمنين وقد يصرفها من لا يتناولها، ولكنه يتاجر فيها، والأمر غير محسوم والصيدلى غير مسؤول عن الأخطاء الناتجة من صرف روشتات لغير مستحقيها، حيث لا يمكن للصيدلى تشخيص حالة المريض ولا يجوز أيضا حجب الدواء عن المرضى، ويستنكر سلوك بعض الأطباء من معدومى الضمير فى كتابة روشتات لمجاملة ذويهم من المرضى.
طرح الدكتور «أشرف مكاوى»، عضو مجلس نقابة الصيادلة، حل لتلك الأزمة، وهو أن يحاسب الدكتور المسؤول عن كتابة روشتات الجدول، مثلما يحاسب الصيدلى عن صرفها من خلال تسليم النسخة الثانية من الروشتة لوزارة الصحة واستخدام العلامات المائية على روشتات الجدول، حيث يصعب تزويرها، وأخيرا وضع ورش الأختام تحت المراقبة أو الاعتماد فى استخراج الأختام الشخصية عن طريق النقابات.
تابع عضو مجلس نقابة الصيادلة حديثه، مشددا على ضرورة، استخدام العلامات المائية للروشتات، لأن استخدامها سيمنع «بلاوى كتير»، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن هناك أرباحاً خرافية لمافيا الأدوية، فهناك عقار مخدر مثل «الباركنول» يصرف من الصيدلى مقابل «5 جنيهات» وبالسوق السوداء يصل إلى 150 جنيها، وهذا مجرد نوع وهناك العديد من الأنواع.
«اليوم السابع»تخترق العالم السرى لمافيا تزوير «الأختام»سعر استخراج الختم يتراوح بين 40 و70 جنيها.. تجار الأقراص المخدرة ومستحضرات التجميل المغشوشة من أهم الزبائن
الثلاثاء، 08 أكتوبر 2013 02:11 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
bebo
مساء الخير رررر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد العاصى
ربنا يوفقك يا صديقى
من أهم المواضيع ألى لازم نسلط عليها الضوء