حسن زايد يكتب: أفكار ضد الرصاص

السبت، 26 أكتوبر 2013 08:09 م
حسن زايد يكتب: أفكار ضد الرصاص أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بداية لابد من الإشارة إلى أن عنوان المقال مستعار، فقد استعرته من الكاتب الصحفى المتميز المرحوم محمود عوض، وهو عنوان أحد كتبه. كانت الفكرة المحورية للكتاب تقوم على اعتبار أن الكلمة والفكرة دائمًا وأبدًا أقوى من الرصاص. وأن الرصاص حين ينطلق من فوهة السلاح لا يغتال سوى الأجساد، لكن أبدًا لا يغتال المعانى ولا يغتال الأفكار ولا يغتال الكلمات، تفنى الأجساد، وينزوى صوت الرصاص ويخفت وينقضى، لكن صوت الفكرة والكلمة والمعنى والقيمة يبقى ساريًا سريان الدم فى أوصال الوجود، فيمده بأساب الحياة إلى قيام الساعة. وقد قالها عمر المختار المجاهد الليبى حين قال إن عمره أطول من عمر قاتله.

وقد صدق المختار لأنه لا أحد يذكر اسم قاتله. لقد استحضرت هذه المعانى وتداعت إلى ذهنى وملأت على أقطار وجدانى، وأنا أشاهد على شاشة التلفاز مشهد الدماء المتناثرة على أرضية كنيسة العذراء بالوراق. أصحاب هذه الدماء بأى ذنب قتلوا. هم فى النهاية بشر حرم الله دماءهم إلا بالحق. فأى حق دفع القتلة إلى ارتكاب جريمة قتل لأناس لا تربطهم بهم صلة تدفع إلى ارتكاب جريمة القتل. إن إطلاق الرصاص كان عشوائيًا لا يميز بين شخص وشخص. ولكن غلب على ظن القاتل أن المقتول مسيحى بالضرورة. فهل أمرك دينك إن كنت مسلمًا بأن تقتل المسيحيين، بينما آياته تنطق بالحق وتصدح به بأن تبرهم وتحسن إليهم؟ لقد آلمنى أشد الإيلام مشهد الأب الذى يبكى طفلته وهو ينتحب قائلا بأنه لن يذهب بها غدًا إلى المدرسة.

بماذا ستحاججه أمام الله يوم القيامة؟ وهل كان الله فى بالك وأنت تقتل؟ وقائع القتل متعددة. وإسالة الدماء البشرية مسألة اعتدناها منذ سقوط الإخوان، لأنها تقع على نحو شبه يومى. ورغم ذلك يبقى السؤال قائمًا: وماذا بعد؟ هل يظن الإخوان ومن لف لفهم ودار فى فلكهم ومثلوا الأيادى الخفية لهم أن القتل هو الوسيلة المثلى للعودة للحكم أو الانخراط فى الحياة السياسية من جديد؟ .

إن ظن أحد ذلك فقد خاب ظنه وخسر، لأن هذه الأفاعيل تباعد بينك وبين الناس، وإن هلل لك المأجورون، أو دافع عنك أفراد الطابور الخامس الذين زرعتهم فى جسد المجتمع، وتدفع لهم ليدينوا لك بالولاء من وراء ستار. إن السيارات المفخخة، والمتفجرات المزروعة، والبنادق الآلية كشفت ما كان مخفيًا من أفكار إرهابية جرى تغذية جيل من أتباعكم بها، ومن ثم فمسئوليتكم عن تلك الجرائم قائمة لا محالة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مهما تبرأتم وأعلنتم عدم مسئوليتكم أو إدانتكم للحادث، فكل ذلك ما عاد ينطلى على أحد. اليوم بينكم وبين الجماعات الإرهابية رابطًا وتحالفًا وهم منكم بمثابة الفرع من الشجرة، فلا يصح لكم إزاحة التهمة عنكم وإلصاقها بهم أو بغيرهم. ما تفعلونه لن يطفئ أنوار الثورة الذى تأجج فى الصدور ضدكم. تبلورت الفكرة ونمت فى العقول بأنكم أصحاب دنيا ولستم أصحاب دين، وطلاب سلطة لا طلاب آخرة. تشكلت المعانى فى النفوس من خلال تصرفاتكم إبان فترة حكمكم وامتلأت بها الصدور. وحين هتف الشعب ضدكم بسقوطكم شق هتافه عنان السماء "يسقط يسقط حكم المرشد". فهل يظن ظان أن الرصاص يقتل فكرة أو يغتال معنى أو يحبس كلمة خلف الشفاة. لقد عرف الشعب الطريق وأدرك مكانكم وموقعكم من التاريخ إن تفضل عليكم التاريخ بالذكر. واعلموا أن أعمار المقتولين أطول بكثير من أعمار القتلة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة