جاء قرار لجنة الخمسين المنوط بها تعديل الدستور بحظر إنشاء الأحزاب على أساس دينى، ليتم تعديل المادة 54 فى الدستور الجديد لتكون "للمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية بإخطار ينظمه القانون، ولا يجوز قيامها أو مباشرتها لنشاط سياسى قائم على نظام دينى، أو أن تقوم بنشاط سرى أو التمييز بين المواطنين، ولا يجوز حلها إلا بحكم قضائى"جاء بمثابة الضربة الموجعة لتيارات الإسلام السياسى خاصة قبل الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها أوائل العام القادم.
لاشك فى أنه قرار صائب بكل المقاييس، طال انتظاره طويلا وأعتقد أنه سيزيد من عزلة الإسلاميين وأحزابهم التى اكتشف المصريون بمرور الوقت أنها ليست أحزاب بالمعنى الحقيقى، ولكنها تتكون من مجموعة من الميليشات تفرق المواطنين ولا توحدهم وتمييزهم على أساس الدين والعقيدة والجنس والنوع، برامجها وأهدافها غير واضحة المعالم، ومسؤوليها والقائمين عليها ليس لديهم أى حس سياسى أو خبرات حزبية تؤهلهم لإدارة دولة أو حتى حى من الأحياء، وثبت أخيرًا أن كثيرًا من الجرائم التى تم ارتكابها بعد ثورتى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 كانت هذه الأحزاب مسئولة عنها، وقيادتها الآن إما محبوسين بتهم التحريض على القتل والعنف، وإما مطاردين وصادر بحقهم أمر ضبط وإحضار.
لقد كان الخطأ الذى وقع فيه المجلس العسكرى السابق هو السماح بإنشاء أحزاب على أساس دينى، فقد تم انشاء حوالى 10 أحزاب على أساس دينى – أو بمرجعية دينية اسلامية - بعد ثورة 25 يناير، كان من أبرزها حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة) وحزب النور وحزب الوسط، وحصلوا على الأغلبية فى مجلسى الشعب والشورى، وحتى أول رئيس جمهورية منتخب فى تاريخ مصر كان من التيار الدينى.
وجاء الأداء الكارثى الهزلى لنواب التيار الإسلامى تحت قبة البرلمان والذى شاهده المصريون والعالم أجمع، ثم جاءت الطامة الكبرى بما فعله الرئيس السابق محمد مرسى بأداء أكثر عبثية وكارثية وفى إهانة واضحة لمنصب رئيس جمهورية مصر العربية، أعلى منصب فى البلاد. الأمر الذى اضطر المصريون معه إلى الثورة على التيارات والأحزاب التى تدعى باطلاَ وزورًا انتماؤها إلى الدين وهو منهم براء، ورفضهم إلى كل من يخلط الدين بالسياسة أو استغلال الدين فى العمل السياسى.
ولأن العمل السياسى والحزبى متاح ومفتوح للجميع بما فيهم الإسلاميين أنفسهم، ولأن مصر الجديدة لا يوجد فيها إقصاء أو استبعاد لأى فصيل أو تيار مهما كانت توجهاته، فعلى الأحزاب "الدينية" القائمة أن توفق أوضاعها فى الحال وتغير من مفاهيمها وأفكارها وتعدل من برامجها وأهدافها لتصبح أحزاب سياسية مدنية فقط لاغير، لا تفرق بين مواطن وآخر على أساس دينه أو جنسه، ولتواكب التغييرات الديمقراطية التى أعقبت ثورة 30 يونيو بعد انتهاء حكم الإخوان المستبد، فالمصريون لن يقبلوا بعد الآن بأى فاشية جديدة فى أى صورة كانت سواء سياسية أو عسكرية أو دينية.
حزب الحرية والعدالة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة