أسئلة من وحى ذكرى العميد طه حسين

الإثنين، 28 أكتوبر 2013 08:47 م
أسئلة من وحى ذكرى العميد طه حسين طه حسين
كتبت عزة إبراهيم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لماذا يكره الإخوان والسلفيون طه حسين؟ ولماذا يتجاهله السياسيون والرجعيون فى التفكير؟ لماذا يقلق الحكام المستبدون وقبلهم المستعمرون من أن تنهل الشعوب من العلم كما تنهل من الماء والهواء مثلما أراد العميد؟ من هو الأعمى هل هو الغارق فى المسلمات والمنغلق على نوعية معينة من الأفكار أم أنه المتمرد فكريا القادر على الاختلاف وزعزعة المسلمات وهدمها وإعادة بناء العقل والأفكار بطريقة أخرى؟ ماذا لو أن طه حسين رضخ لأحكام الشيخ محمد جاد الرب شيخ قريته بالمنيا الجاهل المرتشى ولم يتطلع لحضور دروس الإمام محمد عبده فى الأزهر؟ ماذا لو أنه رضخ لجمود بعض مشايخ الأزهر واستسلم لأفكارهم التى لا يذكرها أحد؟

رغم مرور أربعين عاما على رحيله مازالت جوقة العميان تقلق من طه حسين وأفكاره ومازال محدودو البصيرة يقفون للعقل – أى عقل- بالمرصاد لأنهم عاجزون عن تشغيله ولأنهم ضحايا جهل مروع يتعاطاه الناس فى بلادنا بجرعات زائدة وبشكل منهجى ويومى تتشارك فيه كل المؤسسات من الأسرة إلى المدرسة إلى الجامعة إلى المسجد, تمنحنا مؤسساتنا التى عاشت فى منقوع الجهل بكل محبة صرة من المسلمات والأفكار التى استلموها ممن سبقهم دون أن يراجعها احد أو يصححها, ينال كل منا قسطا كافيا من الجهل والمعلومات المشوهة عن الحياة والعلم وكل شىء ربما يكون بعضنا متمردا وقلقا من هذه الأفكار لكن محاولات الترويض لن تسمح للكثيرين بالانفلات إلا من لديه موهبة إعمال عقله وقدرات نقدية خاصة ليعتق إنسانيته وروحه وأفكاره من أسر هذه العبودية التى تلاحقه فى كل مكان.

أفلت طه حسين، من هذا الحصار ورفض تفريغ رأسه من العقل ورفض حشوات المشايخ التى حاولوا أن يملؤه بها وخاض معاركه مع رجعيتهم وجمودهم الفكرى فى الأزهر, وحينما عاد من فرنسا مسلحا بالعلوم والآداب حارب الاستبداد السياسى على صفحات الجرائد ورفض منح الأعيان درجات علمية فخرية يستكملون بها وجاهتهم دون أن يبذلوا جهدا علميا له معنى, وفصله المستبد الرجعى رئيس الوزراء وقتها إسماعيل صدقى من عمادة كلية الآداب بعد أن نشر كتابه الهام فى الشعر الجاهلى.

لو أن لدينا ألف طه حسين لتغيرت حياتنا لكن ملايين الرجعيين المتخلفين الذين يملأون بلادنا حولوا الاستبداد والظلم الاجتماعى إلى أسوار عالية غير قابلة للاختراق حتى بعد ثلاث سنوات من الثورات المتواصلة , ثار الناس فى بلادنا على الاستبداد لكنهم لم يثوروا بما يكفى على الجهل غيروا الحاكم لكنهم اكتشفوا أنهم هم أنفسهم بحاجة إلى تغيير أنفسهم قبل تغيير الحاكم . فعلها طه حسين وفتح عقله للنور واستعاض بالبصيرة عن البصر فرأى ما لم يراه مساجين الأفكار الجاهزة عن الدنيا والدين. أنقذ طه حسين عقله وروحه فظل شعاع بصيرته ينير العقول التى تريد النور لكن العقول المتخبطة فى ظلام الأفكار المغلقة الغير قابله للتفاعل والأخذ والرد مع غيرها من الأفكار عرفت ان العقل هو مكمن الخطر فبذلت كل جهودها لتغييبه وتضليله ليعمه الظلام فقيادة العميان أسهل كثيرا. أنوار العقل التى أضاءها طه حسين لازالت تقلق أسرى الظلام وأصحاب العقول التى تحرف الحقيقة عن مواضعها.

ربما لو كف هؤلاء عن الضجيج يسمعون ويفهمون, ربما لو كفوا عن تحريم الموسيقى والفن والتفكير والاختلاف فى الرأى ربما ينقذوا عقولهم من الظلام, ربما لو أدرك هؤلاء أن الله ليس بحاجة إلى ضجيجهم ولا إلى نوعية أفكارهم عن الدين والتدين يتاح لعقولهم أن تسمع شيئا ملهما ينقذها من التخبط والسير خلف القضايا الخاسرة , ربما لو كف هؤلاء عن ادعاء أنهم يدافعون عن الله وانه ليس بحاجة لدفاعاتهم ربما ينفذ لعقولهم قبس من نور العميد فيروا كم الشرور التى ارتكبوها تحت زعم الدفاع عن السماء وكم المعذبون فى الأرض بسبب أفكارهم المحنطة والخاطئة وساعتها ربما يذهبون لرأس طه حسين التى حاولوا قطعها ويحاولوا الاعتذار فينقذون أنفسهم وينقذون المستقبل من ظلام الروح والعقل.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة