كان الطبيب الشاب عائدًا إلى منزله مستقلاً سيارته الجديدة بعد يوم شاق من العمل فى المستشفى الحكومى الواقع على أطراف مدينة الإسكندرية، حين لمح مجموعة من المسلحين تعترض طريقه وتأمره بالتوقف والنزول من السيارة.
للوهلة الأولى وتحت تأثير الإرهاق ظن أنها لجنة مرورية من رجال الأمن خاصة وأن الطريق هو شريان رئيسى من شرايين المدينة التى تنقل حركة المرور من أطراف المدينة إلى قلبها، عندما توقف امتثالاً للأوامر فوجئ بمن يحملون مدافع رشاشة وأسلحة خفيفة يهجمون على السيارة ويلقونه خارجها بالقوة ثم يستقلونها ويلوذون بالفرار!
كان المشهد صادمًا لمشاعره، ففى الوقت الذى ظن فيه أن حالة الاستنفار الأمنى تعنى أن الطرق الرئيسية على الأقل مراقبة من رجال الشرطة، أو أن هناك دوريات راكبة تتجول فى أطراف المدينة باستمرار وتمنع أن تتربص عصابة كاملة العدد والعتاد بالمواطنين، إذا به يهاجم بهذا الشكل الذى تعجز حتى أفلام هوليوود عن تمثيله.
وقف الطبيب الشاب الذى سلبت كل ممتلكاته يستجدى السيارات العابرة أن تنقله إلى أقرب مركز للشرطة، لم يكن لديه شك فى أن الشرطة وإن كانت قد عجزت عن بسط الأمن لمنع وقوع الجريمة فإنها على الأقل وقد وقعت الجريمة بالفعل سيمكنها القبض على العصابة، واسترجاع السيارة فى غضون زمن قصير، لكن ما صدمه بعنف وهز داخله كل القيم والمعانى التى تربى عليها إن وجد رجال الشرطة يقابلونه باستخفاف لا يناسب الموقف حتى إن أحدهم فى تندر وتفكه لا يناسبان الموقف قال ساخراً:
- وإيه يعنى؟ ! سيارة رئيس الجمهورية نفسه تمت سرقتها !!
بل الأعجب من ذلك أن اللصوص قد اتصلوا به طالبين مبلغًا ضخمًا من المال كى يعيدوا إليه سيارته، وللمرة الثانية يميل عليه رجل الشرطة حين نقل إليهم تفاصيل المكالمة التليفونية ناصحًا هذه المرة.
- روح يا بنى ادفع لهم ما يريدون واسترجع سيارتك!!
لم تعد المصيبة إذن هى فقدان الأمان وتعرض المواطنين لحوادث السرقة بالإكراه والسطو المسلح.
بل المصيبة الأكبر هى ألا تهز مثل هذه الحوادث رجال الأمن ولا تستفز غيرتهم على مهنتهم أو تتحدى كرامتهم، باعتبارهم المنوط بهم حفظ الأمن وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم، حجتهم فى ذلك أنهم مشغولون بمكافحة الإرهاب!
وهل هناك إرهاب أكثر من أن يتخلى الأمن عن حماية الناس بل وأن يثبط عزائمهم بتأكيده على مطالب المجرمين وحث المجنى عليهم على الامتثال لها، وأن يشعر المواطن أنه غير آمن على بيته أو عرضه أو ممتلكاته!
مالكم كيف تحكمون؟!
د. محمد فؤاد منصور يكتب:السطو المسلح وهيبة الأمن
الأربعاء، 30 أكتوبر 2013 10:17 م