"قلب السويس النابض وقاموس تاريخى يتحرك على الأرض" بهذه الكلمات يمكنك أن تصف محمد أحمد غزالى الشهير بـ"الكابتن غزالى" أحد أبطال المقاومة الشعبية بالسويس، ومؤسس فرقة أولاد الأرض الذى قاوم الاحتلال الإسرائيلى بالسويس ومدن القناة بالغناء على السمسمية لرفع الروح المعنوية للجنود منذ نكسة 1967، حتى انتصار أكتوبر 73.
من الوهلة الأولى عندما تنظر لغزالى البالغ من العمر 85 عاما تشعر أنك فى حضرة فيلسوف، فهذا الفدائى الذى ابتدع نوعا من المقاومة ضد الاحتلال بالغناء والشعر له رؤيته الخاصة فى الأحداث التى تمر بها مصر يجيب على السؤال بدلالة تاريخية من الواقع المصرى، يلقبه بعض الشعراء بالقديس ويرى كثيرون أن غزالى قيمة تاريخية وفنية وشعرية لم تهتم بها لدولة ولم يتم الاستفادة بها.
غزالى الذى اشترك فى ثورة 25 يناير ثم قام بالتوقيع على استمارة حملة تمرد لسحب الثقة من مرسى، ويؤكد أن الوضع فى مصر لم يتغيرفى عهد الإخوان ومصر كما وصفها- "راجعة لورا".
توجه "اليوم السابع" إلى غزالى للاحتفال معه بالذكرى الـ40 لحرب أكتوبر والانتصار العظيم على العدو الصهيونى وكيف يرى مصر خلال السنوات الماضية وما يتوقع مستقبلا.
فى البداية أكد غزالى أنه حتى الآن مازال يشعر بمرارة لإهمال الدولة الفدائيين والأبطال وعدم رعايتهم، موضحا أن البطل أو الفدائى لا يريد مالاً أو تكريم معنوى يريد من الدول رعايته فلا يعقل بطل مثل عبد المنعم قناوى بالسويس يعانى من مشاكل صحية والدولة تهملة ولا يعقل أن الدولة تتذكر الفدائيين وأبطال المقاومة الشعبية فى أحداث أكتوبر كل عام، وكأنهم أبطال موسميين نتذكره فى موسم معين وننساهم باقى العام.
وأضاف غزالى: "الشعب المصرى لم يحصد أى شىء من أكتوبر، فالانتصار تحول لمكاسب سياسية وتجارية لفئة معينة ولم يشعر الشعب، والأجيال التى خرجت بعد حرب أكتوبر مشوهة لم تشعر بشىء، لا يوجد أندية وأى وسائل ترفيه، وتم قمع الشعب وتغيبه فخرج الأفاقين والكذابين وأصبح المجتمع ملئ بهذه الفئات.
أضاف أن المحاولات الأخيرة فى ثورة يناير و30 يونيه محاولات من شباب الثورة لتغيير الشعب وجعله أكثر فعالية ونسعى إلى ذلك جميعا.
وتابع: "أن ما حدث فى 30 يونيه ثورة حقيقية، ولا توجد حياة سياسية بعد الثورة بسبب ضعف الكيانات السياسية، مؤكداً أن الشعب تعود على ثقافة خاطئة".
وبالحديث عن الفريق أول عبد الفتاح السيسى، قال "غزالى" إن الشعب المصرى صنعه زعيماً، موضحا أن الشعب المصرى على مدار التاريخ يصنع الزعماء ليكونوا رمزاً له ويكون هو الفارس لحمايتهم والمنقذ، كما حدث مع جمال عبد الناصر وغيرها من الرموز الوطنية فالشعب يبحث دائما عن الزعماء.
وعن جبهة الإنقاذ، أضاف "غزالى": "أعضاء جبهة الإنقاذ بالرغم أن من بينهم تلاميذى وأصدقائى، ولكنهم ضعفاء، ولو قرروا دخول انتخابات مجلس الآباء سيهزمون، ولذا فالوضع السياسى فى مصر متدهور ويحتاج لوجوه جديدة وقوية".
وأضاف غزالى أنه يمكن وصف حال مصر حاليا بقصيدة "يا مصر يا ندهتى فى الضيق.. وغنوتى ع الريق.. عاشقك حقيقى.. عاشقك أمل وطريق.. ناقشك على زنودى بيارق نصر.. مهما تدور الدواير الكل فانى.. وأنتى اللى باقية يا مصر".
وعن قوة الشعب المصرى ومحاولة الصد عن الغزاة ومقاومة الاحتلال وتاريخ المقاومة الشعبية وتأسيس فرقة الأرض قال الكابتن غزالى، لابد أن نعرف أولا أن الشعب المصرى عظيم، وللأسف حتى الآن لم يتم كتابة بطولات هذا الشعب الصامد الذى واجه النكسة، بكل صمود وكبرياء حتى يعبر هذه المحنة، والسويس مدينة مصرية للنخاع، ويعيش بها كل الأطياف من جميع قرى ونجوع مصر، وأعتقد أن هذه التركيبة وموقفها التاريخى على مر العصور منحت هذه المحافظة ميزة التحدى.
وأضاف غزالى، أما عن مرحلة التهجير عقب النكسة كانت شىء ضرورى، واضطرت الحكومة لذلك بعد أن قام العدوان بالضرب المباشر فى البيوت والأهالى، واضطرت الحكومة أن تلغى الدراسة.
وتابع الكابتن غزالى، قائلاً: "أتذكر أننى كنت أتجول فى شوارع المدينة عقب النكسة مباشرة، ونظرت ووجدت لافتة على أحد محلات الحلاقة مدون عليها يوم 6 يونيه افتتاح الفرع الثانى فى تل أبيب، وهو ما جعل النكسة قاسية بشكل كبير على شعب السويس العنيد".
ومن هذه النقطة تحديداً كما قال الكابتن غزالى، تولدت فكرة المقاومة، فالنكسة كانت كفيلة أن تنهى أمما غير مصر، ولكن شباب السويس، كان يريد الخروج من هذه المحنة، لذلك اعتمد على روح المغامرة، فكان يذهب الشباب إلى سيناء عن طريق الفلايك أو عن طريق السباحة، ويقومون بإسعاف ومساعدة المجندين على الجبهة.
وأضاف بطل المقاومة الشعبية، بدأنا نلتفت هنا إلى أهمية، اللعب على العامل النفسى فى ذلك الوقت، فالجنود الإسرائيليون على بعد بعض خطوات وقريبون جدا منا، فكنا نذهب ونقوم بالتصفيق والحركة على الحدود حتى يشعر العدو أن هناك أعدادا كبيرة على الحدود، وفى ذلك الوقت توافد على السويس المئات من قرى مصر، وكان دورنا كيف نستطيع أن لا نجعل هؤلاء القادمين لا يشعرون بالملل، فكرنا أنا وزملائى فى إنشاء فرقة، وأطلقنا عليها "بطنيه ميرى"، وتم تغيير اسمها بعد ذلك إلى أولاد الأرض، لرفع الروح المعنوية للجنود، وبدأنا نستلهم الأغانى المحفوظة، ونغير فى كلماتها ونرددها للجنود وحتى تلك اللحظة،لم يكن لدى أى علاقة بالفن والشعر وكنت آنذاك مدربا رياضيا، حيث شاركت ببطولة العالم فى الخمسينيات حتى قمت بتأسيس الفرقة.
وكانت أولاد الأرض فى تلك الفترة بمثابة نشرة أخبار، وإذاعة أغانى للمجندين ومرثيات للفدائئن كنا نردد "اتعلمنا منك كيف الموت ينحب.. واتعلمنا منك وقت الشدة نهب.. واتعلمنا ندوس الصعب.. نمد الخطوة ندق الكعب.. واتعدونا شهيدك يبقى عريس.. واتعدونا اليوم الكاكى ونوم يا أغلى مدينة وناس ينباس ترابك ينباس يا سويس".
وأضاف أن هذه الأناشيد والأحاديث كانت مهمة جدا للجنود، وحتى كنا نزف بها الشهداء لقبورهم، وكان ذلك له أثر كبير للأبطال الذين كنت أقودهم بالغناء والأشعار، نحن كنا بالفعل جيشا ثانيا للجيش بالجبهة، كنا نحرس المنشآت طول اليوم، نخدم القوات التى فى المقدمة، ونغنى ونرقص ونلعب الكرة، وأقمنا مسرحا وفرقا فنية، وذلك ساهم بشكل كبير جدا فى رفع الروح المعنوية للجنود وكسر حالة الخمول والملل، وكنت واحدا من الناس الذين تنبهت بضرورة هذا الفن كسلاح.
ويرى الكابتن غزالى، أن هناك شيئا مشتركا يجمع مابين ثورة يناير، وانتصار 37 وهزيمة 67، وهذا الشىء هو أرواح الشهداء، التى اختصها الكابتن غزالى بتحية خاصة، قال فيها: "مليون سلام بطول الأرض وبعرض السما للى بدمائهم نقشوا سطور الملحمة، مسك.. مسك يا ريح الشهيد طالع من روبا الجنة فواح فوق جبين مصر العظيمة الملهمة، هدير حمام الحما تراتيل، أساميكم يا نن عين الوطن قلبوا يناديكم، صلى الحمام وانجلى الله يجازيكم.. الله يجازيكم".
أما ثورة يناير وميدان التحرير، فكان لها نصيب خاص من شعر الكابتن غزالى منها: "25 يناير يا مسطر بالدماء.. يا نبض قلب شعبى وصدقوا على الفداء.. طلعه.. يا مصر طلعه على مين يعاديكى.. ولعه ديسه على من تكبر.. الله وأكبر الله على كل طاغى.. دايما يا مصر أكبر.. وأقوى من كل طاغى الله أكبر".
الكابتن "غزالى" أحد أبطال المقاومة الشعبية بالسويس: كونت فرقة "أولاد الأرض" لرفع الروح المعنوية للجنود.. والدولة تهمل الأبطال.. ويؤكد: "السيسى" زعيم صنعه المصريون.. ومصر تحتاج إلى وجوه جديدة
الجمعة، 04 أكتوبر 2013 12:59 م
الكابتن غزالى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سويسي وأفتخر
حلوى اووووووي يا كمال
فوووووووق .. :)
عدد الردود 0
بواسطة:
عمار الارض
رائع