حسن زايد يكتب: مصر.. بين التظاهر والإرهاب

الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013 05:11 م
حسن زايد يكتب:  مصر.. بين التظاهر والإرهاب علم مصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تقف الدولة المصرية حائرة مترددة بين الرخاوة والحسم، والعلة فى هذا الموقف المتردد هى أنها تأخذ فى اعتبارها الموقف المتربص للخارج، وضغوط الداخل من قوى سياسية لها حساباتها الخاصة.

فأصبحت كمن رقص على السلم، أو مارس المشى فى المحل وهو يتوهم أنه يتقدم بفعل مرور الأيام وتتاليها، مع أن مرور الزمن يجعل المشى فى المحل تخلف بالمقارنة بالآخرين الذين يمارسون المشى للأمام. فمن المعروف مدى حاجة الدولة إلى قانون ينظم التظاهر حتى يضع المعايير الفاصلة بين التظاهر السلمى كحق مكفول من جانب الدولة، والتظاهر المسلح الذى يمارس البلطجة والترويع والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، والاعتداء على مؤسسات الدولة، وتعطيلها عن ممارسة دورها، والإضرار بالأمن القومى للبلاد. وكل دول العالم تعمل وفقًا لهذه المعايير، ولا تسمح بتجاوز التظاهر السلمى إلى ما عداه من صور التظاهر اللاسلمى.

وعندما حاولت الدولة إصدار قانون ينظم التظاهر قامت الدنيا حولها ولم تقعد من قوى ثورية وقوى رجعية وأصحاب مصالح، وجرى نصب السيرك للتبارى فى الهجوم على القانون وعلى الحكومة معًا، تحت دعاوى غير منطقية بالمرة من بينها أن هذا القانون فيه نكوص عن أهداف الثورة، وضرب لأهم مكتسباتها، والقضاء على أحد أهم أسلحة الثورة سواء فى يناير أو فى يونية.

وهذا الكلام رغم وجاهته الظاهرة إلا أنه لم يخبرنا عن كيفية مواجهة المظاهرات اللاسلمية إلى يتم فيها اللجوء إلى العنف واستخدام الأسلحة البيضاء والنارية وما بينهما من أسلحة. لم يخبرنا عن الكيفية التى نحفظ بها للدولة هيبتها وكرامتها وقوامها كدولة بدلا من ضياع الهيبة والكرامة والقوام، ومن ثم تنهار الدولة وتتفتت مؤسساتها وتتشرزم وحدتها وتتطاحن عناصر المجتمع فيها وتحتكم إلى شرائع الغاب، وتسود نظرية الانتخاب الطبيعى ويصبح بمقتضاها البقاء للأقوى. لم يخبرنا عن الكيفية التى نواجه بها الشغب فى الجامعات وعملية التخريب المتعمد للعملية التعليمية فى إطار مخطط معلن للتنظيم الدولى للإخوان وبتمويل من جهات داخلية وخارجية. لم يخبرنا عن كيفية مواجهة قطع الطرق وتعطيل المواصلات وإقامة المتاريس والحواجز الأسمنتية وإتلاف الأرصفة والاعتداء على الممتلكات. معارضة القانون من باب الوجاهة السياسية أو الاجتماعية أو لتحقيق مآرب خاصة أو حزبية بغض النظر عن الدولة بمفهومها العلمى لن تعفيك من رصاصة غادرة أطلقت على كنيسة تصادف مرورك أمامها أثناء إقامة مراسم عرس بداخلها. وإزاء تلك الحملات رضخت الحكومة، وتراجعت عن إصدار القانون، وكأنها قالت: "بركة يا جامع". هل هذا الرضوخ الأقرب إلى الاستسلام يرجع إلى عدم الرغبة فى تصعيد المواجهة مع الخارجين عن القانون نتيجة وجود عناصر فى الحكومة تبقى على خطوط اتصال بالإخوان أو بالخارج؟ . أم أن الأمر يتعلق فقط برغبة خارجية مغموسة بتهديدات صريحة أو مبطنة بالمساعدات الخارجية بعدم التصعيد مع الإخوان أو محاولة إفصائهم من المشهد السياسى؟ أم أن كل ذلك جميعًا مضافًا إليه تخاذل الأحزاب السياسية عن دعم إصدار القانون استنادًا إلى كوادرها الفاعلة فى الشارع، إن كان لها كوادر، بسبب ارتباطاتها بترتيبات انتخابية مع الجماعة. المشهد برمته مرتبك عن قصد أو دون قصد، والنتيجة أننا ما زلنا فى انتظار قانون تنظيم المظاهرات وقانون الإرهاب، ونسيت الحكومة والأحزاب والقوى السياسية.


مصر والشعب وهدف الثورة الوحيد المتمثل فى إسقاط حكم المرشد، ولن نقول ما قاله ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا فى مواجهته للمظاهرات "عندما يتعلق الأمر بالأمن القومى، فلا يحدثنى أحد عن حقوق الإنسان" مع أن الأمر يتعلق بالأمن القومى المصرى.

ولكن نقول:
إذا لم تتحركوا فلا تلوموا الشعب المصرى إذا تحرك مع أننا لا ننصح الشعب بذلك.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة