محمود سعد الدين يكتب: خطايا لجنة الخمسين لإعداد التعديلات الدستورية

الخميس، 31 أكتوبر 2013 06:09 ص
محمود سعد الدين يكتب: خطايا لجنة الخمسين لإعداد التعديلات الدستورية محمود سعد الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى نوفمبر 2012 كانت الجمعية التأسيسية لوضع الدستور برئاسة المستشار حسام الغريانى أمام مأزق كبير، هو ضرورة الانتهاء سريعًا من صياغة مواد الدستور، وطرحها للاستفتاء، خوفًا من حكم يصدر من القضاء الإدارى يقضى بحل الجمعية وبطلان أعمالها، وهو الأمر الذى دفع اللجنة لعقد جلسات مسائية امتدت حتى ساعات متأخرة من الليل لعدة أيام متتالية، ووقتها لم يهدأ المجتمع المصرى، وثار اعتراضًا على مناقشات دستور مصر بعد منتصف الليل، واقترن دستور الإخوان بوصف «دستور نص الليل».

مرت الأيام وسقط الإخوان وتعطل العمل بدستور الغريانى، وتولى عمرو موسى رئاسة لجنة جديدة لإعداد التعديلات الدستورية، أملًا فى تصحيح الأخطاء التى ارتكبتها الجماعة فى الدستور المصرى، وتحقيق روح التوازن الحقيقية المعبرة عن كل أطياف الشعب المصرى، غير أن لجنة الخمسين برئاسة عمرو موسى وقعت فى المصيدة نفسها التى وقع فيها الإخوان، وكررت الأخطاء نفسها باختلاف المسميات، فبدلاً من أن تنتج دستور «نص الليل»، تطبخ حاليًا دستور «الغرف المغلقة».

مصطلح «الغرف المغلقة» هنا ليس تحاملًا على لجنة الخمسين، لكن هو الوصف الحقيقى للمرحلة الأهم فى تاريخ إنتاج الدستور المصرى بعد ثورة 30 يونيو، فقبل أسبوع وتحديدًا مع بدء الجلسات الأكثر سخونة فى الدستور المتعلقة بالتصويت على المواد، اتخذت لجنة الخمسين قرارًا مركبًا بعدم إذاعة الجلسات على التليفزيون المصرى، ومنع دخول الصحفيين أو الإعلاميين لحضور المناقشات.

قرار المنع قد يكون احترازيًا وله وجاهته من قبل أعضاء اللجنة، لكن على مستوى الشارع المصرى والمواطن البسيط فله تداعيات سلبية سيئة، خاصة أن اللجنة نفسها لم تجب حتى الآن عن الأسئلة الأساسية التى تأسست اللجنة من أجلها رغم مرور 50 يومًا على بدء عمل الخمسين.

أحد أهم تلك الأسئلة هو نظام الحكم فى مصر، وهل سيكون نظامًا رئاسيًا كاملًا أم برلمانيًا أم نظامًا مختلطًا. وعلى الرغم من عدد الساعات الطويلة فى المناقشات فى اللجان النوعية بلجنة الخمسين فإن التصريحات تخرج متضاربة من الأعضاء والمتحدث الرسمى. فيما يعد النظام الانتخابى هو السؤال الثانى المحير، فلا نعرف هل سيكون نظامًا فرديًا أم قائمة أم نظامًا مختلطًا يجمع بين الفردى والقائمة، وعلى أى أساس يتم الوقوف على نظام من بين الأنظمة الثلاثة. واللافت أن المناقشات فى الخمسين عن النظام الانتخابى لا تتعلق بفكر سياسى فى الاختيار، بل تتعلق بمصالح أحزاب وشخصيات سياسية ممثلة فى اللجنة.

الأزمة الأكبر والسؤال الثالث هو وضع مجلس الشورى سابقًا أو مجلس الشيوخ حاليًا أو الغرفة الثانية من غرف البرلمان مهما كان المسمى، فحتى الآن لم نعرف هل الخمسين ستبقى على مجلس الشورى وتمنحه صلاحيات تشريعية أم ستبقيه دون صلاحيات تشريعية أم ستلغيه تمامًا.

المناقشات حول الإبقاء على الشورى أو إلغائه تصيبك بالإحباط، فلك أن تعلم أن سامح عاشور قال فى إحدى المناقشات إن الإبقاء على الشورى هو الأفضل، لأن الشورى سيعطيهم مساحة كبيرة لتعيين شخصيات لن تحظى بالفوز فى الانتخابات البرلمانية، والشورى سيعطيهم الفرصة لإعداد التوازن بين تمثيل طبقات المجتمع فى المجالس البرلمانية، بمعنى أنه إذا كان عدد الأقباط قليلا فيتم تعيين أقباط، وإذا كان عدد الشباب قليلا فيتم تعيين شباب.
لك أن تعلم أن الفكر السياسى وراء الإبقاء على مجلس الشورى لدى إحدى قيادات لجنة الخمسين هو فكر «توزيع التورتة على الحبايب»، بعيدًا تماما عن أى رؤية فلسفية فكرية لدور مجلس عريق مثل مجلس الشورى فى الشأن المصرى إذا ما تمت إعادة هيكلته بصورة تواكب الواقع.

السؤال الرابع هو موقف نسبة العمال والفلاحين %50، ويكفيك قولا إنه رغم مخالفة النسبة لكل القواعد الدستورية فإن اللجنة تناقشها، وقد تسير نحو إقرارها. والإقرار هنا يعكس أن بنود الدستور لا تعبر بالأساس عن فكر سياسى فقط، لكن تعبر عن مصالح سياسية يراعيها أعضاء لجنة الدستور، وهو نفس ما تم بدستور الإخوان. وأتذكر فى إحدى الجلسات المسائية فى الأسبوع الأخير فى الجمعية التأسيسية وقف الدكتور خالد الأزهرى، القيادى الإخوانى، وزير القوى العاملة السابق، مع الدكتور محمد البلتاجى، والدكتور عصام العريان، والمهندس أبوالعلا ماضى، وقال لهم بالنص: «لابد من إقرار نسبة العمال والفلاحين وإدراجها فى الدستور بأى صيغة حتى لو كانت فى الأحكام الانتقالية»، وهو ما تم بالفعل، وتم إدراج النسبة فى الدستور رغم كل المناقشات السابقة لتلك الجلسة طيلة 3 أشهر.

الشاهد أنه مع اقتراب مرور شهرين على أعمال اللجنة فإنها لم تستطع الإجابة عن أسئلة فى قضايا أساسية تشغل بال المواطن المصرى، إضافة إلى قيامها بفرض السرية على أعمالها فى جلسات مغلقة بما يضاعف من الغموض الذى يفقد المواطن الثقة فيها، وينتج فى النهاية ضعف التصويت فى الاستفتاء على الدستور.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة