لنعتبر أنك فى حرب مع أعداء الثقة بالنفس، ولا ريب فى أن النصر سيكون بداية لشخصية واثقة من نفسها ومسيطرة على مجريات حياتها، ولكن الخسارة فى تلك الحرب تقود إلى انعدام الثقة فى النفس وهى سلسلة مرتبطة ببعضها البعض، أولا: بانعدام الثقة بالنفس، ثم الاعتقاد بأن الآخرين يرون ضعفك وسلبياتك، وهو ما يؤدى إلى القلق بفعل هذا الإحساس والتفاعل معه بأن يصدر عنك سلوك وتصرف ضعيف، وفى العادة لا يمت إلى شخصيتك وأسلوبك بصلة وهذا يؤدى إلى الإحساس بالخجل من نفسك، وهذا الإحساس يقودك مرة أخرى إلى نقطة البداية، وهى انعدام الثقة بالنفس، وهكذا تدمر حياتك بفعل هذا الإحساس السلبى تجاه نفسك وقدراتك، لكن هل قررت التوقف عن جلد نفسك بتلك الأفكار السلبية، والتى تعتبر بمثابة موت بطيء لطاقاتك ودوافعك؟
إذا اتخذت ذلك القرار بالتوقف عن لوم نفسك وتدميرها، فإن عليك أن تتبع استراتيجية وقائية بدايتها تحديد مصدر المشكلة، أين يكمن مصدر هذا الإحساس؟ هل ذلك بسبب تعرضى لحادثة وأنا صغير كالإحراج أو الاستهزاء بقدراتى ومقارنتى بالآخرين؟ هل السبب أننى فشلت فى أداء شيء ما كالدراسة مثلا؟ أو أن أحد المدرسين أو رؤسائى فى العمل قد وجه لى انتقادًا بشكل جارح أمام زملائي؟ هل للأقارب أو الأصدقاء دور فى زيادة إحساسى بالألم؟ وهل مازال هذا التأثير قائم حتى الآن؟ أسئلة كثيرة حاول أن تسأل نفسك وتتوصل إلى الحل، وكن صريحًا مع نفسك، ولا تحاول تحميل الآخرين أخطائك، وذلك لكى تصل إلى الجذور الحقيقية للمشكلة لتستطيع حلها، حاول ترتيب أفكارك، استخدم ورقة وقلم واكتب كل الأشياء التى تعتقد أنها ساهمت فى خلق مشكلة عدم الثقة لديك، تعرف على الأسباب الرئيسية والفرعية التى أدت إلى تفاقم المشكلة.
وبعد أن تعرف جذور المشكلة على وجه الدقة عليك أن تبحث لها عن حل، أو حلول، وعلى أية حال بمجرد تحديدك للمشكلة تبدأ الحلول فى الظهور، اجلس فى مكان هادئ وتحاور مع نفسك، حاول ترتيب أفكارك، ما الذى يجعلنى أسيطر على مخاوفى وأستعيد ثقتى بنفسي؟ إذا كان الأقارب أو الأصدقاء مثلا طرفًا أو عامل رئيسى فى فقدانك لثقتك، حاول أن توقف إحساسك بالاضطهاد، ليس لأنه توقف بل لأنه لا يفيدك فى الوقت الحاضر، بل يسهم فى هدم ثقتك ويوقف قدرتك للمبادرة بالتخلص من عدم الثقة. اقنع نفسك وردد: من حقى أن أحصل على ثقة عالية بنفسى وبقدراتى. من حقى أن أتخلص من هذا الجانب السلبى فى حياتى.
ولابد أن تعرف أن ثقتك بنفسك تكمن فى اعتقاداتك، ففى البداية احرص على أن لا تتفوه بكلمات يمكن أن تدمر ثقتك بنفسك، فالثقة بالنفس فكرة تولدها فى دماغك وتتجاوب مهما أى أنك تخلق الفكرة سلبية كانت أم إيجابية وتغيرها وتشكلها وتسيرها حسب اعتقاداتك عن نفسك، لذلك تبنى عبارات وأفكار تشحنك بالثقة وحاول زرعها فى دماغك. انظر إلى نفسك كشخص ناجح وواثق واستمع إلى حديث نفسك جيدًا واحذف الكلمات المحملة بالإحباط، إن ارتفاع روحك المعنوية مسئوليتك وحدك لذلك حاول دائما إسعاد نفسك، اعتبر الماضى بكل إحباطاته قد ولى وانتهى.
عليك أيضًا أن تتحلى بصفة التسامح، اغفر لأهلك، لأقاربك، لأصدقائك، اغفر لكل من أساء إليك لأنك لست مسئولا عن جهلهم وضعفهم الإنسانى. ابتعد كل البعد عن المقارنة أى لا تسمح لنفسك ولو من قبيل الحديث فقط أن تقارن نفسك بالآخرين، حتى لا تكسر ثقتك بقدرتك وتذكر أنه لا يوجد إنسان عبقرى فى كل شىء، فقط ركز على إبداعاتك وعلى ما تعرف، وحاول تطوير هواياتك الشخصية، وكنتيجة لذلك حاول أن تكون ما تريده أنت لا ما يريده الآخرون.
ومن المهم جدًا أن تقرأ عن الأشخاص الآخرين وكيف قادتهم قوة عزائمهم إلى أن يحصلوا على ما أرادوا، اختر مثل أعلى لك وادرس حياته وأسلوبه فى الحياة ولن تجد أفضل من الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم" وأصحابه رضوان الله عليهم، مثلا فى قدرة التحمل والصبر والجهاد من أجل هدف سام ونبيل وهو إعلاء كلمة الله تعالى ونشر دينه.
وفى طريقك لبناء استراتيجية الثقة بالنفس لابد أن تكون بنكًا للذاكرة، حيث يقودنا النقص الزائد فى الثقة بالنفس مباشرة إلى ذاكرة غير منتظمة فالعقل يشبه البنك كثيرًا، إنك تودع يوميًا أفكارًا جديدة فى بنكك العقلى وتنمو هذه الودائع وتكوِن ذاكرتك، حين تواجه مشكلة أو تحاول حل مشكلة ما فإنك فى الواقع الأمر تسأل بنك ذاكرتك: ما الذى أعرفه عن هذه القضية؟ ويزودك بنك ذاكرتك أوتوماتيكيًا بمعلومات متفرقة تتصل بالموقف المطلوب، بالتالى مخزون ذاكرتك هو المادة الخام لأفكارك الجديدة، أى أنك عندما تواجه موقف ما صعبًا، فكر فى النجاح، لا تفكر بالفشل، استدع الأفكار الإيجابية، المواقف التى حققت فيها نجاح من قبل، وحذار من أن تقول قد أفشل كما فشلت فى الموقف الفلانى، نعم أنا سأفشل، إنك بذلك تجعل الأفكار السلبية تتسلل إلى بنك الذاكرة، وتصبح جزءًا من المادة الخام لأفكارك. وحين تدخل فى منافسة مع شخص آخر قل: أنا كفء لأكون الأفضل، ولا تقل لست مؤهلا، اجعل فكرة (سأنجح) هى الفكرة الرئيسية السائدة فى عملية تفكيرك. وهنا أشير إلى أن التفكير بالنجاح يهيئ عقلك ليعد خطط تنتج النجاح، أما التفكير بالفشل فهو يهيئ عقلك لوضع خطط تنتج الفشل. لذلك احرص على إيداع الأفكار الإيجابية فقط فى بنك ذاكرتك، واحرص على أن تسحب من أفكارك إيجابية ولا تسمح لأفكارك السلبية أن تتخذ مكانًا فى بنك ذاكرتك.
وفى النهاية لابد أن تعرف أننا عندما نضع أهدافا وننفذها فإن ثقتنا بأنفسنا تزيد مهما كانت بساطة هذه الأهداف، سواء على المستوى الشخصى، أو على صعيد العمل، وفى طريقك لتحقيق أهدافك لابد أن تقبل تحمل المسئولية، فهى تشعرك بأهميتك، تقدم ولا تخف، اقهر الخوف فى كل مرة يظهر فيها، افعل ما تخشاه يختفى الخوف، كن إنسانًا نشيطًا، اشغل نفسك بأشياء مختلفة، استخدم العمل لمعالجة خوفك، تكتسب ثقة أكبر.
حدث نفسك حديثًا إيجابيًا، فى صباح كل يوم وابدأ يومك بتفاؤل وابتسامة جميلة، واسأل نفسك ما الذى يمكننى عمله اليوم لأكون أكثر قيمة؟ تكلم! فالكلام فيتامين بناء الثقة، ولكن تمرن على الكلام أولا. حاول المشاركة بالمناقشات واهتم بتثقيف نفسك من خلال القراءة فى كل المجالات، كلما شاركت فى النقاش تضيف إلى ثقتك كلما تحدثت أكثر، يسهل عليك التحدث فى المرة التالية ولكن لا تنسى مراعاة أساليب الحوار الهادئ والمثمر. اشغل نفسك بمساعدة الآخرين.
تذكر أن كل شخص آخر، هو إنسان مثلك تماما يمتلك نفس قدراتك ربما أقل ولكن هو يحسن عرض نفسه وهو يثق فى قدراته أكثر منك. اهتم فى مظهرك ولا تهمله، لأن المظهر هو أول ما تقع عليه العين. ولا تنسى الصلاة وقراءة القرآن الكريم لأنهما يمدان الإنسان بالطمأنينة والسكينة، كما أنهما يذهبان الخوف من المستقبل، ويجعلان الإنسان يعمل قدر استطاعته ثم يتوكل على الله فى كل شىء.
