ليست الحرية التى تدمر الأخلاق والقيم بل الحرية التى تبنى العقول والقيم والأخلاق السمحة المشجعة على رأب صدوع الماضى وتفادى صدوع المستقبل، متمثلة فى حرية التعبير والرأى سواء كان ضد الجهات العليا والسيادية داخليًا وخارجيًا.
ولكن الحرية المادية هى غاية ما يتمناه الشعب المصرى لاسيما فى شراء الاحتياجات الأساسية من مأكل وملبس ومشرب وأدوية علاجية، وهى من الاحتياجات الضرورية التى وللأسف الشديد يعانى منها الكثير من طبقات الشعب المصرى المتخم بالضغوط من آن لآخر، تحديدًا فى السنوات الأربع الأخيرة، ما حوته من أحداث كثيرة وسريعة ومؤثرة على كافة البيوت المصرية ولعل من أصعبها تأثيرًا غلاء الأسعار.
تلك الأخيرة المهووسة بالارتفاع الغير مبرر، بالرغم من الموارد الكثيرة فى بلادنا والتى بالرغم من تلك الأحداث التى تحدث فى مصر كل يوم وليلة، نحن على اقتناع تام أن ذلك لغلاء المجنون غير مبرر على الإطلاق سوى بجشع من التجار ومحترفى الاحتكار وغيرهم ممن تسول لهم أنفسهم لمريضة استغلال حاجة الناس والظروف العامة لفرض إتاواتهم المتمثلة فى رفع أسعار السلع والخدمات.
فعقب الثورة الأولى كانت أول المطالب بعد انتخابات حرة ونزيهة ونيل الحرية الكاملة لشعب فى التعبير عن رأيه ظل المطلب المهم طى القيود لى الآن، وهو الحياة الكريمة والتى تتلخص فى معدل الإنفاق للفرد المصرى، والذى طالب الكثيرين من أفراد لشعب به كانت الحكومات المتعاقبة على مصر واحدة تلو الأخرى تلوح بتلك الورقة كصك للاستمرار فى التواصل مع أفراد الشعب وتنفيذ المهمات الموكلة لها، وأن لم تنفذ ما هو أهم من كل ما تفعله. فإن لم يتم سد تلك الخانة المهولة وتخفيف الأعباء عن كواهل الشعب المصرى وخاصة الطبقات الكادحة والتى كانت فيما سبق تكدح فتجد ما يقابل كدحها، أما الآن فالأمور تسير عكس الاتجاه تمامًا. غير أن المؤشرات فى مصر لا تظهر عجز مادى كبير لا يسمح للدولة بتخفيف الاعباء عن كاهل المصريين فلم تخذ الحكومة قرارات من شأنها رفع الدخل للأفراد الكادحين فى الدولة، ولم تستطع كبح جماح الأسعار الجنونى بين يوم وليلة، وهو ما ينذر بما لا يحمد عقباه، فالمواطن الذى تطالبه الحكومة بالصبر والجلد وتطالبه كافة الجهات المعنية بالتعاون والنظر بعين الجندى الساهر على أرضه والتكاتف والتلاحم حتى تهم البلاد من تلك الكروب لابد له من محفزات على ذلك العمل، فالوطنية تجرى فى الشعب المصرى جرى الدم، ولكن الضغوط المادية الرهيبة الناتجة من ضعف القوة الشرائية من ناحية ولاء الأسعار من ناحية أخرى أكبر ما يواجه الشعب والحكومة فى آن واحد.
نأمل من الحكومة الحالية الاهتمام بجدية بالحد الأدنى والأقصى وإقامة ميزان العدل والمساواة حتى لا نتشدق بتلك الكلمات على سبيل الدعابة والضحك على أنفسنا، ونحن نتبادل أطراف الحديث حول "أسطورة الحد الأدنى".
تمثال الحرية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة