كنا صغارا عندما أعلن معلمنا فى الصف الرابع الابتدائى، بمدرستنا المسائية فى الحصة الثالثة، الثانية ظهرا، أن الجيش المصرى عبر القناة وطائراتنا حطمت مطارات العدو وحصونه ساعتها سجد معلمنا شكرا لله فى الفصل لنخر جميعا خلفه سجدا، وتختلط صيحات الفرح بدموع الأمل يومها كان السبت السادس من أكتوبر 1973.
هذه الروح التى انطلقت فى أرجاء الأمة العربية والإسلامية أفراحا وطربا وقصصا للبطولات التى شهدتها حبات الرمال فى سيناء، وروتها ذرات المياه بين دفتى القناة، لتدب روح جديدة بين المصريين وتشهد عصرا جديدا من التلاحم المصرى، والتناغم بين فئات المصريين، يومها كان المصريون جسدا واحدا رغم اختلاف الألوان والأشكال والعقائد، فكان الهدف واحدا وهو أن نعيد الكرامة للأمة المصرية، وأن نقضى على أسطورة الجيش، الذى لايقهر وأن يخرج خير أجناد الأرض كالأسود يلهبون ويزلزلون الأرض تحت أقدام الأعداء، ويهتف الجيش المصرى" دع سمائى فسمائى محرقة دع قناتى فقناتى مغرقة واحذر الأرض فأرضى صاعقة هذه أرضى انا وابى ضحى هنا وأبى قال لنا مزقوا أعداءنا، وأصبح العامل فى مصنعه والفلاح فى حقله والطالب فى مدرسته، يسعون جميعا إلى رقى مصر ورفعتها.
وما أشبه اليوم بالبارحة، وتأتى الذكرى الأربعين لانتصارات أكتوبر، بعد أن خضنا معارك ومعارك من أجل عودة مصر للمصريين وعودة الأرواح للأجساد، والقيم المصرية إلى نفوس المصريين، وكما دفع أبناء مصر دماءهم وأرواحهم وروا أرض سيناء بعطر الشهادة ونسمات التضحية، أصبحوا اليوم فى حرب علنية فقد فيها المصريون كثيرا من الأرواح وحصدت كثيرا من الأجساد، وليس مايحدث فى أرض الفيروز ببعيد فى معركة تخليص مصر من جذور الإرهاب اللعين، ولم ولن يرهب المصريون من هؤلاء الملاعين، الذين كشف الزمن قبح وجوههم ومر أفعالهم وسوء نياتهم،
من هنا يجب علينا، أن نتخيل مصر حاليا وقد هددها هؤلاء فى مرافقها وفى طرقاتها وفى مدارسها وفى جامعاتها، وأصبح الإرهاب الأسود يطل برأسه بين لحظة وأخرى، فى شهيد ترك أهله مدافعا عن وطنه أو جندى ساهر فى حراسة كتيبته أو سريته.
إن المصرى المخلص المحب لبنى وطنه تتقطر عينه دما عندما يرى مصانع تحترق، أو منشآت اشتعلت فيها نيران الغدر أو سيارات تحولت إلى رماد بفعل هؤلاء القتلة الإرهابيين الكاذبين.
هؤلاء الذين تنشق الأرض فجأة بهم ليقطعوا طريقا لتتوقف الحياة ساعات، فهذا مسافر لعمله وهذا لمدرسته أو جامعته، وذلك يرافق مريض يريد أن يلحق بمستشفاه وكأن هؤلاء لم يشربوا شربة من نيلها أو لم يستظلوا بسمائها، أو لم يتغذوا من نبع خيرها.
ورغم كل الخسائر التى تتعرض لها الشرطة فى الأرواح والمعدات والأفراد والمنشآت، فكلنا إيمان، أن الجيش والشرطة ومن ورائهما الشعب مصممون، على استئصال شآفة الإرهاب الأسود الذى حول الأخضر إلى يابس وبدل وتحول الناس أمنهم إلى خوف.
إننا متأكدون، أن هناك آلاف سيأخذون بثأر الشهيد اللواء نبيل فراج، وغيره من الشهداء الذين ارتوت بدمائهم جنبات مصر، وأن العزيمة والتصميم على النصر مازالا يسيطران على الجميع، وأن علم مصر، الذى تلتف فيه رفات الشهداء سيظل مرفوعا بعزيمة الرجال.
يامن تجيدون فن الخداع عمركم قصير ويا من تتخيلون إرهاب الوطن فإن أملكم ضائع، ويا من تظنون، أن الإرهاب سيجعل لكم مكاسب فأنتم مخطئون، فقد تحرك المارد المصرى معلنا "لا للإرهاب" وصرخ بأعلى صوته لم ولن تنالوا من مصر، ولن تهبط عزيمة شعبها ولم يتمكن الغادرون من ترابها مهما بلغت التضحيات، لأنكم فقدتم العقل والبصيرة وابتلاكم الشيطان بالعنجهية، والغباء، والكبرياء، فنحن فى حاجة إلى روح أكتوبر.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة