يتحدث الشارع المصرى هذه الأيام عن العديد من القضايا، خاصة تلك المتعلقة بالأمن وأخرى سياسية وإنسانية واقتصادية. فى ظل إدراكنا جميعًا أن المجتمع يحتاج إلى إصلاحات كثيرة فى مواضع أكثر لمنع وإيقاف التصدع الذى أصاب أساسات كثيرة، متفقين فى ذلك على أن العلاج الأولى هو الإصلاح الاقتصادى، حيث إن غاية كل النظم الاقتصادية دائمًا هى جعل الإنسان سعيدًا على عكس الحال الآن.
المواطنة هى تلك العلاقة بين المواطنين والدولة، والتى تحددت بالمقولة (الشعب يريد) التى أصبحت تحرك المواطن العادى قبل أصحاب التيارات الفكرية والعقائدية المختلفة.
والمواطنة فى حد ذاتها ليست قائمة على فكرة طبيعة الدولة كونها مدنية أو دينية أو غير ذلك، ولكنها قائمة على أننا أمام الوطن سواء. ومن أول قضايا علاقة المواطن بالحكومة على المستوى الاقتصادى هو الحد الأدنى للأجور الذى يحتاج إلى مصداقية وشفافية شديدة فى العرض والتناول وفعاليات التنفيذ.
الشباب له دور رائد فى الحركة السياسية التى حدثت فى مصر فى العهد الحديث، والتى يشار إليه بأصبع البنان عرفانًا لعظيم الأثر لشباب مصر بهذا الدور. ويذكر أحيانًا أن تشكيل الحكومة لم يعكس الاستعانة بالشباب، وفى الحقيقة لا يمكن إقصاء الشباب فهم يمثلون 50% من تعداد الشعب المصرى ومن لا يعترف بذلم فإنه ينتحر تاريخيًا، ولكن المعيار الحقيقى هو الكفاءة وليس السن، لذلك لا بد من رفع كفاءة الشباب حتى يخرج منهم مسئولون يستطيعون قراءة ملفات الدولة وإدارة الأزمات بحنكة وواقعية. ولتحسين هذا المسار التعليمى نحتاج إلى وقت يلزم التخطيط له من الآن. ومع ذلك لا يمكن إقصاء أى فئة بالمجتمع بعيدًا عن استخدام المصطلح الخاطئ المشير إلى تسكين الشباب، والذى وإن دل فإنما يدل على جعلهم صورة لا تأثير لها أو إعطاؤهم مسكنًا، والمصطلح الصحيح فى هذا الشأن هو تمكين الشباب.
مصر فى أشد الحاجة إلى مصالحة وطنية قوية ضرورية بين كل الجهات، ومن واجب الدولة وليس حق المواطنين فقط أن تحمى مواطنيها من أى ممارسات، قد تؤدى إلى العنف أو تضر بالأمن القومى بوجود مؤسسات سياسية تدعو إلى التوعية السياسية، وتهتم بضرورة مشاركة كل الفصائل فى الحياة السياسية للتأسيس لدولة مواطنة قوية بعيدًا عن ذلك الوضع الغامض.
نحتاج أن نصل إلى تيار وطنى من المنبع إلى المصب، وأن نؤكد على فعالية المجتمع المدنى وعلاقته بالدولة والتأسيس لفكرة المواطنة، وأنه لا داعى للتخوف من وجود وضع خاص لمؤسسات معينة بالدولة خاصة المؤسسة العسكرية.
فالضمانة الحقيقية لحرية الإنسان فى مصر هى تثبيت حقوق المواطنة وضبط وتنظيم العلاقة بين أجهزة الدولة والمواطن.
المصالحة الوطنية حتمًا وضرورة، ويجب أن ندرك أن الوطن فوق الجميع، وأن الدول تنهار بتفتت مجتمعاتها أكثر من انهيارها اقتصاديًا أو سياسيًا أو اجتماعيًا. وإبادة فصيل ما أو اعتقاده بضرورة إبادة الآخر سيجعل الوضع كارثيًا. هذا المجتمع يحتاج إلى التصالح مع نفسه أولا مع فكرة العدالة والمواطنة، وفكرة عمل المؤسسات. مطلوب فى هذه المرحلة أن نؤهل أنفسنا إلى أن تقييمنا للأمور ليس بغرض ما ولكن لتحقيق العدالة، والوصول إلى شراكة فى قنوات هذا المجتمع التى كادت أن تتصلب شرايينه. وتلك هى الخطوات الأساسية لتحسين علاقة المواطن بالدولة، التى اتسمت بالاضمحلال المستمر جراء الأحداث الأخيرة.
