قل ما شئت عن أخطاءه وخطاياه.. انجازاته وإخفاقاته.. انتصاراته وانكساراته، بل قل ما شئت- وأنا معك- عن استبداده وقمعه للمعارضين.. لكن من الظلم له وللتاريخ أن نقول نصف الحقيقة وتنعقد ألستنا عن قول النصف الآخر.
من الظلم له وللتاريخ ألا نشهد له بأنه كان زعيماً شريفاً مخلصاً لوطنه مهموماً بنهضة بلده ووضعها على طريق التقدم و"النهضة" الحقيقة، لا نهضة النصابين الذين باعوا لنا الوهم.
كان عبدالناصر منحازاً بصدق للفقراء والضعفاء والمهمشين.. أكد مجانية التعليم للجميع ليتعلم ابن البواب والفلاح مثل أبناء الأثرياء والإقطاعيين ربما لأول مرة فى تاريخ مصر الحديث. وزّع الأراضى الزراعية على الفلاحيين المعدمين ليحفظ كرامتهم وكرامة أبناءهم من العوز ومد اليد.
أسس نهضة صناعية حقيقية بإنشاء مصانع للصناعت الثقيلة مع مصانع الغزل والنسيج والألمونيوم وشركة نصر للسيارات. أنشأ مفاعل أنشاط النووى الذى كان نواة فى طريق امتلاكنا لأسلحة ردع تماثل ما عند إسرائيل، ثم تأتى قمة إنجازاته ببناء السد العالى الذى كان سبباً لحماية مصر من الجفاف والفيضانات التى كانت تُغرق مصر بطولها وعرضها.
على مستوى السياسة الخارجية كانت مصر رائدة زمانها وزعيمة عالمها العربى والأفريقى، ومدافعة عن حقوقها وحقوق أمتها العربية والإسلامية، حتى لو أخفقت فى بعض محاولاتها إلا أنها كانت مصممة على السير فى طريق استعادة حقوقها العربية والفلسطينة بامتلاك وسائل القوة والردع أولا، ثم التحرك السياسى، وجاءت مقولة "ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة" لتؤكد هذا المعنى.
الكلام يطول عن الرجل ومساحة الكلام محدودة، لكنى أزعم أننا لو أكملنا ما بدأه ناصر فى مجال التصنيع والتعليم فقط لكنا الآن سابقين على كوريا الجنوبية وماليزيا وتركيا وجنباً إلى جنب مع الصين وربما بعض دول أوروبا الغربية.
رحم الله عبدالناصر وغفر له ولنا أخطاءنا وخطايانا.
* مترجم مصرى بالسعودية
