شهدت جمهورية أذربيجان فى 9 أكتوبر 2013 انتخابات رئاسية، تنافس فيها عشرة مرشحين, من بينهم الرئيس الحالى "إلهام علييف" الذى يحظى بشعبية جماهيرية كبيرة, نظراً للإنجازات التى حققتها أذربيجان خلال السنوات العشر الأخيرة من حكمه، رغم التحديات الكبيرة التى واجهتها البلاد، وفى مقدمتها احتلال أرمينيا لنحو 20 بالمائة من أراضى بلاده، ووجود أكثر من مليون لاجئ ومهجر, هربوا من جحيم البطش الأرمينى فى المناطق التى تحتلها.
وقد جرت مراقبة الانتخابات على المدى الطويل والقصير منها، من خلال 53 ألف مراقب، من بينهم 1295 مراقبًا دوليًا، تم دعوتهم من قِبل حكومة أذربيجان وبرلمانها، ويمثلون مائة دولة وخمسين منظمة دولية، مثل منظمة التعاون والأمن الأوروبية وجمعيتها البرلمانية، والجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبى، والبرلمان الأوروبى، رابطة الدول المستقلة، ومنظمة الديمقراطية والتنمية الاقتصادية، ومنظمة التعاون الإسلامى، ومنظمة البحر الأسود للتعاون الاقتصادى، ومنظمة التعاون الاقتصادى، ومجلس البلدان الناطقة بالتركية، وغيرها.
وطبقا لدستور أذربيجان بدأت حملتها الانتخابية قبل موعد الانتخابات بمدة 60 يومًا، كما بدأت الدعاية الانتخابية للمرشحين قبل الانتخابات بفترة 22 يوماً, وانتهت قبل موعد الانتخابات بأربع وعشرين ساعة، وتم تخصيص وقت متساوٍ لجميع المرشحين فى وسائل الإعلام الرسمية, لعرض برامجهم الانتخابية.
وقد جرى تنظيم الانتخابات على نحو يتطابق تماما مع التشريعات الوطنية، وتميزت بالإقبال الشديد من الناخبين, وبلغت نسبة المشاركين فى الانتخابات 72.31% من أصل حوالى خمسة ملايين, و145 ألف من أصوات الناخبين المسجلة, وطبقا للتقارير الأولية للجنة المركزية للانتخابات فى أذربيجان، فقد حصل الرئيس الحالى "إلهام علييف" على نسبة 84.55% من أصوات الناخبين.
فقد تحدثت المعارضة عن حدوث تجاوزات فى الانتخابات، وبصرف النظر عن حجم تلك التجاوزات، ومدى تأثيرها فى العملية الانتخابية، فالرئيس الحالى "إلهام علييف" قد حقق فوزا كاسحا فى الانتخابات بنسبة 84.55% من الأصوات متقدما كثيرا على خصمه الأساسى "جميل حسنلى", الذى لم يحصل سوى على 5,5% من الأصوات حسب النتائج الرسمية. فإن الفارق الكبير فى عدد الأصوات التى حصل عليها الرئيس "إلهام علييف"، وبين ما حصل عليه أقرب منافسيه "جميل حسنلى"، تعبر عن مدى تأثير ما حققه الرئيس "إلهام علييف" من إنجازات فى البلاد, انعكست بشكل مباشر على حياة المواطن فى البلاد.
وكما جاء فى البيان المشترك الصادر عن مجلس الجمعيات البرلمانية الأوروبية، والبرلمان الأوروبى "فقد جرت عملية الانتخابات فى مناخ من الحرية والنزاهة والشفافية، وجرت التدابير الانتخابية عشية ويوم الانتخابات على نحو مهنى سليم وهادئ", وطبقا لبعثة المراقبين الدوليين على الانتخابات التابعين لثلاث البعثات لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية وجمعيتها البرلمانية،، فإن "اللجنة المركزية للانتخابات قد قامت بتنظيم كافة التحضيرات التقنية اللازمة للانتخابات بكفاءة", أما بعثة المراقبين على الانتخابات التابعين لمنظمة رابطة الدول المستقلة، فقد أكدت على أن "الانتخابات قد جرت بصورة ديمقراطية موضوعية ومشروعة, وقامت بعثة المراقبين على الانتخابات التابعة لمنظمة التعاون الإسلامى بتقييم الانتخابات باعتبارها ناجحة وحرة ونزيهة، وهو ما يشكل إنجازا هاما نحو ترسيخ الديمقراطية فى أذربيجان.
ويمكن وصف التقرير للبعثة الرابعة التابعة لمكتب منظمة الأمن والتعاون الأوربى للمؤسسات الديمقراطية, وحقوق الإنسان بمحاولة "تعكير الماء الصافي".
أما الذى أدى إلى التقييم من هذا القبيل, فإنه لغة تقرير مكتب منظمة الأمن والتعاون الأوربى للمؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان, الذى يستند إلى معلومات غير مبررة منشورة فى صحف المعارضة الأذربيجانية، والموقف غير الموثوق به والسطحى من الانتخابات.
ويخطر بالبال أن متابعة الانتخابات أصبحت آلية الضغط السياسى بشكل ملموس على يد المنظمة, ويعد تقريرا حول نتائج المراقبة وفقا للنهج السياسى للدولة التى تجرى هذه الانتخابات, تناشد أذربيجان منظمة الأمن والتعاون الأوربى إعادة النظر فى هذه المسألة, وتصر على إعداد آلية تقييم موضوعى حول متابعة الانتخابات من قبل مكتب منظمة الأمن والتعاون الأوربى للمؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان.
قد يكون فى مكانه الذكر أن مكتب منظمة الأمن والتعاون الأوربى للمؤسسات الديمقراطية, وحقوق الإنسان إلى جانب بعثات المراقبة للبرلمان الأوربى, والجمعية البرلمانية للمجلس الأوربى أشادت بالانتخابات المقامة فى أرمينيا, فى شتاء هذا العام, رغم أنها شابتها مخالفات قانونية وانتهاكات سافرة لحقوق الإنسان, وحرياته وكذلك تعرض أحد المرشحين لهجوم مسلح.
وللأسف الشديد، يلاحظ منذ مدة فى منظمة الأمن والتعاون الأوربى موقف "تمييزى" من هذا القبيل لتقييم الأحداث الجارية فى الأنحاء المختلفة لجغرافية المنظمة, وقد أعلنا موقفنا هذا مرارًا, لكننا لا يمكنا أن نقول إن عمل مكتب منظمة الأمن والتعاون الأوربى للمؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان أقيم على أسس عادلة.
وعند العودة إلى تقييم الانتخابات من جانب مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، فمن الضرورى الإشارة إلى أنه فى 13 أكتوبر لهذا العام، وفى مدينة بودفا بالجبل الأسود، فى جلسة الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية المكرسة للانتخابات الرئاسية فى أذربيجان، أشار المشاركون إلى التنظيم الجيد للانتخابات، وعدم تسجيل أية انتهاكات. وبصورة خاصة، وعلى وتيرة مماثلة ترددت كلمات رؤساء وفود كل من: الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، دوريس بارنت عضو البرلمان الألمانى، جيورجى تسريتيلى نائب رئيس الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية, وفى الجلسة جرى توجيه النداءات إلى مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، لإعادة النظر فى تقريره الخاص بالانتخابات فى أذربيجان.
وترددت وجهة النظر المماثلة نفسها فى سياق كلمة المنسق الخاص لبعثة منظمة الأمن والتعاون الأوروبية لمراقبة الانتخابات الرئاسية فى أذربيجان، وكلمة "ميشيل باوزن" رئيس بعثة المراقبة قصيرة الأجل لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، التى أشار فيها إلى أن تقرير مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان لا يعكس وجهة نظر كل من: مراقبى الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، والجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبى، والبرلمان الأوروبى، وأن الانتخابات الرئاسية فى أذربيجان قد مثلت خطوة هامة نحو الالتزام بمعايير المجلس الأوروبى ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية.
نحن نرفض بصورة قاطعة تقييم الانتخابات الرئاسية الذى وضعته الوزارة الخارجية الأمريكية, ومكتب المؤسسات الديمقراطية, وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، ونرى فيه واقعا مخزيا للغاية، وسلوكا منحازا غير لائق من قِبل هاتين الهيئتين الرسميتين.
ونرى أن كل من هذين المركزين يعملان فى تنسيق كامل مع بعضهما بعضا لهدف واحد هو "ممارسة الضغط على الجانب الأذربيجانى"، على الرغم من عدم وجود مبررات ولا مقدمات أو حتى دوافع لهذا الأمر.
إنهم يتهموننا بأننا خصصنا للدعاية الانتخابية 22 يوما فقط. أما فى فرنسا لا تتجاوز فترة الدعاية 15 يوما , فإن مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان يعده أمرا طبيعيا, وهذا بالطبع شىء سخيف, وعلى سبيل المثال، ففى الدنمارك تبلغ هذه الفترة 11 يوما، وفى بولندا-15 يوما، وصربيا-20 يوما، ولاتفيا 20 يوما.
على سبيل المثال، فالعلاقة بين أذربيجان والولايات المتحدة ليست فقط علاقة ودية، بل هى علاقة استراتيجية، ظلت قائمة عبر الزمن, فنحن شركاء استراتيجيون، وبالتالى فإن تقييم الجانب الأمريكى إزاء الانتخابات الرئاسية يمثل أمرا هاما بالنسبة إلى باكو الرسمية, ولكن للأسف، نضطر للإشارة إلى أن الوزارة الخارجية الأمريكية قد منحت تقييما مجافيا للواقع تماما، وذلك لأسباب غير مفهومة لنا, ومثل هذه الأعمال من قِبل الهيئة الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية، نعتبرها أفعالا غير نزيهة فى شراكتنا.
وسوف يستمر بالحتم نهج بلادنا فى التعاون ذى المنفعة المشتركة مع دول العالم، ومع أعضاء الاتحاد الأوروبى برامج "الشراكة الشرقية للاتحاد الأوروبى، و"الشراكة من أجل السلام" بمشاركة الناتو، وتطوير العلاقات مع الدول الإسلامية والبلدان الممثلة فى حركة عدم الانحياز.
أجريت الانتخابات فى أذربيجان فى جو من الشفافية والنزاهة وكانت امتحانا جديدا لنضوج الديمقراطية الأذربيجانية الشابة, وكما أشير إليه من قِبل المراقبين الدوليين، فإن هذه الانتخابات تمثل خطوة هامة أخرى إلى الأمام على مسار التطور الديمقراطى فى أذربيجان.
شهدت أذربيجان طفرة اقتصادية كبيرة من خلال توظيف الكثير من الاستثمارات فى القطاع غير النفطى، حيث بلغ احتياطيات النقد الأجنبى أكثر من 48 مليار يورو، وقد استفادات أذربيجان من عائدات النفط فى إصلاح الهيكل الاقتصادى للمجالات غير النفطية، الأمر الذى أدى إلى تفوق الاستثمارات غير النفطية عن القطاع النفى لأول مرة منذ عام 2010، كما بلغ حجم الاستثمارات فى مختلف القطاعات الاقتصادية نحو 26 مليار دولار عام 2012، كما أن التطورات الصناعية السريعة فى أذربيجان خلال السنوات الماضية أدخلت البلاد فى قائمة الدول الصناعية، حيث تم افتتاح أكثر من 500 مؤسسة صناعية, وأصبح التصنيع فى البلاد يسير بخطوات كبيرة، الأمر الذى أدى إلى تقليل نسبة البطالة إلى 5 بالمئة، كما تم توفير مليون ومائتى ألف فرصة عمل خلال السنوات العشر الماضية، كما تحولت أذربيجان من دولة مقترضة إلى دولة مانحة.
أصبحت أذربيجان من الدول الهامة على خريطة السياحة العالمية، لذلك تم إنشاء وزارة للسياحة عام 2006، الأمر الذى زاد من عدد السياح للبلاد بشكل مضطرد، ففى عام 2008 زار أذربيجان مليون وثلامائة سائح، وفى عام 2012 زارها مليونى سائح، وتم إعداد برنامج الدولة فى تنمية المنتجعات فى البلاد خلال الفترة من عام 2009 إلى عام 2018, الأمر الذى شجع العديد من الفنادق العالمية لافتتاح أفرع لها فى مختلف مدن أذربيجان.
على صعيد تحسين مستويات المعيشة للسكان وضعت الحكومة أهدافا محددة منذ عام 2003، لتحسين الخدمات الصحية والتعليمية والبحث العلمى، فبينما بلغ حجم النفقات للرعاية الصحية عام 2003 نحو 69 مليون يورو، زادت فى عام 2008 إلى 558 مليون يورو، ووصلت فى عام 2013 إلى 666.3 مليون يورو، وفى مجال التعليم بلغ حجم النفقات عام 2003 نحو 243 مليون يورو، بينما وصلت فى عام 2013 إلى 1.5 مليار يورو، وفى مجال البحث العلمى بلغ حجم ميزانية البحث العلمى 28.8 مليون يورو فى عام 2005، وصلت إلى 130.5 مليون يورو فى عام 2013، كما تطور مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل كبير، الأمر الذى جعل أذربيجان من الدول الصاعدة فى هذا المجال، وذلك عندما أطلقت فى عام 2013 أول قمر صناعى للفضاء.
وإذا كانت أذربيجان قد استطاعت تحقيق تلك الطفرة الكبيرة فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فمن حق الشعب الأذربيجانى وحده، وهو الأقدر على اختيار من يكمل معه مسيرة البلاد فى التقدم ومسايرة البلاد المتقدمة، واستكمال أحلام وطموحات الوطن الأسمى فى تحرير كامل التراب المحتل من قبل أرمينيا، والذى لم ولن يتحقق إلا من خلال وحدة أبناء الوطن وتكاتفهم فى وطن ينعم بالأمن والاستقرار والازدهار.
"شاهين عبد اللايف" سفير أذربيجان يكتب عن نتيجة الانتخابات الرئاسية فى أذربيجان
الأحد، 27 أكتوبر 2013 12:39 م
شاهين عبد اللايف سفير أذربيجان فى القاهرة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة