فى 26 أكتوبر 1972 بدأ العد التنازلى للحرب بإعفاء الفريق أول محمد أحمد صادق نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الحربية والإنتاج الحربى من جميع مناصبة وتولى الفريق أحمد إسماعيل وزارة الحربية.
◄أصدر وزير الخزانة المصرى منشورا عاما بتاريخ 7 يونيو 1967 لتزويد وزارة الحربية ووزارة الإنتاج الحربى وفروعهما بكل ما يقع عليه الاختيار فى مخازن الجهات الحكومية بدون ثمن.
◄فرض ضريبة إضافية للدفاع وبخاصة على الأماكن الترفيهية، تخفيض البدلات والرواتب الإضافية والتعويضات التى تمنح للعاملين المدنيين والعسكريين.
◄ووضعت وزارة الشباب فى 1968 بالتعاون مع وزارة الحربية والداخلية خطة لتوجيه الشباب وطلاب المدارس لدعم المعركة والدفاع المدنى والمقاومة الشعبية.
◄وزارة الصحة وضعت خطة لمواجهة الطوارئ تطلبت ضرورة توفير 22 ألف زجاجة دم يلزم لها 44 ألف متطوع ووجود 1423 سيارة إسعاف ودربت 32031 مسعفا متطوعا و5396 ممرضة وأرسلت 600 طبيب للخارج واستعانت بالمحالين للمعاش والمتقاعدين من القوات المسلحة وغير الموظفين وطلبت من الاتحاد الاشتراكى توفير المتطوعين ورصد 100 ألف جنيه كحوافز نقدية وعينية.
◄وزارة الشباب حشدت طاقات أبناء مصر فى 1622 مركز شباب قرية و124 مركز شباب مدينة وهيئات رياضية تصل إلى 599 موزعة على مدن الجمهورية.
وزارة التخطيط قد قررت خفض خطة الاستثمارات فى ميزانية عام 1971 / 1972 بنسبة 10% حوالى 23 مليون جنيه.
◄فى 1972 اعتبرت محافظة أسوان منطقة السد العالى ومحطة الكهرباء وخزان أسوان والمطار وبعض الطرق الرئيسية والفرعية أماكن عسكرية منوع الاقتراب منها.
أربعون عامًا مرت على أعظم نصر حققته مصر فى تاريخها، نصر يتوقف أمامه التاريخ لينظر إلى شعب استنهض همته من مؤامرة غادرة فى الخامس من يونيو 1967 تلك التى استهدفت تاريخه وهويته، لكنه أبى أن يخضع للذل والهوان، فاستعد ليسترد كرامته وليقدم نصرًا يغير قواعد الحروب، وأسس التخطيط العسكرى، ومفاهيم الحرب الحديثة، نصر يكشف عن المعدن المصرى الأصيل فى التضحية والفداء، وعصف بكل التحليلات السياسية وليرفع المصرى رأسه عاليًا وبكل فخر.
بعد مرور أربعين عامًا على هذا النصر، أفرجت دار الكتب والوثائق القومية، على أول وثائق لم يطلع عليها أحد من قبل حول نصر أكتوبر 1973، وما أطلقت عليه الحكومة المصرية آنذاك، بـ"مشروعات إعداد الدولة للحرب" وترميم الداخل المصرى والانطلاق نحو تكريس كل جهد وكل ما تملكه الدولة من مقومات مادية وبشرية لصالح المعركة.
ويتضمن الكتاب الذى لم ينشر بعد وجاء بعنوان "مصر فى قلب المعركة.. قراءة فى وثائق حرب أكتوبر بدار الوثائق المصرية" وقام عليه الدكتور عبد الواحد النبوى رئيس دار الوثائق القومية، وساعده مجموعة من العاملين بالدار، ثلاثة فصول أولها "إعداد الدولة للحرب" وثانيها "أيام الحرب"، وأخيرًا "ما بعد الحرب".
ويوضح عبد الواحد النبوى فى دراسته التى قدمها للكتاب أنه فى إعداد الدولة للحرب كانت التحليلات الأولية لكبار السياسيين لعدوان 5 يونيو 1967 توضح أن تركيبة القوى الكبرى فى العالم تغيرت وأن إسرائيل بعد أن كانت احدى الدول الصغرى وأشدها تعرضا للمخاطر أصبحت تقف كدولة من أقوى الدول فى المنطقة، وفقدت مصر زعامتها للعالم العربى وأن على جمال عبد الناصر أن يذهب وتأتى قيادة جديدة، كما أن نفوذ واستثمارات الاتحاد السوفيتى فى المنطقة قد تلاشت، وليس على العرب إلا القبول بإسرائيل والتنازل عن أجزاء من أراضيهم مع سلسلة كبيرة من التنازلات إرضاءً لها، حتى توقع على اتفاق سلام ويحدث العيش المشترك لهم معها، ولكن هل هذا ما حدث؟ وهل رضيت مصر بعار الاعتداء الغادر وجلست مكبلة لتوقع على اتفاقيات استسلام وتنازل عن الأرض مثل دول كثيرة حدثنا التاريخ عنها؟ أم كان مصر رأى آخر سجله التاريخ باسمها؟، خاصة وأنه مذكور فى كتب التاريخ، أنها دائما ما تأتى بالحلول والأفعال غير المتوقعة وتسير على غير المتوقع من المتخصصين والمحللين.
ويقول "النبوى" إن التركيبة الحضارية المتوارثة فى الجينات المصرية عبر الآلاف السنين منذ غزو الهكسوس لمصر والتخلص منهم على يد أحمس لم ترض يوم بذل الهزيمة، وعار الاستسلام بل دائما تعمل لتبهر العالم، ولم تمر ست سنوات على عدوان 5 يونيو 1967 حتى حققت النصر فى ست ساعات.
ويتضح من الأوراق، أن الإدارة المصرية لم تفقد توازنها ولا اتزانها ولا سيطرتها ولم يغيب عقلها بسبب ذلك العدوان، وبدأت سريعا، خطوات ترميم الداخل المصرى واستعادة الدور وإعادة بناء القوات المسلحة بسرعة متلاحقة، فالشعب المصرى لن يرضى إلا بعودة كل الأرض، ولم يكد يمر يومان على العدوان حتى أصدر وزير الخزانة المصرى منشورا عاما بتاريخ 7 يونيو 1967 لتزويد وزارة الحربية ووزارة الإنتاج الحربى وفروعهما بكل ما يقع عليه الاختيار فى مخازن الجهات الحكومية بدون ثمن. وانهالت التبرعات من مختلف أنحاء البلاد والتى شارك فيها المصريون على اختلاف طوائفهم إدراكا لما فيه مصر وكانت محافظات القناة، فى حاجة سريعة لترتيب أوضاعها، وفرض السيطرة الكاملة على جميع أجزائها، خاصة وأنها مجاورة لشبه جزيرة سيناء، التى احتلت وقناة السويس التى وضع العدو يده على الضفة الشرقية لها؛ فتم تعيين محافظى محافظات القناة ومحافظة الشرقية حكاما عسكريين لها، وخولهم رئيس الجمهورية حق اتخاذ القرارات التى تحافظ على الأوضاع داخل الأراضى المصرية. وقد اقتصرت الأوامر العسكرية التى كان من حق المحافظين إصدارها ونشرها فى الوقائع المصرية على ترتيب أوضاع المحافظات من الداخل، وخاصة فى توفير المواد التموينية وعدم تهريبها، وتنظيم أعمال الدفاع المدنى وتيسير سبل الحياة لأهالى هذه المحافظات، وكذلك تنظيم الدخول والخروج من المحافظات باعتبارها مناطق تواجد للقوات المسلحة وتحركاتها، وتدريباتها استعدادا للمعركة الفاصلة.
ويوضح عبد الواحد النبوى من خلال الوثائق أن الوضع الاقتصادى كان عاملا مهما فى حجر زاوية فى التخطيط للمعركة، وبدا من اللحظة الأولى أن مصر مصرة على الاعتماد على ذاتها أولاً فى توفير الموارد المالية الملحة لإعداد القوات المسلحة، ففرضت مجموعة من الإجراءات الضريبية منها: فرض ضريبة إضافية للدفاع وبخاصة على الأماكن الترفيهية، تخفيض البدلات والرواتب الإضافية والتعويضات التى تمنح للعاملين المدنيين والعسكريين، وكان عزم مصر قويًا على التخلص مما عملت إسرائيل عليه؛ بتكريس صورة الهزيمة لمصر لمحاولة قتل روحها ودفعها للاستسلام والرضا بالأمر الواقع والتنازل عن سيناء، فقامت وزارة التخطيط بإعداد مذكرة لكيفية إدارة اقتصاد مصر كاقتصاد حرب، وتمحورت الإستراتيجية التى ارتكزت عليها الإدارة فى توجيه الاقتصاد المصرى وقت الحرب حول الكفاءة فى إدارة الموارد بترشيد وتقليل الإنفاق فى غير متطلبات المعركة ومراقبة كاملة ودقيقة لكل أوجه الإنفاق والاقتصاد فيها، وتوفير كل ما هو ضرورى وحيوى للمعركة.
وتكشف الوثائق عن وزارة الشباب وضعت فى عام 1968 بالتعاون مع وزارة الحربية ووزارة الداخلية خطة لتوجيه قدرات الشباب وبخاصة المدارس طلاب وطالبات المدارس الثانوية وشباب الجامعات، لدعم المعركة والمعاونة فى أعمال الدفاع المدنى والمقاومة الشعبية، ورصدت الحكومة لذلك أموالا ومعسكرات للتدريب، وبدا أن المجتمع المصرى كله قوات مسلحة.
وأنشأت الدولة منظمات الدفاع الشعبى فى المحافظات عن طريق التطوع بدون أجر، للمعاونة فى حماية المنشآت الحيوية للدولة والدفاع المدنى وفق احتياجات كل محافظة وتشرف على هذه المنظمات الدولة ممثلة فى السلطات المحلية فى كل محافظة بدء من المحافظ وممثلى وزارة الشباب والوزارات ذات العلاقة مثل الحربية والداخلية والحكم المحلى، على أن يعد لأفراد الدفاع الشعبى تدريبا يجعلهم مؤهلين للمهام المنوطة بهم. وأنشئت لهذه المنظمات قيادة خاصة بالدفاع الشعبى بوزارة الحربية حتى يمكن الاستفادة التامة من إمكانيات هذه المنظمات لخدمة تأمين داخل البلاد المصرية، وهو ما مثل تفعيلاً كبيرًا لإمكانيات هذه المنظمات عن طريق التدريب الجاد وتنفيذ المهام بانضباط.
ولم تكن الحكومة المصرية فى إطار ترتيبها للبيت المصرى أن تترك المضارين من جراء العدوان دون تعويض، لذا صدر قرار جمهورى بتشكيل لجان لحصر الإضرار والخسائر التى وقعت فى النفس والمال وأعطيت للجان حق تقرير معاشات أو إعانات أو قروض لمن أضير بسبب الأعمال الحربية.
وكان من أهم الخطوات إعادة بناء القوات المسلحة تغيير القيادة، فعين فى 22 يوليو 1967 أمين هويدى وزيرا للحربية، كما منحه رئيس الجمهورية اختصاصاته لتطبيق النصوص المتعلقة بالتعبئة العامة لسرعة إعداد القوات المسلحة المصرية لاسترداد الأرض المغتصبة، كما أبقى على بعض القادة ذوى الكفاءة والذين قاموا بدور كبير فى الإعداد للحرب، وبدأت القوات المسلحة التدريبات الشاقة والعسيرة استعدادًا للمعركة الفاصلة، وسال الكثير من العرق والدم أثناء التدريب، وكانت هناك حالة طوارئ دائمة داخل جميع الوحدات العسكرية على اختلاف أنواعها، وبدا أن الأمر يستدعى التحفيز المادى لرجال القوات المسلحة، ومنهم الكثير الذى ترك وظيفته ليؤدى واجبه الوطنى وانقطع الكثير من رجالات القوات المسلحة عن منازلهم مرابطين على خط النار انتظار للحظة الفاصلة، لذا وافق رئيس الجمهورية على تقرير مكافأة ميدان لجميع رجال القوات المسلحة، كما أصبحت الخدمة فى القوات المسلحة خدمة حرب اعتبارا من 5 يونيو 1967. وهو ما يعطى لأفراد القوات المسلحة بعض الحقوق فى المعاشات والتعويضات.
كما قررت الحكومة المصرية صرف مرتبات وتعويضات لذوى الغائبين من أفراد القوات المسلحة سواء مدنيين أو عسكريين، إلى أن يثبت فقدهم أو استشهادهم فتسوى حالتهم طبقا لذلك. وتقرر أن يصرف للمجندين أثناء فترة تجنيدهم نسبة 50% مما كان يتقاضاه من عمله الحكومى ويتساوى به المجند الذى كان يعمل فى القطاع الخاص.
وأنشأت وزارة الشئون الاجتماعية، إدارة عامة لرعاية أسر المجندين، وتتبعها إدارات خاصة فى كل مديرية من مديريات الشئون الاجتماعية بالمحافظات، لتسيير ومتابعة حصول أسر المجندين على مختلف الخدمات والمساعدات فى المجالين الحكومى والأهلى، على أن تصرف مساعدات لهذه الأسر للذين لا يحصلون على معاش أو مساعدة، طبقا للوائح وذلك بالتنسيق مع القوات المسلحة. كما تقرر إعفاء أبناء وأخوة المفقودين والغائبين فى العمليات الحربية من شرط المجموع عند القبول بالصفين الأول الإعداد والثانوى، لقد كانت هذه القرارات فى النوحى المالية والاجتماعية، من عوامل رفع المعنويات لأفراد القوات المسلحة وكانت رسالة طمأنينة لأسرهم، وهى ما تكفلت به الدولة لكل فرد من أفراد القوات المسلحة.
وسرعان وجدنا عمليات فدائية استثنائية تقوم بها جميع الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، وحدثت بطولات وبطولات من القوات البرية والبحرية والجوية كمعركة رأس العش وتدمير إيلات والتصدى للطيران الإسرائيلى، فصدرت الكثير من القرارات الجمهورية بمنح الأنواط والأوسمة لكل من قام بأعمال بطولية تساهم فى استرداد ثقة الشعب والقوات المسلحة بقدرتها على خوض معركة المصير، كما منحت بعض القوات العربية التى جاءت إلى مصر بعض الأوسمة تقديرا منها لهذه القوات التى هبت للدفاع عن مصر وعند عودتها إلى أراضيها منحت بعض الأوسمة.
لقد كانت القيادة المصرية تدرك قيمة تقدير التضحية والفداء من أفراد القوات المسلحة، لذا لم تبخل بأى تقدير معنوى أو مادى لكل من صنع خيرا لمصر، ولعل تلك السياسة، قد اختصرت الكثير والكثير من الوقت والجهد فى تجاوز تداعيات الهزيمة والدعاية السوداء التى كان يبثها العدو لتحطيم معنويات الجيش المصرى؛ حتى لا يكون قادرا على استرداد أرضه.
وكان تأمين القوات المسلحة مهمة رئيسية، حتى تستطيع أن تؤدى مهامها، لذلك صدرت قرارات وأوامر بمعاقبة كل مقصر فى تأمين وسلامة المنشآت العسكرية ضد التخريب، منها: ميناء الإسكندرية، والذى يعتبر الميناء الرئيسى لمصر وبه القاعدة البحرية، كما منع ارتداء أية ملابس أو شارات تستخدمها القوات المسلحة.
وفى ذلك الوقت تغير مفهوم إدارة الدولة وإدارة ميزانياتها، وأصبح يطلق على كل ما تقوم به الوزارات، مندرجا تحت عبارة: "مشروعات إعداد الدولة للحرب" ورغم ثقل العبارة على الآذان بما تحمله من معانى تحمل الموت بين طياتها إلا أنها كانت تحمل الأمل فى تحقيق النصر واسترداد الأرض والكرامة، وقد استمرت الدولة تستخدم هذه العبارة فى إعداد مشروعات الموازنة المالية للدولة حتى تم عقد معاهدة السلام فى عام 1979.
وقد كان يندرج تحت مشروعات إعداد الدولة للحرب ميزانيات وزارات مثل الثقافة والتعليم والأوقاف وغيرها، مما قد يعتبره البعض غير متصل بالإعداد للحرب، إلا أن قراءة الوثائق سوف تضعنا فى أجواء الحرب حتى ولو كنت تتحدث عن ميزانية الأوبرا المصرية، من خلال الوثائق المتصلة بهذا الموضوع ظهر أن الدولة كانت حريصة على تسيير سبل حياة المصريين بتوفير الخدمات الضرورية مثل الكهرباء التى أنشأ منها محطات جديدة وتم توفير ميزانيات لصيانة المحطات القائمة وكذلك المدارس والجامعات والطرق ووسائل المواصلات وغير ذلك الكثير.
كما كانت الحكومة المصرية حريصة دائما على توفير مخزون استراتيجى واحتياطى من المواد الغذائية وغير الغذائية التى تحتاجها الدولة فى إدارة شئون المصريين وخاصة التى يتم استيرادها من الخارج وهو ما يستلزم توفير عملات أجنبية، وخلال عام 1971 / 1972 كان المخزون الاستراتيجى لا يقل عن استهلاك شهرين فى المتوسط.
إن إدارة المعركة بما لها من آثار سلبية تحتاج إلى تجنيد جزء من إمكانيات الدولة البشرية والمادية للقطاع الصحى، حيث يمثل ضلعا مهما فى إنجاح المعركة وتبنت خطة وزارة الصحة فى بناء خدمات الإسعاف لمواجهة الطوارئ على ضرورة وجود 1423 سيارة إسعاف كان موجود منها 1168 كذلك دعم السائقين وقطع الغيار، وقد وافق مجلس الوزراء على توفير جزء من مطالب وزارة الصحة فى العام المالى 1971 / 1972 والجزء الباقى فى العام التالى.
وعلى الرغم من أن وزارة الصحة قد عملت على توفير كوادر الأطباء بمستشفياتها استعدادا للمعركة وأرسلت منهم 600 طبيب للتدريب بالخارج إلا أن الوزارة عانت من نقص فى عدد الأطباء، فقرر مجلس الوزراء وقف الإعارات لجميع الدول ما عدا السعودية وليبيا وتحديد فترة الإعارة بأربع سنوات والاستعانة بالأطباء المحالين إلى المعاش والمتقاعدين من القوات المسلحة والاستعانة بالأطباء غير الموظفين بوزارة الصحة عن طريق نقابة الأطباء بمكافآت، كما خصص مبالغ لشراء الأدوية من الخارج.
وتشير الوثائق أيضًا إلى أن وزارة الصحة كانت تواجه صعوبات كبيرة فى توفير رصيد كاف من الدم وتقدر الكمية اللازمة منه كرصيد احتياطى لمواجهة متطلبات المعركة نحو 22 ألف زجاجة يلزم لها 44 ألف متطوع، لذلك طلبت الوزارة الاستعانة بلجان الاتحاد الاشتراكى للمساهمة فى توفير المتطوعين ورصد 100 ألف جنيه كحوافز نقدية وعينية لهم، وقامت وزارة الصحة بتدريب 32031 مسعفا متطوعا وكذلك 5396 ممرضة متطوعة وطلبت ربط هؤلاء بمراكز الإسعاف والطوارئ فى الأحياء السكنية.
وكان من أسس خطة الطوارئ الصحية، التى كانت تعدها وتنفذها وزارة الصحة توفير احتياجات المعركة واحتياجات الشعب المصرى، من أجهزة ومعدات وأدوية عن طريق الاستيراد بالعملات الأجنبية، وكان ذلك يمثل ضغطا كبيرا على رصيد مصر من هذه العملات، فى ظل احتياجات قطاعات أخرى من الدولة لهذه العملات، وكانت الحكومة المصرية، تحاول الموازنة بين ضرورات المرحلة ودرجة الاحتياج، لخوض المعركة وهى مؤهلة بكل ما تحتاجه.
وكانت الأهداف الموضوعة لموازنة الدولة عند إعدادها هى خفض الأنفاق فى غير ما هو ضرورى للمعركة، ولذلك نجد أن وزارة التخطيط قد قررت خفض خطة الاستثمارات فى ميزانية عام 1971 / 1972 بنسبة 10% حوالى 23 مليون جنيه وبخاصة من مشروعات الوزارات القابلة للتأجيل مثل مشروعات الصرف الخاصة بوزارة الزراعة، مشروعات وزارات مثل: الثقافة، الرى، النقل، الصناعة، السياحة، الإسكان والتشييد، التعليم العالى وغيرها.
وفى عام 1972 كانت الخطوات تبدو متسارعة داخل الإدارات العليا للدولة نحو الحرب، وكان كل قطاع يتخذ من الإجراءات ما يجعله مستعدا لنشوب الحرب كل يوم، وعملت محافظات على اتخاذ إجراءات لحماية الأماكن الحيوية بها مثل محافظة أسوان التى اعتبرت منطقة السد العالى ومحطة الكهرباء وخزان أسوان والمطار وبعض الطرق الرئيسية والفرعية أماكن عسكرية منوع الاقتراب منها، كما أعادت محافظة بورسعيد السيطرة على منافذ الدخول إليها وأعادت النظر فى بعض بقاء بعض المقيمين داخل المحافظة، وكذلك محافظة أسيوط حظرت التجوال فى بعض المناطق التى اعتبرتها مهمة للمجهود الحربى.
كما تكشف الوثائق أيضًا عن خطوة إعفاء الفريق أول محمد أحمد صادق نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الحربية والإنتاج الحربى من جميع مناصبة فى 26 أكتوبر 1972 وتولى الفريق أحمد إسماعيل وزارة الحربية، هى بداية العد التنازلى لبدء المعركة، على حين رأى البعض أنها تؤخر بدء معركة استرداد الأرض، وتنبئ على صراع داخلى فى الحكومة المصرية والقوات المسلحة، وقد ساعد هذا الاختلاف على تشتيت العدو وإخفاء نوايا مصر نحو توقيت بدء المعركة. كان ذلك يحدث وكانت جميع قطاعات الدولة تعمل بكل طاقاتها استعدادًا لمعركة المصير التى لا يعمل أحد متى تبدأ، فوزارة الشباب تحشد طاقات شباب وبنات مصر فى 1622 مركز شباب قرية و124 مركز شباب مدينة وهيئات رياضية تصل إلى 599 موزعة على مدن الجمهورية وغير ذلك من مؤسسات وزارة الشباب، للاستعداد للمعركة، ووزارة البترول تقوم بإنشاء محطات بترول لخدمة المواطنين تكون بديلة لتلك التى وضعت تحت تصرف القوات المسلحة، وتم فى يونيو 1973 مد الخدمة العسكرية لقادة مثل: اللواء محمد عبد الغنى الجمسى واللواء محمد على فهمى واللواء عبد المنعم واصل واللواء محمد سعد مأمون وغيرهم من القادة الذين تحملوا عبء حرب النصر.
طوال ست سنوات إلا قليلا، وفى عهد زعيمين من زعماء مصر؛ جمال عبد الناصر وأنور السادات؛ ظلت مصر تعمل ليل نهار وتعد العدة وتدخر من قوت يومها لتحشد كل جندى وكل سلاح وكل قرش لصالح معركة الكرامة. ومع اقتراب بدء العلميات العسكرية لاسترداد الأرض وضع رئيس الجمهورية نظاما لإدارة أمور البلاد، كى يشارك بنفسه فى القيادة العسكرية ومعه محمد حافظ إسماعيل رئيس ديوان رئيس الجمهورية، ليبلغ إلى الحكومة تطورات الموقف السياسى والمهندس عبد الله عبد الفتاح وزير شئون مجلس الوزراء، يمارس نائب رئيس مجلس الوزراء للثقافة والإعلام الدكتور عبد القادر حاتم عمله فى مجلس الوزراء، ويتولى وزير الشباب الدكتور أحمد كمال أبو المجد أعمال وزير شئون مجلس الوزراء بالنيابة والسيد إسماعيل فهمى وزير السياحة أعمال وزير الخارجية بالنيابة، على أن تجتمع يوميا لجنة عمل رئيسية يحضرها نواب رئيس مجلس الوزراء، والسيد محمد حافظ إسماعيل والدكتور محمد حافظ غانم أمين الاتحاد الاشتراكى ووزير الشباب والدكتور أشرف غربال المستشار الصحفى لرئيس الجمهورية ومدير المخابرات العامة، وحافظ بدوى رئيس مجلس الشعب مراقب، وتتخذ اللجنة قراراتها يوميا وتحصل على موافقة الرئيس أولا بأول. وأدارت هذه اللجنة أحوال مصر طوال الحرب وكان مجلس الوزراء يجتمع بين الحين والآخر، فلم يعقد طوال أكتوبر سوى 3 اجتماعات، وقد بدأت لجنة العمل اليومية عملها فى 5 أكتوبر 1973 بوضع قيود على تداول السلع واستهلاك البترول.
ومع منتصف يوم السادس من أكتوبر الساعة الثانية ظهرا- على خلاف ما الجيوش- تبدأ مصر معركة العبور واسترداد سيناء، وتعمل أجهزة الدولة بكل طاقاتها، فتصدر الأوامر بتعطيل الدراسة فى المحافظات القريبة من العمليات العسكرية، على أن يتم تجهيز بعض فصولها لتكون مستشفيات طوارئ، تستخدم فى علاج المواطنين فى حالة قصف العدو التجمعات السكنية، كما عطلت الأسواق ومنع خروج المواد التموينية من نطاق المحافظات إلى غيرها، وفرض حظر التجوال فى بعض المحافظات. ولكى يتم المحافظة على كفاءة مرافق الدولة، التى تخدم المعركة، كلف وزير الإسكان والتشييد، شركات المقاولات المصرية، القيام بعمليات الإصلاح الفورى، لكل ما يصيب البنية التحتية، من أضرار على مستوى الجمهورية، كما تم تدعيم شركات المياه والصرف الصحى بمجموعة من مهندسى وزارة الإسكان والتشييد لتقديم الدعم فى مواجهة أية اعتداءات حتى تنتظم الخدمة.
ونظمت عمليات استخدام سيارات النقل لتخدم أهداف الدولة فى هذه المرحلة، مثل تنفيذ تعاقدات مع القوات المسلحة أو نقل المواد التموينية والإنتاج الزراعى والصناعى، وصدرت أوامر عسكرية فى بعض المحافظات مثل القليوبية والغربية أباحت الاستيلاء على اللوارى المملوكة للمواطنين لاستخدامها لصالح المجهود الحربى بالإسماعيلية واستلزم الأمر توفير موارد مالية سريعة فعدلت شرائح الضريبة العامة على الإيراد، كما فرضت ضريبة جهاد بنسبة 2.5% على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل، وزادت رسوم الدمغة بنسبة 25% لمواجهة أعباء الحرب، وعملت الدولة على تسيير سبل الاكتتاب فى سندات الجهاد التى كانت تصدرها وزارة المالية، وتم ذلك بجانب القيام بجمع تبرعات لدعم المجهود الحربى، وكانت هناك حملة جادة فى ترشيد الإنفاق فى طبع الجهات الحكومية للكتب والمجلات ونشر الدعاية والمجاملات تقديرا لظروف المعركة.
"اليوم السابع"تنفرد بنشر أول وثائق رسمية مفرج عنها عن دار الكتب تكشف أخطر قرارات السادات قبل حرب أكتوبر 1973 والاستنزاف..خطة إغلاق المدارس والأسواق وتوفير22 ألف لتر دم واستخدام مراكز الشباب فى المعركة
الأحد، 06 أكتوبر 2013 12:02 م
انفراد اليوم السابع
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ايمن
عاشت مصر حرة
عدد الردود 0
بواسطة:
osama nour
عظيمه يا مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
رشوان ابوريه
6 اكتوبر1973
عدد الردود 0
بواسطة:
ميدو محمود
هو دة شعب مصر الاصيل المترابط وليس شعب مصر اللى مزقه الاخوان المسلحون
عدد الردود 0
بواسطة:
ابوحبيبة
بدون عنوان
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حلمى
ايام عظيمه وعشناها