محمود الخطيب.. بيبو كما يلقبه عشاقه.. اسم غنى عن التعريف فهو أسطورة كرة القدم المصرية على مدار تاريخها.. أعطى للكرة الكثير فأعطته الكرة حب الجماهير، بزغت موهبته فى نادى النصر، الذى يلعب بالدرجة الثانية، وسطع نجمه بالقلعة الحمراء، التى انتقل لها وهو فى السادسة عشر من عمره.
على الرغم من اعتزال بيبو للكرة منذ 25 عاماً، إلا أن الملاعب المصرية لم تشهد ميلاد موهبة فذة مماثلة له، حيث حظى بموهبة غير عادية، ونجح فى حفر اسمه بأحرف من نور فى سجلات الكرة المصرية والعربية والأفريقية.
واحتفل الخطيب بعيد ميلاده الـ59 أمس الأربعاء، بعد رحلة عطاء طويلة مع الساحرة المستديرة، أبقته حتى وقتنا هذا أسطورة للكرة المصرية، للأجيال التى عاصرته، وللأجيال التى لم تشاهده، بل سمعت بموهبته الخارقة فقط.
بدايته:
ولد الخطيب فى قرية قرقيرة التابعة لمركز أجا بمحافظة الدقهلية، وانتقل منها مع أسرته للعيش بالقاهرة، وتحديدًا بمنطقة عين شمس، وبدأ من خلالها لعب الكرة، وأذهل كل من شاهدوه، وتنبئوا له بمستقبل باهر مع عالم كرة القدم، بدأ بيبو مسيرته الكروية بنادى النصر بمصر الجديدة، وهو فى الخامسة عشر من عمره، ولمع اسمه كموهبة فذة من خلال مشاركته فى دورى المدارس مع المدرسة الرياضية.
حلم الصبى يحسم انتقاله للأحمر:
ولولع بيبو بحب الأهلى منذ الصغر، كان يحلم باللعب للأحمر، فقد كان يحرص على مشاهدة مباريات الأهلى من الاستاد، ولذلك كان من الطبيعى أن يفضل الانتقال للنادى، الذى تربى على حبه منذ الصبا، وساعده على تحقيق حلمه النصيحة التى قدمها الكابتن الشيوى لوالد بيبو، بعدما استطلع رأيه، وأكد له الشيوى أن الأهلى هو الأفضل، كما لعب فتحى نصير، الذى كان يدرب الخطيب فى المدرسة الرياضية، دورًا فى انتقاله لقلعة الجزيرة، الذى عرض عليه الأمر ووافق الخطيب على الفور، رغم تمسك النصر به، إلا أن بيبو تمرد على رغبة ناديه من أجل تحقيق حلم الصبا، حيث ظل الأسطورة يتدرب مع الأهلى لمدة عام كامل حتى رضخ مسئولو النصر لرغبته فى الانتقال لقلعة الجزيرة، وكان عمره 16 سنة حينها.
مسيرته مع الأهلى:
لعب بيبو مع فريق 18 سنة بالأهلى فور الانتقال إليه، وكان أول ظهور له بالقميص الأحمر أمام فريقه السابق النصر، وبدأ اسمه فى الظهور بعد مساهمته مع فريقه فى الفوز على شباب الزمالك7/1، أحرز منهم ثلاثة أهداف، وصعد بعد ذلك للفريق الأول، ويلعب أولى مبارياته الرسمية أمام البلاستيك يوم 15 أكتوبر لعام 1972، وسجل خلالها أول أهدافه، التى كانت بداية انطلاقته مع الساحرة المستديرة، وتوالت أهدافه فى الدورى حتى وصلت إلى 108 أهداف قبل اعتزاله الكرة، سجلها فى 199 مباراة على مدار 17 سنة تألقا مع الكرة.
مشواره مع الكرة:
لعب الخطيب طوال مشواره 266 مباراة منها 199 فى الدورى، و18 فى كأس مصر، و29 فى بطولة أفريقيا للأندية أبطال الدورى، و20 مباراة فى بطولة أفريقيا للأندية أبطال الكؤوس، ووصل إجمالى أهداف الخطيب على مدار تاريخه الكروى إلى 154 هدفا، منها 9 أهداف فى كأس مصر، و36 هدفا فى بطولات أفريقيا، و27 هدفا مع المنتخب الوطنى، ما بين مباريات رسمية وودية، والباقى سجلها فى مسابقة الدورى.
أهم ألقابه:
حصل الخطيب على العديد من الألقاب المحلية والدولية، منها لقب أحسن لاعب، ولقب أحسن هداف، ولقب أحسن أخلاق، حيث إنه لم يحصل طوال حياته الكروية إلا على إنذار وحيد، وهو المصرى الوحيد الذى حصل على الكرة الذهبية عام 1983، وهى الجائزة التى تمنحها مجلة "فرانس فوتبول" لأحسن لاعب فى أفريقيا.
أفضل الذكريات إلى قلبه:
يعتز الخطيب بكل المباريات التى لعبها، خاصة التى سجل فيها أهدافا، ولكن أحب المباريات إليه هى مباراة الأهلى وأشانتى كوتوكو الغانى فى نهائى بطولة أفريقيا للأندية أبطال الدورى عام 1982، والتى سجل فيها هدفا، بمدينة كوماسى معقل قبائل الأشانتى، وأهدى الأحمر أول بطولة أفريقية، على الرغم من أنه كان مصابا فى عظمة الوجه، وتغلب على هذه الآلام بوضع منديل مخدر على "الخد" طوال المباراة.
بيبو.. ضحية الكورتيزون:
الخطيب الذى صار محل قلق لكل الفرق المنافسة للأحمر، وأصبح صداعا فى رأس المدربين، بسبب لدغاته وتحركاته الدائمة داخل الملعب، والتى تسببت فى إرهاق المدافعين، عانى من الإصابات كثيرًا، التى كانت ضريبة موهبته الفذة، ولكونه كان رجل المواقف الصعبة فى المباريات الحساسة، لذا لجأ هيديكوتى، المدير الفنى للأهلى وقتها، والذى كان يعتمد عليه بصفة أساسية لحقنه بمادة الكورتيزون، حتى يعود سريعًا للملاعب، والتى كانت من ضمن الأسباب التى عجلت باعتزال بيبو، بسبب تحامله على نفسه فى المباريات، ويتضرر منها حتى وقتنا الحالى.
تضحيات بيبو:
لم يبخل بيبو على فريقه سواء كان معافا أو مصابا، فكان يلبى النداء وقت الحاجة إليه لحسم نتيجة اللقاءات الصعبة لصالح فريقه، ومن ضمن هذه المواقف، أنه شارك مع فريقه أمام الزمالك فى نهائى كأس مصر عام 1978 وكان فريقه مهزوما 2/1 فى الشوط الثانى، وكان يجلس بجانب مدربه هيديكوتى ودرجة حرارته مرتفعة، إلا أنه تحامل على نفسه وشارك فى اللقاء، وسجل هدف التعادل ثم أضاف جمال عبد الحميد وطاهر الشيخ هدفى الفوز، لتنتهى المباراة 4/2، ويفوز الأهلى بالبطولة.
بيبو.."الكوبرا":
اشتهر بيبو بلقب الكوبرا، وهو الاسم الذى أطلقه عليه الراحل نجيب المستكاوى، بسبب لدغاته وأهدافه القاتلة داخل الملعب، حيث كان الخطيب يحرز أهدافا من زوايا صعبة ومن أماكن مختلفة وبلمسات مهارية.
اللحظة التى شهدت أفول مسيرة العطاء:
فى لحظة فارقة من لحظات الزمن، التى توقفت عندها مسيرة العطاء والموهبة التى أعطت الكثير للكرة، والتى نزلت كالصاعقة على قلوب الجماهير الحمراء، وهى اللحظة التى لم تكن تتمناها ملايين المصريين الذين عشقوا هذا اللاعب، إنه قرار الاعتزال فى مباراة تجمع فيها أكثر من 120 ألف متفرج ملئوا جنبات استاد القاهرة، وحاول الخطيب توجيه كلمات الشكر والعرفان قبل أن يفصح عن قراره، إذ بالجماهير تناديه وتقول.. " لا يا بيبو لا.. لا يا بيبو لا" وإذا به وقد ذرفت عيناه بالدمع لا يستطيع قول أى شىء إلا كلمة ألف شكر.. ألف شكر.. ألف شكر.. ألف شكر.. ليغلق كتاب مسيرة عطاء طويلة مع الملاعب.. ويخلد أحلى ذكرى كروية فى قلوب عشاقه ومحبيه بقيت حتى وقتنا هذا.
ساهم الخطيب فى إسعاد الجماهير المصرية عامة والجماهير الحمراء بصفة خاصة، حيث كان مصدر السعادة للجمهور الأهلاوى، لمساهمته الفعالة فى إضافة الألقاب المختلفة لـ"الفاترينات" الحمراء، وعلى الرغم من طول فترة غيابه عن الملاعب، إلا أنه كان ولا يزال الأسطورة التى لم يأت من يزيحها عن قلوب عشاق الساحرة المستديرة.
ويتوجب علينا رد جزء من الجميل لبيبو عن رحلة العطاء التى قدمها وأسعدنا على مدار 17 عامًا، هى تاريخ مسيرته بالملاعب، لذا حق علينا أن نحتفل ونذكر الأجيال الجديدة بقيمة وقامة الأسطورة، التى فَتحت فى ملاعب مصر.
بيبو.. "أسطورة الكرة".. مصدر الفرحة للجماهير الأهلاوية ورجل المهمات الصعبة.. لُقب بـ"الكوبرا" بعد مسيرة "عين شمس ـ الجزيرة".. ومشوار الـ154 هدفا
الخميس، 31 أكتوبر 2013 02:36 ص