"فرش وغطا" لآسر ياسين فيلم يخاصم المتعة الفنية والفكرية

الأحد، 27 أكتوبر 2013 11:26 ص
"فرش وغطا" لآسر ياسين فيلم يخاصم المتعة الفنية والفكرية صورة أرشيفية
رسالة أبو ظبى- علا الشافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عرض مساء أمس الفيلم المصرى فرش وغطا للفنان آسر ياسين، والمخرج أحمد عبدالله، وهو الفيلم الذى يمثل مصر فى المسابقة الرسمية بالدورة السابعة لمهرجان أبوظبى السينمائى الدولى، وقد حرص على حضور العرض الذى أقيم بسينما فوكس فى المارينا مول معظم أعضاء الوفد المصرى، ومنهم النجمة ميرفت أمين وخالد أبو النجا وبوسى شلبى، ومن النجوم العرب كندا علوش وإياد نصار وباسل خياط، وعدد كبير من النقاد والصحفيين، إضافة إلى عدد كبير من المصريين المقيمين فى الإمارات.

ويبدو أن الحضور الكبير قد أصيب بخيبة أمل وحالة من الإحباط، عقب مشاهدة الفيلم الذى لم يحظ بنسبة تصفيق من الحضور إلا من باب مجاملة نجم الفيلم وصناعه، لدرجة أن مدير المسابقة العربية انتشال التميمى بعد انتهاء العرض وتحية مخرجه ومنتجه محمد حفظى وبطل الفيلم، أخذ يحث الحضور على إلقاء تساؤلات حول الفيلم، وبادر الحضور بطرح أسئلة أغلبها حول الطريقة الفنية وأسلوب المخرج.

ورغم الحماس من الكثير من الحضور لتجربة أحمد عبدالله صاحب هليوبليس، وميكرفون، حيث كان الرهان على تقديمه لتجربة مماثلة، خصوصا وأنه دائم السعى والبحث فى ماهية السينما ومشغول بتقديم حالات سينمائية متنوعة، تعتمد بشكل كبير على إذابة الفواصل بين الروائى والتسجيلى، فهو عادة ما يقدم أفلاما أقرب إلى الديكودراما، إلا أن حالة الحماس تلك سرعان ما انقلبت إلى حالة من الإحباط الشديد، عقب الانتهاء من مشاهدة الفيلم.

وفى ظنى أن عبدالله فى فيلمه الجديد فرش وغطا، لديه مأزقين، الأول هو أن الفيلم تبدأ أحداثه مع جمعة الغضب، وتحديدا لحظة هروب المساجين، بعد اقتحامها، وتتجسد أزمة الفيلم فى أن الأفلام التى تتناول ثورة يناير هى أحداث عاشها وعاصرها الجميع، وأيضاً شهدت السنوات الثلاث الماضية تطورات دراماتيكية فى الحياة السياسية المصرية، وانعكس ذلك بالطبع على الحياة الاجتماعية، إذا فى أى سياق نشاهد الفيلم وقد كنا جزء من الحدث والكثيرون منا يملكون ذكرياتهم الخاصة وحكاياتهم عن تلك الأيام بل قل السنوات.
والمأزق الثانى فى ظنى، هو الطريقة التى يتعامل بها عبدالله مع السينما فهو يميل إلى الألعاب السينمائية مع الجمهور، أو بمعنى أكثر احترافية التجريب، ولكن عندما يكون التجريب لمجرد التجريب ذاته بدون حالة فنية واضحة أو قادرة على أن تتماس مع الجمهور، تكون هناك مشكلة حقيقية، وبراعة المخرج الحقيقية، تكمن فى قدرته على أن يجعل جمهوره جزء من اللعبة على الأقل ليستمتع بها، ولكن أكثر تحديدا، ويبدو لى أن مخرج الفيلم نفسه لا يعرف لماذا اختار أن يكون بطله بهذا الشكل، فالأحداث تبدأ مع هروب بعض المساجين وتأتى اللقطة الأولى واعدة من حيث الشمل الفنى فهناك أصوات لطلقات رصاص والصورة مظلمة ووشوش غائمة وأرجل تجرى، ويقطع المخرج على بطلنا وهو يجرى مع آخرين فى الصحراء، وفجأة نجده مع سجين آخر ولكن مصاب بطلق نارى، يصطحبه معه ويختبآن معا فى عشة مهجورة على الطريق، ويحاول بطلنا أن يساعد زميله المصاب، دون جدوى، فالمصاب يعرف أنه سيموت فإصابته خطيرة لذلك يقوم بإعطاء آسر خطاب، الذى يحمل فيديو يكشف الكثير من الحقائق ومن المسئول عن فتح السجون، طوال هذه المشاهد لا نسمع صوتا لبطلنا، فهو يرفض أن يتكلم (وهذا هو الاختيار الفنى من قبل المخرج حيث اختار لبطله الصمت طوال الوقت وإذا تحدث فإنه يهمس)، والغريب أن المخرج عندما سأل عن هذا الاختيار قال لا أعرف حبيت أعمله كدا، وممكن المنتج محمد حفظى يرد لأنه كاتب سيناريو أيضاً؟! لذلك لا أعرف كيف يكون اختيار المبدع عشوائيا وبدون توظيف حقيقى، المهم تبدأ رحلة السجين والذى يحاول الوصول لمنزل شقيقته وبعد رحلة وإهانة من اللجان الشعبية والتى يبدو من وجهة نظر المخرج كانت تشكل حالة من البلطجة، فيتعرض بطلنا لعلقة ساخنة وتسرى الأموال التى منحها له السجين المصاب، ويصعد إلى المنزل ليحتمى فى حضن الأم تجسد دورها لطيفة فهمى بدون جملة حوار أيضاً، غير الجملة التى يهمس به لشقيقه (كوباية شاى) ونفهم من خلال حقيبته التى تعطيها له الأم أنه كهربائى، وتبدأ رحلة السجين والذى يلتقى ناسا حقيقيون، يرون لهم قصص حياتهم وأسباب غلبهم وشعورهم بالقهر ولا نعرف هنا هل أصبح السجين الهارب يلعب دورا صحفيا يحقق فى حالة الأمة، الحياة الصعبة التى يعيشها الفقراء والغالبة فى هذا الوطن أم أنه عين المخرج التى تسجل تلك القصص الإنسانية، وفى طريقه يصادف منشدين شعبين، وشاب يساعد طبيب فى علاج المصابين، فى الثورة حيث إننا من مشهد لآخر نحمل لقطة للتليفزيون يذيع مشاهد من التحرير ومن قناة الجزيرة وصولا إلى موقعة الجمل، وفى مشهد مقحم دراميا يظهر لنا مجموعة ضباط لجيش وهم يدخلون ساحة أحد المساجد للقبض على البعض واعتقالهم بعد أن أرشدهم أحد البلطجية، ومشهد آخر تم انتقائه بعناية وتوظيفه، وهو مشهد هجوم البلطجية على حى الزبائن، وهى الواقعة التى لم تحدث فى ١٨ يوما الأولى من الثورة، وبالطبع هناك الكثير من المشاهد التى صورها عبدالله فى حى الزبائن، حيث نكتشف أن السجين الذى هرب معه وتوفى إثر إصابته هو مسيحى، وبمساعدة واحد من المنشدين يتمكن البطل من الوصول إلى أهله، وإعطائهم الجواب حيث يرون الفيديو، ويقوم بعدها بالذهاب إلى مقر جريدة المصرى اليوم لإعطاءهم الفيديو، الفيلم يبدو مرتبكا إلى حد كبير، ويحمل الكثير من المشاهد التى تبدو فى ظنى مغرضة، خصوصا وأن المخرج هو من اختار الإطار الزمنى للعمل، حتى بفرض أنه يريد أن يرصد حالات من القهر الإنسانى التى نعيش فى ظلها، والتى كانت بدورها سببا من أسباب الثورة، ولكن تلك العين التى رصد بها المخرج، والانتقائية للأحداث والوقائع، خارج الإطار الزمنى الذى اختاره يؤكد أننا أمام عمل ليس حسن النية، وكأنه يعرف ماذا يريد الآخر أن يشاهد عنك فيصدره له.

فيلم فرش وغطا، فيلم لا يصدر سوى الإحباط ولا تشعر أمامه إلا بالارتباك الفنى، وأعتقد أن آسر ياسين ظلم نفسه كثيرا فى هذا الفيلم، أما إذا كان عبد الله يطور من أدواته ويحاول صناعة حالة فنية مختلفة فأنا من حقى كمشاهد أن أحظى ولو بقدر من المتعة، ولكن فرش وغطا فيلم تخاصمه المتعة الفنية والفكرية، لأنه يخاصم الروح.








مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة