معصوم مرزوق

ترانيم مصرية معاصرة

الأحد، 27 أكتوبر 2013 05:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«لا تحلموا بعالم سعيد، فخلف كل قيصر يموت.. قيصر جديد، وخلف كل ثائر يموت، أحزان بلا جدوى، ودمعة سدى».. هكذا قال الشاعر الكبير الراحل أمل دنقل.. نعم.. قطعتنا سكين الزمن الصدئ، تبخرنا فى طرقات المدن الداخنة، فى وهم ضباب الكأس، ومرايا الحانة تعكس أحداقا مرهقة، نبتلع زجاج الكلمات المكسور، نتوه ونمعن فى التيه فنتذكر، عصفور النيل الأسمر يتدلى مشنوقًا فى كل مطارات العالم، مبتلا فوق الأرصفة الشتوية، يتجمد فيه الشدو، الإيقاع والمعنى، تمثال متحجر.. زمن سكين فى عنق الحب.
ومع ذلك الأمور ميسرة بفضل الله، وليست هناك مشاكل بشكل يثير الدهشة والتعجب.. ويبدو أن المشاكل لا توجد أصلا حتى نقوم نحن بخلقها خلقا وتكلفها تكلفا.. فالجو بديع والدنيا ربيع، لماذا نفكر إذن فى ثقب الأوزون؟ إلا إذا كنا هواة نكد وفلقة دماغ، أيا ما كان الأمر فإن آثاره المدمرة سوف تلحق بنا فى مقابرنا، وذلك فى الرأى الراجح، فلنترك ذلك إذن لأحفادنا ربما وجدوا طريقة لرتق هذا الفتق، وهى مشكلتهم على أى حال.
من المؤكد أن المزيد من القراءة يؤدى إلى المزيد من الشعور بالجهل، فلماذا لا يريح الإنسان عقله وينعم بجهله وشعوره فى نفس الوقت بالتفوق والحكمة؟! ثم إن القراءة لها آثارها الضارة، ويعتبرها البعض - بحق - نوعا من الميكروبات التى لا تؤذى صاحبها فقط بل تمتد إلى من حوله بالعدوى، لذلك ينصحون بعدم مصافحة من يقرأ كتابا، وعدم الاقتراب من أى شخص عليل بالعلم، وليس أدل على ذلك من أنك تجد الجهلاء أصحاء أقوياء يمشون فى الأرض مرحا، بينما أولئك الذين ابتلاهم الله بداء القراءة وحب المعرفة تجد عيونهم ذابلة، ظهورهم محنية، يقتاتون الكآبة ويفرزونها أيضا.
المشاكل غير موجودة حتى يتحدث أحد عن وجودها فنراها، لذلك فالأسلوب الأمثل هو عدم الإنصات إلى أحد أو القراءة لأى معتوه يحاول أن يكدر صفو حياتنا، ولكم أضاع البعض زهرة شبابهم سعيا وراء أفكار وأهداف، ليكتشفوا بعد فوات العمر عبثية كل الأشياء ونسبيتها أيضا.. لم يدلهم أحد إلى أن الحياة غاية البساطة والانبساط شريطة الابتعاد عن الفكر بوجه عام والمشاكل بوجه خاص، فالجو بديع والدنيا ربيع، وليس فى الإمكان أبدع مما كان، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه، والباب اللى يجيلك منه الريح سده واستريح، ويا بخت من بات مغلوب ولا بات غالب، إلى آخر ذلك التراث القيم الذى تركه الأجداد وأهمله الأحفاد.. فعودة إلى التراث، إلى الأصالة، إلى حضارة السبع تلاف سنة، فهى العاصم من كل فكر أريب.. من المؤكد أننا الآن نعرف أن الفقر لا يلد الثورة أو الثوار، فالثوار لا يولدون من رحم اليأس، وإنما من رحم الأمل فى الغد.. وذلك القدر من المعرفة قد يكفى فى الوقت الحالى كى نتدبر أمرنا، ونحاسب حكامنا، فربما شحبت مساحة القبح فى أعماقنا كى نتمكن من أن نرى الجمال حولنا، وأن نحلم فعلا بعالم سعيد لا نورث فيه خلف كل قيصر يموت لقيصر جديد.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

mazen

مادام للتاريخ مزبلة ، ومادام الموت يكنس الجميع ،اذن فلنحيا سعداء بأى طريقة ولو زبالة !!

تحياتى

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد الله

فى سياق المقال

عدد الردود 0

بواسطة:

جرجس فريد

الاعتدال و الاتزان

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة