لا تزال أصداء فضيحة تجسس أمريكا على قادة دول أوربا تتردد فى الأوساط السياسية العالمية، بينما أبدت دول غربية غضبها من الخطوة الأمريكية.
وقالت صحيفتى الباييس الأسبانية ولوموند الفرنسية إن هناك دلائل تشير إلى أن إسرائيل وليست الولايات المتحدة الأمريكية هى التى قامت بالتجسس على مسئولى أوروبيين ومنهم الرؤساء الفرنسيين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والتى تثبت أن الاستخبارات الإسرائيلية تنصتوا على أكثر من 70 مليون مكالمة هاتفية ورسالة نصية شهريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل هى التى تستطيع أن تضع أجهزة التنصت فى مقر إقامة رئيس فرنسا السابق نيكولا ساركوزى فى قصر الإليزيه فى انتخابات 2012، وبذلك الفضيحة التى وقعت فى فرنسا فى مايو 2012 فى الفترة بين الجولتين الأولى والثانية من الانتخابات الرئاسية عندما تم اكتشاف محاولات لتثبيت أجهزة التسجيل وآليات للتحكم فى أجهزة الكمبيوتر.
وأوضحت الصحيفة أن فى الوقت كان الجميع يتهم الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ظهر فى الوقت نفسه فضيحة التجسس على رؤساء ومسئولى دول الاتحاد الأوروبى الذى كشف عنها الضابط الأمريكى السابق بالاستخبارات الأمريكية إدوارد سنودن.
وقد طالب عدد من القادة الأوربيين بمن فيهم الفرنسى فرانسوا هولاند وأنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا الرئيس الأمريكى باراك أوباما بتقديم إيضاحات عن عمليات التجسس.
يضغط وزير الداخلية الألمانى من أجل الحصول على "معلومات كاملة" من واشنطن، بشأن ادعاءات التجسس على هاتف المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل"، وغيرها من عمليات التجسس.
واشتكت "ميركل" إلى الرئيس الأمريكى "باراك أوباما" الأربعاء، بعدما تلقت معلومات تفيد بأن هاتفها قد يكون مراقبا، ويعتزم مسئولون فى الاستخبارات الألمانية السفر إلى واشنطن، لعقد محادثات بهذا الخصوص.
ونقلت صحيفة "بيلد ام زونتاج" عن وزير الداخلية الألمانية "هانز بيتر" "فريدريش"، الأحد، قوله إنه يريد "معلومات كاملة بشأن كافة الاتهامات، وما إذا كان الأمريكيون قد اعترضوا اتصالات للهواتف الخلوية فى ألمانيا وانتهكوا القانون على الأراض الألمانية أم لا"، وأضاف أن التنصت على المكالمات الهاتفية جريمة "ينبغى محاسبة المسئولين عنها".
وكانت مجلة ديرشبيجل- التى أثار تقريرها رد فعل حكومى، قد أفادت بأن وثيقة لقاعدة بيانات وكالة الأمن القومى الأمريكى، حصلت على نسخة منها تشير إلى أن هاتف "ميركل" الخلوى وضع كهدف للتنصنت لأول مرة فى عام 2002.
حثت وزارة العدل الألمانية على سرعة إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة حول صلاحيات أجهزة الاستخبارات، وذلك فى أعقاب الكشف عن تجسس أجهزة الاستخبارات الأمريكية على الهاتف المحمول للمستشارة أنجيلا ميركل.
وفى مقابلة مع إذاعة "دويتشلاند فونك" الألمانية، قالت زابينه لويتهويسر شنارنبرجر وزيرة العدل إن الساسة بحاجة دائمة إلى اختيار اللحظة الصائبة "لكن توقيت إبرام اتفاقية عدم التجسس يمكن أن يفوت أوانه قريبا"، وحثت الوزيرة الألمانية على مشاركة دول أخرى فى الاتفاقية.
كانت ميركل والرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند أعلنا خلال القمة الأوروبية الأخيرة، أن هذه المبادرة تأتى كإطار للتعاون المشترك بالنسبة لأجهزة الاستخبارات ذات الصلة.
فى الوقت نفسه، قالت الوزيرة الألمانية إنها لا ترى مانعا لاستجواب إدوارد سنودن العميل السابق لدى وكالة الأمن القومى الأمريكية (إن إس ايه) من قبل السلطات الألمانية.
وأوضحت الوزيرة أنه فى حال تعززت الشكوك حول قيام وكالة الأمن القومى الأمريكية بالتنصنت على المستشارة، إلى فتح باب التحقيق فى الواقعة، فإن على الادعاء العام الألمانى أن يبحث فى إمكانية استجواب سنودن كشاهد، كما أن عليه أن يبحث فى الظروف التى يمكن أن يجرى فيها مثل هذا الاستجواب.
وتابعت لويتهويسر شنارنبرجر حديثها قائلة إن على الحكومة الألمانية أن تبحث فى هذه الظروف، بحيث تتمكن السلطات الألمانية من إجراء مثل هذا الاستجواب مع تفادى مطالب من قبل واشنطن بتسليم فورى لسنودن إلى السلطات الأمريكية، فى حال دخوله الأراضى الألمانية.
ونقلت وكالة "ايتار تاس" الروسية عن راديو " دويتشلاند" إن شنارنبرجر قالت "إذا ثبتت صحة شكوكنا وتم فتح قضية فى ذلك الصدد، فسيتوجب على مكتب المدعى العام الفيدرالى الألمانى التفكير فى إمكانية استجواب سنودن كشاهد على قضية التنصت، مضيفة أنه لا توجد عوائق كبيرة فى ذلك الأمر.
وأضافت الوزيرة الألمانية، أنه فى حال قدوم سنودن إلى ألمانيا، لن توافق الحكومة الألمانية على طلب واشنطن بترحيله، مطالبة بسرعة توقيع اتفاقية مع أمريكا، لإلغاء عمليات التجسس المشتركة ودعوة الدول الأخرى للانضمام إليها.
أكد مايك روجرز رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأمريكى "الأحد"، أنه على الأوروبيين أن يعربوا عن شكرهم وليس غضبهم إزاء ما أسموه بتجسس الولايات المتحدة.. مؤكدا أن عمليات التجسس توفر لهم الحماية.
وأضاف روجرز- فى مقابلة مع شبكة "سى إن إن" الأمريكية- أنه لو علم المواطنون الفرنسيون عن أمر التجسس سوف يعربون عن امتنانهم لأن ذلك يحافظ على أمنهم، كما يحافظ على أمن الولايات المتحدة وأمن حلفائها الأوروبيين.
وفى السياق ذاته، قال عضو مجلس النواب بيتر كينج- لشبكة "إن بى سى" الأمريكية- إنه على الرئيس الأمريكى باراك أوباما التوقف عن الاعتذار بشأن ممارسات المراقبة الأمريكية، لأنه فى الواقع استطاعت وكالة الأمن القومى الحفاظ على أرواح الآلاف ليس فقط فى الولايات المتحدة بل فى فرنسا وألمانيا ودول أوروبية أخرى عديدة، على حد قوله.
من جانبها، قدمت عضوة الكونجرس جين شاهين تفسيرا أكثر دبلوماسية، حين اعترفت لشبكة "سى بى إس" أن الكشف عن مراقبة الولايات المتحدة للعديد من الاتصالات فى دول أوروبية أضر بالعلاقات الأمريكية مع هذه الدول.. مشيرة إلى ضرورة إصلاح هذه العلاقات.
استمرار أصداء فضيحة التجسس الأمريكية.. ألمانيا تطالب باتفاقية لعدم التنصت مع واشنطن وتلوح بالتحقيق مع سنودن.. وصحف: إسرائيل وراء القضية.. والكونجرس يرد: على أوروبا شكرنا لأننا نحميهم بتلصصنا عليهم
الإثنين، 28 أكتوبر 2013 01:34 ص