قال الكاتب المغربى الكبير محمد برادة عقب إعلان فوزه بجائزة القدس للثقافة إن الثقافة الفلسطينية استطاعت منذ القرن التاسع عشر أن تكوّن حلقة بارزة فى نسيج الثقافة العربية الباحثة عن طريق النهضة والتجدد، فأضحت صوتاً متميزاً ورافداً له خصوصيته على رغم محنة الاستعمار البريطانى، ومأساة الاحتلال الإسرائيلى.
وأضاف صاحب رواية لعبة النسيان الثقافة الفلسطينية استطاعت أن تحفر أخاديد عميقة فى سجل الثقافة العربية الحديثة، تمتدّ من "روحى الخالدى" الناقد المبشر بالتجديد الرومانسى منذ مطلع القرن العشرين، إلى الراحل إدوارد سعيد أحد أهم منظرى أدب ما بعد الكولونيالية فى النقد الأدبى العالمى.
وأشار برادة "إن تخصيص جائزة للثقافة الفلسطينية والعربية، تحمل اسم القدس، مدينة الرموز العريقة فى مضمار التعددية الخصبة، وروحانية السلام، إنما هو تأكيد انفتاح الثقافة والإبداع العربييْن على عمق التاريخ وعلى سؤال النهوض والحداثة، كما أن سياق رمزية هذه الجائزة يجعلها تأخذ دلالة مزدوجة: القطيعة مع نظام احتلالى يروم فصلها عن أبعادها التاريخية المتعددة، والاستمرار داخل سيرورة بناء وتصحيح الثقافة العربية الهادفة إلى تصفية الاستبداد، وتحرير الأرض والإنسان، وصون حقوق الفرد وحريته فى الرأى والاعتقاد.
كما أكد أن الثقافة العربية الحديثة نفسها، على اختلاف المسالك القُطْرية، أمام أفق واحد للخلاص والنهوض، وهو الأفق الذى يرفض ما هو قائم وَمفروض، ويسعى إلى ما يكون تحقيقه ممكناً وضرورياً، على نحو ما تنادى به جموع الشباب الثائرة عبر أرجـاء المجـتـمعات العربية، وعــلى نحو ما حلمت به قـوى الإبـداع ورسـمـت مـلامحـه منذ هزيمة جيوش الأنظمة عام 1967. ذلك أن ديمومة الـثـقافة والإبداع نـافـذة وفاعلة، لا تشلّها حسابات المدجنين ولا تخطيطاتُ الاستعمار المتوحشة.