"الخوف علينا حق" تؤكد أن الخلل الأخلاقى فى المجتمع سبب الأخطاء السياسية

الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013 06:31 ص
"الخوف علينا حق" تؤكد أن الخلل الأخلاقى فى المجتمع سبب الأخطاء السياسية صورة ارشيفية
كتب ياسر أبو جامع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدرت مؤخرا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة مسرحية "‬الخوف علينا حق‮" لطنطاوى‮ ‬عبد الحميد طنطاوى.

ويتحدث "طنطاوى"، فى مسرحيته، عن فكرة الخوف المرسخة فى‮ ‬المجتمع من خلال عدة علاقات ثنائية، ‮ ‬الخوف أحد طرفيها، ‮ ‬كالخوف فى‮ ‬مقابل الموت، ‮ ‬وفي‮ ‬مقابل السلامة‮.. ‬الخ، ‮ ‬مجسداً‮ ‬تلك العلاقات المتقابلة فى‮ ‬التقابل الواضح فى‮ ‬المكان‮ الذى تدور فيه الأحداث "‬البدروم- القصر‮"‬، فاضحا النظم الاستبدادية الحاكمة ومقوماتها التى‮ ‬تقوم على البطش والنفاق، والحاشية الفاسدة التى‮ ‬تتفنن فى‮ ‬عزل الحاكم عن الشعب، ‮ ‬أو على وجه الدقة فى‮ ‬عزل من‮ ‬يسكن القصر الكبير بما فيه من رفاهية مستفزة ونعيم مقيم عن ساكنى‮ ‬البدروم الذين‮ ‬ينبشون‮ "‬الزبالة‮" ‬بحثاً‮ ‬عن كسرة خبز.
‬كما أن "الكاتب"، في‮ ‬أوج أزمة مسرحيته وتصاعد أحداثها، ‮ ‬يثير تساؤلاً‮ ‬هو بؤرة الحدث الدرامى‮: ‬فماذا سيحدث لو أن الطرفان‮، ‬ساكنى‮ ‬البدروم وساكنى‮ ‬القصور‮، ‬تبادلا موقعيهما؟‮ ‬فينطلق النص من قاع المجتمع حيث النماذج البشرية الكادحة والجائعة، ‮ ‬فتخير فئة الزبالين لتكون فى‮ ‬مقابل أصحاب القصور، ‮ ‬الملك وحاشيته، ‮ ‬ويفترض "طنطاوى" بشكل هزلى‮ ‬تبادل المواقع، ‮‮ ‬عن طريق الحيلة والدهاء، ‮ ‬ليضع حركة المجتمع فى‮ ‬مختبر التغيير المفترض، ‮ ‬ليطرح علينا عدة تساؤلات من شأنها أن تسقط دلالات الواقع الآنى‮ ‬والظرف السياسى‮ ‬الذى يمر به المجتمع، ‮ ‬لتصبح النتيجة، التى افتضها الكاتب، تغيير شكلى، ‮ ‬وتبقى الحاشية كما هى‮ ‬فاسدة منافقة لا تجيد‮ ‬غير التآمر وإشعال الفتن، ‮ ‬وصناعة الحاكم الشمولى‮ ‬الديكتاتور‮ و‬المشرع الأوحد‮ ‬المستمد السلطة من الإله وليس من الشعب، ‮ ‬ويبقى التشدق بالديمقراطية والحرية مجرد خطابات تملأها الحماسة الواهية والعاطفية أحيانا، والتى تستر من ورائها بطانة السوء، ‮ ‬حيث‮ ‬تفعل، الحاشية، أقصى ما فى‮ ‬جهدها لتظل الأوضاع على ما هى‮ ‬عليه من تفاوت طبقى‮ ‬حاد، ‮ ‬ويظل الغنى‮ ‬غنياً‮ ‬والفقير فقيراً، ‮ ‬‮و‬فى‮ ‬سبيل ذلك تنهار كل القيم تباعاً‮ ‬لتبقى قيمة وحيدة هى ‬قيمة بقاء الملك والدفاع عنه بكل السبل، وتصبح النتيجة تحول الطبقة الكادحة إلى سلطة استبدادية بدورها بمجرد الوصول إلى سدة الحكم، ‮ ‬وتتكون بطانة فاسدة لا عمل لها‮ ‬غير التآمر والنفاق وتكديس الأموال وتدعيم السلطة للحفاظ على مصالحها الشخصية‮.‬

فالمسرحية تحمل رسالة مفادها " أن الخلل الأخلاقى‮ ‬فى‮ ‬المجتمع والذى‮ ‬يتحكم بدوره فى‮ ‬التحول الذى‮ ‬يصيب الأفراد والجماعات ويبرر فساد الفعل السياسى، ‮ ‬فالكرسى‮ ‬لا‮ ‬يغير النفوس إنما النفوس هى‮ ‬التى‮ ‬تتغير بمجرد الجلوس عليه‮.‬

وقد استغل الكاتب ازدواجية اللغة ليستثمرها في‮ ‬التعبير عن التقابل والتباين الذى تتحدث عنه المسرحية، ‮‮ ‬حيث خصص اللغة العامية، ‮ ‬لغة عامة الناس، ‮ ‬الجارية على ألسنة أهل البدروم، ‮ ‬فى‮ ‬مقابل اللغة الفصحى، ‮ ‬لغة طبقة الحكام، ‮ ‬كلغة رسمية ملتصقة بالأرستقراطية، ‮ ‬لذا فإنه ليس من الغريب أن نجد أهل البدروم‮ ‬يتحدثون بها بمجرد انتقالهم فى‮ ‬الموقع، ‮ ‬وتحولهم إلى طبقة الحكام‮، مؤكداً؛ أن الازدواج الحادث فى اللغة ما هو إلا شعور كامن فى‮ ‬نفس المجتمع، ‮ ‬وإذا كان هذا التخصيص‮ ‬يبدو ‬فى‮ ‬حقيقته، ‮ ‬تعسفياً، ‮ ‬فإنه دلالة‬قوية‮ ‬فى ‬التعبير عن فكرة النص‮.

الجدير بالذكر أن "طنطاوى" صدر له من قبل‮ مسرحيات "‬الملونون‮"‬، ‮ ‬و"فرعون الأمريكانى‮"‬، ‮ ‬و‮" ‬من أولها كدب‮" ‬كما نشر النص الأخير فى‮ ‬جريدة مسرحنا في‮ ‬جزئين متتاليين، ‮ ‬ومنذ نصه المسرحى الأول‮ "‬الملونون‮" ‬اكتسب طنطاوى‮ ‬شهرة فى‮ ‬كتابة النص المسرحى، ‮ ‬حيث لفتت تلك المسرحية الأنظار إليه- كما‮ ‬يقول د‮. ‬محمد عبد الله حسين فى‮ ‬تقديمه للنص الذى ‬نعرض له هنا- منبئة عن ظهور موهبة مسرحية متميزة‮.‬





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة