نقلاً عن اليومى..
غادرت آشتون القاهرة، وركزت وسائل الإعلام على التعبئة ضد الزيارة.. دون الحصول على المعلومات الكافية عن دور آشتون، ولا عن الأجندة الحقيقية التى جاءت من أجلها، ولماذا قابلت السيد عمرو موسى؟ وأهمية لقائها مع فضيلة شيخ الأزهر، وأسباب زيارتها لقداسة البابا تواضروس الثانى، وترتيب اللقاءات، وعلاقة كل ذلك بلقائها بأحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار، ولماذا لم تلتق بالدكتور أبوالغار رئيس الحزب المصرى الديمقراطى؟
ترى لماذا رفض رئيس الوزراء حازم الببلاوى الالتقاء بها؟ وماهو سر لقاء د. زياد بهاء الدين بها.. ولماذا لايكون وزير الخارجية السفير نبيل فهمى؟
كل تلك التساؤلات طرحناها على د سعد الدين إبراهيم رئيس مجلس أمناء مركز ابن خلدون، الذى بدأ بأن دور آشتون هو مراقبة سير عمل الإدارة المصرية على خطة الطريق، وأضاف إبراهيم بأنه بعد ثورة 30 يونيو وعزل مرسى 3 يوليو، نما إلى علمى أن دول الاتحاد الأوروبى كانت تنتوى إدانة ماحدث فى مصر على أنه انقلاب، فقمت أنا والمهندس نجيب ساويرس ومحمد سلماوى ومنى ذو الفقار بالسفر إلى بروكسل وتأكدنا من المعلومة، وقامت بمساعدتى وزيرة الخارجية الإيطالية «ايما بنينو»، وخلال يومين استطعنا أن نقنع أشتون بأنه بدلا من إدانة ما حدث فى مصر يمكن للاتحاد الأوروبى ألايكون طرفا فى النزاع، بل شريكا فى الحل، وبعد مفاوضات مضنية، تمكن سعد الدين إبراهيم والوفد المرافق له من إقناع دول الاتحاد الأوروبى بتغيير القرار.. من إدانة إلى مراقبة خارطة الطريق، وهكذا جاءت آشتون فى زيارتها الثالثة وبالطبع لن تكون الأخيرة!!
زارت آشتون السيد عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين للاطمئنان على سير عمل اللجنة، وكما أكدت لى الباحثة داليا زيادة مدير مركز ابن خلدون، أن آشتون نصحت بأن يكون الدستور موقوتا بفترة زمنية، حتى تنتهى فترة العدالة الانتقالية، وتتحقق المصالحة الوطنية، وأشارت إلى أن بعض الدوائر المدنية يروقها ذلك الرأى، من جهة أخرى، أكدت مصادر قريبة من حزب النور أن الحزب تحدث مع فضيلة شيخ الأزهر حول مقترحين من أجل عرضهما على آشتون وهما: إما أن ينص الدستور على منطوق المادة السابقة (219) وكذلك إلغاء كلمة «مبادئ» من المادة الثانية، والنص على أن هذه المواد يعاد النظر فيها بعد عدد من السنوات يتم الاتفاق عليها.
وكان الكاتب قد سبق له أن نشر باليوم السابع مقالاً بعنوان «الأبعاد الإقليمية والدولية للمادة «219»، أشار فيه إلى أن حزب النور طرح نفس المطالب على السفيرة الأمريكية السابقة «آن باترسون» وربط بين تلك المطالب وبين الصراع فى المنطقة بين الحلف السنى والهلال الشيعى، وربط النور بين تلك المطالب وبين المصالح الأمريكية فى المنطقة، الأمر الذى اعتبرته حركة تمرد محاولة من النور لتقديم نفسه كحارس للمصالح الأمريكية فى المنطقة بدلاً من تنظيم الإخوان المحظور، وفى نفس الاتجاه علقت الصحافة الروسية على زيارة آشتون معتبرة أن الرابح الأساسى من زيارتها هوحزب النور السلفى الركيزة الروحية للعربية السعودية فى مصر، وذلك لأنه عشية زيارة آشتون حدث أن الإدارة المصرية حظرت السياحة الشيعية الإيرانية لخطورتها على الأمن القومى، وربطت مصادر صحفية روسية فى القاهرة بين ذلك وبين رفض حازم الببلاوى لقاء آشتون، والأهم أن بديل آشتون فى اللقاء مع الببلاوى.. كان ملك البحرين، الذى كانت بلاده تعانى من قلاقل ثورية شيعية، رغم أن زيارة آشتون تم تحديدها قبل الملك بروتوكوليا، وهكذا اعتبرت المصادر الروسية أن الحكومة المصرية ضربت ثلاثة عصافير بحجر واحد: إرضاء العربية السعودية، وإمساك العصا من المنتصف مع الإدارة الأمريكية، فإن كانت مصر ضد الضربة العسكرية الأمريكية ضد سوريا، فإنها تتحفظ على الانفراج فى العلاقات مع إيران، والعصفور الثالث هو إرضاء السلفيين المصريين!! وردت العربية السعودية التحية بتحذيرها الحاسم للحجيج المصرى بعدم استخدام مناسك الحج فى السياسة، فى إشارة إلى الإخوان.
قامت آشتون بزيارة كل من الأزهر والكنيسة، وكما هو واضح للعيان إن علاقة الأزهر بالكنيسة اختلفت بعد 30 يونيو، ومن يراجع كلمة فضيلة شيخ الأزهر فى 3 يوليو واعتبار ما حدث «أخف الضررين» وكلمة البابا تواضروس التى أشاد فيها بتضحيات الشرطة والقوات المسلحة وربطهما بألوان علم مصر، سيدرك أن الرؤى الأزهرية الكنسية اختلفت، وكذلك التقارب السلفى الأزهرى، وانسحاب الأنبا بولا من إحدى لجان الخمسين بعد إعطاء وقت كاف لممثل السلفيين، وعدم إعطاء الأنبا بولا حق الرد، وربط ذلك بمحاولات الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية إحلال السلفيين محل الإخوان، كل ذلك كان فى خلفية اللقاءين ما بين آشتون والأزهر وما بينها وبين الكنيسة، والغريب أن الجميع يتحدث عن دولة مدنية ودستور مدنى وآشتون تكرس التديين، والقوى المدنية لا تعترض على ذلك!
كان هناك تفسيران للقاء آشتون بأحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار، وعدم اللقاء مع أبوالغار رئيس الحزب المصرى الديمقراطى، التفسير الأول أن أحمد سعيد هو بديل للمهندس نجيب ساويرس مؤسس حزب المصريين الأحرار. فى حين يرى آخرون أن آشتون كانت تريد مقابلة المعارضة فى حين أن رئيس الوزراء حازم الببلاوى ونائب رئيس الوزراء زياد بهاء الدين فى الحكم، ويضيف أصحاب تلك الرؤية بأنها لم تلتق حمدين صباحى مؤسس التيار الشعبى، لأنه شريك فى الحكم بوزراء مثل كمال أبوعيطة.
توجهات جديدة ورسائل قوية:
لم يكتف حازم الببلاوى بعدم لقاء آشتون ولقاء ملك البحرين بل فجر قنبلة أخرى، وهى رفض الحكومة قرض صندوق النقد الدولى، وتخفيض التمثيل إلى سفير، الأمر الذى يعيد فيه الببلاوى الليبرالى مناخ الستينيات الناصرى، ووسط التعبئة حول حرب أكتوبر يعلن رئيس الدولة أن مصر سوف تعود إلى حلبة الدول النووية، وذلك بعد أن استعاد الفريق أول عبد الفتاح السيسى ورجاله موقع المفاعل الذرى فى الضبعة، ولكن البعض أيضا يربط بين تلك الاستعادة وبين الدور السلفى فى الوساطة!!
إننا أمام موقف متشابك ومتناقض مابين زيارة آشتون ومايجرى تحت السطح، ومايتردد عن ربط التحضير للزيارة ولقاءات المستشار الإعلامى للرئيس أحمد المسلمانى مع بدائل الإخوان، ورغم هجوم الإخوان على هولاء الشباب، وبين ماعشناه من هجومهم عشر سنوات على حزب الوسط، ثم اكتشفنا أن الحزب يدافع عن الإخوان أكثر من الحرية والعدالة، زيارة آشتون أيضاً عجلت بالاندماج بين حزب الجبهة الوطنية والمصريين الأحرار (ذكر هذا الاندماج عرضا فى لقاء سعيد- آشتون)، مياه كثيرة جرت تحت جسر الزيارة، ترتيب مواقف وأوراق ورؤى، ولكن الرابحين الأساسيين من الزيارة هما السلفيون والإخوان، وإلى اللقاء فى الزيارة الرابعة لمفتشة الاتحاد الأوروبى على خارطة الطريق.
أسرار وتفاصيل جديدة فى زيارة آشتون للقاهرة .. الإخوان والسلفيون هم الرابحون من الزيارة التى كانت بمثابة تفتيش على خريطة الطريق
الإثنين، 07 أكتوبر 2013 09:20 ص