أكد السفير التركى بالقاهرة حسين عونى بوصطالى، أن تاريخ مصر وتركيا متوازيا رغم الاختلافات، وخلال الألفية الماضية، عكف كل من البلدين على إثراء أحدهما الآخر حتى العصر الحديث.
وأضاف عونى بوصطالى فى كلمته التى ألقاها بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ90 لتأسيس الجمهورية فى مقر إقامته، أنه شرف له أن يمثل تركيا لأربعة أعوام متتالية كسفير لها فى مصر، مضيفا أن اليوم هام للغاية بالنسبة للأتراك، وذلك لأننا أصبحنا أقرب عشرة أعوام إلى الوصول إلى قرن من الزمان على تأسيس دولة من رماد إمبراطورية منهارة إلى جمهورية برلمانية ديمقراطية .
ومضى يقول إن تركيا ومصر كانتا أعمدة لأمبراطورية، اتسعت لتشمل ثلاث قارات، ونحن فخورون بماضينا، ونعترف بأن لدينا إرثا إمبراطوريا، ولكننا فخورون بأننا ليس لدينا إرث استعمارى، المصريون والأتراك كانوا حراسا على ضفتى شاطئ البحر المتوسط من الشمال والجنوب، حتى أن رمسيس الثانى، الفرعون المصرى عندما وقع أول معاهدة سلام فى التاريخ، تزوج أحد بنات أناتوليا التركية، ونحن فخورون أن لدينا علاقة نسب، وعلاقة دم مع مصر، وفخورون للغاية أن هذا الدم يوحد ويكمل ولا يميل للمواجهة والفرقة، وتركيا أصبحت ديمقراطية وليدة منذ بداية القرن الواحد والعشرين، والدولة رقم 17 من حيث أكبر الاقتصاديات فى العالم، ومصر تحتل المرتبة الـ38، وهدفنا أن نحتل المرتبة العاشرة، لنكون ضمن أكبر عشر دول حول العالم من حيث الاقتصاد بحلول 2023 (بعد قرن من تأسيس الجمهورية)، ولكننا لا نضطر للانتظار كل هذا الوقت، لأننا كشريكين إستراتيجيين، تركيا ومصر بحجم سوقيهما معا وبإجمالى حجم الإنتاج القومى يشكلان المرتبة الـ12 على المستوى الاقتصادى الإقليمى.
وأضاف السفير، أنه عندما يسألنى أصدقائى، عن الأوقات الصعبة واختلافات الرأى فيما يتعلق بالمشهد السياسى والانقسامات التى تشهدها العلاقات المصرية التركية، إلا أن المصالح الاقتصادية للدولتين متقاربة، لأن مصر وتركيا لا يتنافسان معا، وإنما يكملان بعضهما.
وأضاف أن مصر كأقدم حضارة عرفها العالم، وكأم الحضارات، وتركيا كأحد أقدم الحضارات، نحن نشكل أحد أغنى المناطق فى العالم من ناحية الإرث الحضارى والثقافى، فنحن لا تجمعنا فقط علاقات دم، وإنما نشترك فى نفس الدين والتاريخ طيلة الألف عام الماضية، وربما فى أوقات من الألفية، لم تكن العلاقات فى أوجها، ولكن ما يدعو لفخرنا هو أن مصر المعاصرة كانت مهدا للإصلاح منذ عهد محمد على باشا.
وأوضح السفير التركى إن كل عمليات المخاض تكون دائما مؤلمة للغاية للأم، ولكنها غالبا ما تستحق الألم، ومصر تمر بمرحلة ثورة لا رجعة فيها، أبهرت العالم منذ 25 يناير 2011 مرورا بـ11 فبراير، حيث تصدرت مصر جميع أجندات العالم السياسية والعلاقات الدولية، وأظهر الشعب المصرى للعالم أجمع أنه يريد مستقبلا لائقا محترما مزدهرا، به حريات وعدل أكبر، صارخين بأعلى صوتهم أيضا العالم الإسلامى والمواطنين المسلمين والشعوب الإسلامية يستحقون الديمقراطية وأفضل أساليب الحكم، وليس أقل من أى دولة أخرى، وحينا أشدنا ودعمنا مصر والمصريين.
وأضاف أن مصر تمر ببعض الاضطرابات والشغب، إلا أننا على ثقة أنها ستترك هذه الأوقات خلفها وتجد استقرارها، ولن تصبح فقط مستقرة وقوية، وإنما ستضع نموذجا للديمقراطية والتجديد والإصلاح وإعادة الهيكلة والإعمار، وستجد لنفسنها مكانة رائدة ليس فقط للعالم العربى وإنما لأفريقيا والبحر المتوسط والشرق الأوسط وما وراء ذلك، وكقوة حضارية تمتلك إرثا غنيا، مصر قادرة على تحقيق الاعتدال والسلام والمصالحة ليس فقط لنفسها ولكن للعالم أجمع.
وتركيا تؤمن بإمكانية إعادة ميلاد مصر وتقدمها على طريق العدالة والحرية والديمقراطية، وعليها أن تتحمل مشقة المخاض رغم صعوبته، ونؤمن أنه رغم الآلام التى يمر بها أشقاؤنا المصريون، إلا أنهم سيتجاوزن هذه المرحلة، وسيضعون مسارهم للمستقبل بقوة إرادتهم، وهناك مصر واحدة، وهى موحدة وهى هامة للغاية وإستراتيجية لنفسها ولأقريقيا وللعالم العربى وللأمة الإسلامية والشرق الأوسط، وبالطبع مهمة وأكثر إستراتيجية للحوار بين الحضارات.
أما الشراكة المصرية التركية، فى دعوة القرن والألفية، باستطاعتها أن تقرب الحضارات بدلا من تفريقها، ومصر وتركيا تقفان نموذجا للاعتدال، ولجسر الخلافات والحوار والتوصل إلى التسوية والمصالحة، ولهذا أثق أن التوترات والانقسامات الحالية مؤقتة، وغدا ستكون العلاقات بين الدولتين أكثر قوة وصحة من أى وقت مضى.
وأعلن السفير التركى أنه رغم ما قيل وكتب عن الخلاف مع تركيا خلال الأشهر الماضية، إلا أن إحصائيات الثمانية أشهر الأولى من العام الحالى، تؤكد أن العلاقات لا تزال مستقرة ومستمرة فى النمو، والصادرات المصرية لتركيا زادت بنسبة 20 %، وهذا إن دل على شىء، يدل على مدى التكامل بين البلدين.
ومضى يقول: "طلب منى الرئيس التركى أن آتى مجددا إلى مصر، لأكون شاهدا على المرحلة الثانية من الفترة الانتقالية، والتى أتمنى أن توجه دفة مصر مرة أخرى نحو مسار الديمقراطية والتصالح، وأعتقد وأتمنى أن جميع المصريين والقادة من الجانبين وجميع أطراف المجتمع يمتنعون عن جميع أشكال العنف، سواء ضد المسلمين أو المسيحيين أو الكنائس أو المساجد أو أجهزة الدولة، لا يريد أحد فى مصر أن يضر المصريون مصلحتهم الوطنية، والآن الوقت المناسب ليفعل الجميع ما يستطيع لبناء ديمقراطية دستورية مدنية سياسية صحية، وسنكون فخورين كما بالثورة المصرية والأمة المصرية.
وأنا على يقين أن جميع القادة المصريين اليوم فى مصر، سيكونون سعداء لتسليم السلطة لحكومة مصر المنتخبة فى المستقبل القريب، ونتمنى لمصر مستقبلا مزدهرا.
وقدم السفير التركى اعتذاره عن تغيير مكان الاحتفال معربا عن عدم ندمه، لأن منزله كان منزلا مصريا تمتلكه الأسرة المالكة، و"بفضل كرم مصر، نحن نملك هذا المنزل الآن ونعمل على تجميله"، وقدم السفير شكره فى آخر كلمته إلى مجتمع رجال الأعمال التركى فى مصر المستمرين فى الاستثمار فى الاقتصاد المصرى، ولم يخشوا الاضطرابات والأوضاع والخلافات السياسية فى مصر لأنهم ملتزمون.
وقدم السفير شكره لنائب رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الذى حضر الحفل، وحاتم سيف النصر، مساعد وزير الخارجية للشئون الأوروبية.
وحضر الحفل عددا من السياسيين المصريين والوزراء السابقين ورجال أعمال مصريين، على رأسهم الوزير على مصلحى، وزير التضامن الاجتماعى السابق، ورجل الأعمال د. ناجى ألبرت، وعماد عبد الغفور، رئيس حزب الوطن، وفهمى هويدى، والكاتب على السمان، كما حضر الحفل عددا كبيرا من الدبلوماسيين الأجانب، منهم سفراء الدول الأوروبية والأفريقية والعربية.
سفير تركيا بالقاهرة: التوترات الحالية مؤقتة والعلاقات ستكون أكثر قوة من أى وقت مضى.. والصادرات المصرية زادت بنسبة 20% فى الثمانية أشهر الأولى من هذا العام..ونؤمن بإمكانية إعادة ميلاد مصر وتقدمها
الأربعاء، 30 أكتوبر 2013 12:53 ص
السفير التركى بالقاهرة حسين عونى بوصطالى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مجدى الششتاوى غنيم
أسمع كلامك يعجبنى
عدد الردود 0
بواسطة:
د. محمد عبد الرحمن
تناقض
عدد الردود 0
بواسطة:
nip
Not Now