رويترز ترصد معاناة الفلسطينيين من انكماش الاقتصاد وهدم الأنفاق

الإثنين، 28 أكتوبر 2013 05:18 ص
رويترز ترصد معاناة الفلسطينيين من انكماش الاقتصاد وهدم الأنفاق فلسطينيون فى قطاع غزة
رام الله - (رويترز)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصيبت شرايين الاقتصاد فى قطاع غزة بالانسداد مع قيام مصر بهدم أنفاق التهريب على امتداد حدودها مع القطاع، الذى تديره حركة حماس. فى الوقت نفسه تغرق القرى القديمة فى الضفة الغربية المحتلة فى الفقر، ويدير المستثمرون والمانحون ظهورهم لمنطقة صراع لا تلوح له أى نهاية فى الأفق.

وقد ينكمش الاقتصاد الفلسطينى هذا العام جراء الأوضاع فى قطاع غزة والركود فى الضفة الغربية، بعد أن وصل متوسط النمو السنوى إلى حوالى 9 فى المائة فى الفترة بين عامى 2008 و2011.

وبددت حالة الركود الاعتقاد الذى ساد طويلا بين أنصار اليمين الإسرائيلى بأن ازدهارًا وضع الفلسطينيين قد يحقق "سلاما اقتصاديا" على أرض الواقع، ويوفر بديلا ملائما لاتفاق شامل يتعلق بإقامة دولتين.

وقال جواد ناجى، وزير الاقتصاد الفلسطينى لرويترز "ستبقى الجهود التى تبذل لتحقيق التنمية قاصرة إذا لم يحدث تغيير فى السياسية الإسرائيلية تجاه تمكين الفلسطينيين من الوصول إلى مواردهم الطبيعية".

وأضاف "نحن طالبنا ونطالب المجتمع الدولى بكل مكوناته الضغط على إسرائيل لرفع القيود عن هذه الموارد، وتمكين الشعب الفلسطينى من استخدامها وكذلك رفع القيود الأخرى المفروضة على حركة الأشخاص والسلع والسيطرة على المعابر. كل هذه المعوقات تحد من قدرة الفلسطينيين على تحقيق التنمية".

وتخشى إسرائيل من أن يتسبب أى انكماش اقتصادى فى إثارة أعمال عنف بالضفة الغربية إذ سيشعر الفلسطينيون بأنه لن يكون لديهم ما يخسرونه فى حالة قيامهم بانتفاضة أخرى ضد الاحتلال.

وانكمش الاقتصاد فى الضفة الغربية التى تحتلها إسرائيل للمرة الأولى منذ عشر سنوات فى النصف الأول من العام الحالى، وفقًا لتقرير أصدره البنك الدولى هذا الشهر انتقد فى أغلبه القيود التى تفرضها إسرائيل على تنقلات الفلسطينيين وعلى استخدام الموارد.

وجاء انكماش الاقتصاد بنسبة 0.1 فى المائة فى الوقت الذى تراجعت فيه مساعدات المانحين الأجانب لاقتصاد الضفة الغربية إلى أكثر من النصف فى عام 2012.

وتؤثر القيود الإسرائيلية على الكثير من أوجه الحياة الاقتصادية للفلسطينيين.
وتتحكم إسرائيل فى جميع المعابر مما يمكنها من الإشراف على جميع الواردات والصادرات، الأمر الذى يتسبب فى حدوث عراقيل بيروقراطية يقول الفلسطينيون إنها تخنق أو تقتل فرص العمل فى الإنتاج الاقتصادى.

ويفرض الإسرائيليون أيضًا قيودًا صارمة على إمدادات المياه، وهو ما يؤثر على قطاعى الصناعة والزراعة. ولم تسمح إسرائيل للفلسطينيين بالحصول على تكنولوجيا الهاتف الخلوى من الجيل الثالث، استنادًا إلى ما اعتبرته مخاوف أمنية مما يجعل الكثير من تطبيقات الهاتف الذكى عديمة الفائدة.

ويبدو تأثير التراجع الاقتصادى واضحًا حتى فى رام الله العاصمة الإدارية للسلطة الفلسطينية، والتى تشعر أنها بمنأى عن المناطق الأكثر فقرًا.

وقال أحمد خضور صاحب مطعم شيكاغو وسط مدينة رام الله لرويترز "فتحت المطعم منذ ثمانى سنوات كان لدى خمسة عمال وأحيانًا ستة اليوم لدى ثلاثة وإذا ظل الوضع هكذا ممكن يصيروا اثنين هذه أصعب سنة بتمر علينا فى أشهر يا دوب انطلع المصاريف".

وأضاف "هذا مش بس وضعى أنا هذا وضع كثير من المحلات اللى كثير منها غير طبيعة شغله أو عرض محله للبيع أو الإيجار وبعضهم بيكتب بسبب السفر أو عدم التفرغ والصحيح إنه بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة".

وشهد اقتصاد غزة مرونة فى النصف الأول من العام بفضل تغذية قطاع البناء بالإسمنت القادم من الأنفاق مما عوض جزئيًا المشكلات الاقتصادية فى الضفة الغربية. ولكن الجيش المصرى هدم نحو 90 فى المائة من الأنفاق التى تستخدمها حركة حماس للحصول على ما بين 40 إلى 70 فى المائة من إيراداتها. وجاء هدم الأنفاق بعد أن عزل الجيش المصرى الرئيس محمد مرسى صديق حماس فى يوليو.

ووصلت نسبة البطالة فى غزة والضفة الغربية إلى نحو 22 فى المائة فى يونيو عام 2013، حيث مثلت الصادرات نسبة 7 فى المائة فقط من إجمالى الاقتصاد طبقًا لإحصائيات البنك الدولى.

وقال إيجال بالمور المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية لرويترز، إن حدوث ركود فى إجمالى الناتج المحلى الفلسطينى أمر طبيعى بعد فترة من النمو الواضح ودافع عن استمرار القيود الإسرائيلية التى تقول هيئات مثل البنك الدولى أنها تخنق أى آفاق للنهوض.

وأضاف "إنها جزء لا يتجزأ من الوضع القائم حيث لا يزال هناك تهديد إرهابى دائم" مضيفًا أن محادثات السلام المباشرة التى استؤنفت فى يوليو، بعد توقف دام ثلاثة أعوام تهدف إلى إيجاد حل حاسم.

ويتزايد بشكل كبير اعتماد السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب على المساعدات الخارجية، نظرًا لأن إسرائيل تسيطر على أكثر من 60 فى المائة من أراضى الضفة الغربية بما فى ذلك الأراضى الأكثر خصوبة. ووصلت المساعدات الإجمالية الخارجية للسلطة الفلسطينية إلى 932 مليون دولار فى عام 2012، طبقًا لبيانات السلطة أى ما يقل عن ثلث جميع الإيرادات وانخفاضًا عن نحو 1.8 مليار دولار فى عام 2008.

وقال محمد مصطفى نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية رئيس صندوق الاستثمار الفلسطينى، إن المانحين الأجانب يتوخون الحذر بشكل متزايد من دعم اقتصادهم بدون رؤية "أفق سياسى" لإنهاء الصراع.

وأضاف فى مقابلة مع رويترز "إنهم يصابون ببعض الإحباط بسبب العملية السياسية.. يقولون.. انظروا.. نحن لا نقدم الدعم لمواصلة الاحتلال ولكن لدعم إقامة دولة فلسطينية".

ويرى مصطفى الذى تلقى تعليمه فى الغرب، وكان يتحدث فى مكتبه برام الله، أن محادثات السلام حاسمة بالنسبة للاقتصاد.

وكانت خلفه ملصقات لمستقبل مشرق مزعوم عبارة عن رسوم بالكمبيوتر لمدينة فلسطينية كبيرة محاطة بالأشجار.

وبجوار ذلك خرائط تكشف عن الواقع الكئيب، حيث تتقاطع فيها المناطق التى يحظر على الفلسطينيين دخولها، وبقع بلون قرمزى تشير إلى المستوطنات اليهودية المنتشرة.

ويتخيل مصطفى "استراتيجية للخروج" من المساعدات من خلال خطة استثمار وتنمية بقيمة أربعة مليارات دولار أو "مبادرة اقتصادية لصالح فلسطين" طرحها وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى هذا العام، ووضع مسودتها رباعى الوساطة للسلام فى الشرق الأوسط الذى يضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة.

ويطرح التقرير الذى وضعه رباعى الوساطة من مئات الصفحات تفاصيل تتعلق بالاستثمار وتوقعات الإصلاح فى ثمانية قطاعات من السياحة إلى الزراعة.

وقال مستشار فى مكتب ممثل رباعى الوساطة فى القدس لرويترز "المبادرة تتعامل مع الحقائق وليس مع الأحلام وتأخذ فى الاعتبار الوضع القائم. إنها تتعلق بجعل الاقتصاد مستدامًا وليس بضخ أموال فى خزانة".

وفى حين أن النمو فى السنوات الأخيرة يعود بدرجة كبيرة لتخفيف القواعد الإسرائيلية على التنقلات، فإن النقلة النوعية المتصورة فى خطة اللجنة الرباعية تمثل على الأرجح فرصة لتحقيق كل شىء أو عدم تحقيق أى شىء ويتوقف ذلك على اختتام ناجح لمحادثات السلام فى الربيع المقبل. وقال مستشار الرباعية "المخاطر عالية لكن المكاسب كبيرة أيضًا".

وفى مشهد طبيعى بالضفة الغربية تزينه أشجار الزيتون يصنع المليونير الفلسطينى رجل الأعمال بشار المصرى استثمارًا نادرًا وقصة نمو ناجحة.

وتشيد أحياء كاملة من المساكن ذات السعر المعقول لنحو 25 ألف شخص ومساجد ومدارس ومتنزهات ضمن أول مدينة فلسطينية مخططة، وهو مشروع بقيمة 300 مليون دولار أمريكى باستثمار قطرى. لكن الحلم لم يصبح بعد حقيقة واقعة.

فلم تعط إسرائيل الموافقة النهائية على الطريق المؤدى إلى المدينة الجديدة التى أطلق عليها اسم روابى. ويشكو المصرى أيضًا من أنه لم يتم تأمين الحصول على المياه حتى الآن. وقال إن إمدادات المياه التى خصصتها إسرائيل لمستوطنة عطيرت اليهودية القريبة وحدها ستكون أكثر من كافية لكلتا البلدتين.

وأضاف المصرى لرويترز، أنهم واجهوا وما زالوا يواجهون العديد من المشاكل بسبب الاحتلال الإسرائيلى. وأضاف قائلا إن هذه هى طبيعة الاحتلال وأن ذلك متوقع.

وفى حين تتحدث النخب الاقتصادية والسياسية فى رام الله بتفاؤل عن تحقيق انفراجة فان ارتفاع الأسعار وتراجع مصادر الرزق يلقيان بثقلهما على كثير من الفلسطينيين من الطبقة العاملة الذين عانوا من ضيق ذات اليد فى عطلة عيد الأضحى هذا الشهر.

وقال رامى بشارة أحد سكان رام الله، وهو يتجول بين متاجر المجوهرات والملابس الخالية فى الغالب فى سوق وسط المدينة "هذا هو أول عيد ليس فيه الكثير من النشاط والحركة".

وأضاف بحزن "أتذكر الوضع قبل عامين. . كانت هناك أعداد ضخمة من الناس".






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة