طالبت لجنة الدفاع عن الحريات بالنقابة العامة للمحامين, رئيس الجمهورية المؤقت المستشار"عدلى منصور" بعدم إصدار مشروع قانون التظاهر فى تلك المرحلة الانتقالية، وإعادته إلى مجلس الوزارء مرة أخرى, لحين عرضه على المجلس التشريعى المقبل.
وأعربت اللجنة عن استيائها, وأسفها إزاء ما تضمنه مشروع قانون "تنظيم الحق فى الاجتماعات العامة, والمواكب, والتظاهرات السلمية, فى الأماكن العامة"، المعروف إعلاميا باسم "قانون التظاهر"، وأكدت اللجنة فى بيان لها أن طرح هذا القانون فى هذا التوقيت هو محاولة لإعادة عقارب الزمن للوراء, حين حاولت أيضا جماعة الإخوان تمرير هذا المشروع المشبوه إبان عام 2012, من خلال مجلس الشعب المنحل، والرئيس المعزول، وفشلت فى إصداره بسبب معارضة القوى الثورية والوطنية, ورفض جموع الشعب المصرى له آنذاك.
واستنكرت اللجنة، فى بيانها، موافقة مجلس الوزراء عليه بأغلبية الأعضاء ثم إحالته إلى رئيس الجمهورية المؤقت لإصداره، مشيرة إلى أن الحكومة الانتقالية الحالية أعدت مشروعا هو الأكثر قمعية.
واعتبر البيان أن هذا القانون انتهاك للحقوق وقمع للحريات بما يحمله من مواد تضع قيودا على حق التظاهر، وقيودا أخرى على الحق فى الاجتماع العام والإضراب, والاعتصام, وتنظيم المواكب، بما يمثل تقييدا جامعا, وخانقا على حرية المصريين فى ممارسة كافة أشكال التعبير عن الرأى، والحق فى التجمع السلمى، كحق من الحقوق التى انتزعها المصريون بدماء آلاف الضحايا من أبنائهم على مدار العهود الطويلة السابقة، وأثناء حكم الرئيس الأسبق مبارك، وخلال المرحلة الانتقالية التى أعقبت خلعه، وكذا إبان فترة حكم تنظيم جماعة الإخوان، مؤكدا أن المصريين لا يزالون على استعداد أن يدفعوا مزيدا من الثمن من أجل حريتهم وحقوقهم العادلة.
وأشار البيان إلى أن ما تقوم به جماعة الإخوان من مسيرات ومظاهرات ينتج عنها عنف ودماء ويتزامن معها عمليات إرهابية وتفجيرات، بينما الدولة تملك من الإمكانيات والأدوات والقوانين الكثيرة ما يمكنها من مواجهة أى خروج على القانون أو إخلال بالأمن.
وأكد البيان أن الأصل العام هو"الحرية والحق فى التعبير عن الرأى بكافة طرق التعبير عن ذلك، مثل التجمع السلمى وحق التظاهر" كحقوق أصيلة من حقوق الإنسان، وأن من حق المصريين أن ينعموا بنظام ديمقراطى قائم على الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وسيادة القانون، موضحا أن مشروع قانون التظاهر المطروح للحوار المجتمعى يتضمن عددا من النصوص الاستبدادية والجائرة التى تنتقص من تلك الحقوق وتجور على مكتسبات ثورة 25 يناير وموجتها الثانية فى 30 يونيو.
وأوضح البيان أن مشروع القانون يلزم بإخطار جهات الأمن بأسماء منظمى المظاهرة، والإخطار المسبق بتنظيم المظاهرة، فى حين أعطى وزارة الداخلية سلطة مطلقة فى الرفض والاعتراض على الإخطار لأسباب أسماها "جدية"، مثل مخالفة النظام العام أو الأمن العام، وهى عبارات مطاطة وفضفاضة لا تعريف لها فى القانون، كما نقل عبء المخاصمة القضائية أمام المحكمة على عاتق منظمى المظاهرة، وأصبح الإخطار من جانب المنظمين "لا قيمة له" مع منحهم حق الاعتراض أمام القضاء وطول أمد التقاضى.
كما قيد مشروع القانون "الحق فى الاجتماعات العامة" بالسماح بحضور قوات الأمن بحجة التأمين، بما يمثل رقابة صريحة من وزارة الداخلية على تلك الاجتماعات، وأعطى لها الحق، كما جاء بالقانون، فى فضها بالقوة تحت مزاعم مخالفة النظام العام والأمن العام، وهو ما ينصرف أيضا على المظاهرة أو الندوة.. الخ، على حد قولهم.
وألزم مشروع القانون المنظمين بإخطار وزارة الداخلية قبلها بثلاثة أيام فى إحدى مسودات المشروع، وسبعة أيام فى مسودة أخرى سواء كانت المظاهرة أو الندوة أو الاجتماع فى مكان عام أو خاص، وإذا تم تجاوز هذا الميعاد يمنح القانون لوزارة الداخلية "سلطة الفض" بقنابل الغاز وطلقات الخرطوش.
ومنح القانون الجهة الأمنية الحق فى التفتيش والقبض، والعقاب الجماعى فى حالة ارتكاب أحد المتظاهرين إحدى الجرائم أثناء المظاهرة، وأجاز استخدام القوة المميتة فى حالة القرب من المنشآت والممتلكات العامة بالنص على "حرم" حدد لها مسافات معينة يستحيل تطبيقها فى المدن المزدحمة والمبانى المكتظة والمتلاصقة فى مصر، بما يعنى أن مشروع القانون لا يجيز التظاهر أمام المؤسسات المعنية بالمظاهرة، وأن المظاهرة لن تكون مرئية أو مسموعة، وبالتالى لا يجد المتظاهرون حلا ولا يستطيعون إسماع المسئولين صوتهم، وكأنها ثرثرة فى الهواء.
كما نص المشروع على عقوبات سالبة للحرية، وغرامات فادحة وقاسية على من يخالف نصوصه، وخص ذلك بالنص على حالة "الاعتصام والإضراب" بالحبس خمس سنوات, وغرامة تصل إلى مائة ألف جنيه إذا تم الاعتصام, أو الإضراب فى ذات مكان المظاهرة، ونص على عقوبة الحبس التى تصل إلى ثلاث سنوات، وغرامة تصل إلى مائة ألف جنيه لكل من ارتدى أقنعة أو أغطية لإخفاء الوجه، معتبرا غطاء الوجه فى حد ذاته جريمة تستحق هذه العقوبة القاسية.
وأكدت لجنة الحريات بنقابة المحامين أن التظاهر السلمى حق أصيل لجموع المصريين للتعبير عن آرائهم إزاء حالة التردى السياسى والاقتصادى والاجتماعى التى اندلعت بسببها الثورة، والتى لا تزال مستمرة، وأن حكومة تسيير الأعمال الحالية تولت مناصبها بسبب ممارسة المصريين حق التجمع السلمى وحق التظاهر فى ثورة 25 يناير وموجتها الثانية فى 30 يونيو، وأن على الحكومة الانتقالية الحالية بدلا من إعداد قوانين قمعية جديدة أن تضع حلولا مؤقتة لهذا التردى، وأن تعمل على إصدار قوانين تحقق العدالة الاجتماعية للمصريين لحين تسليمها للسلطة وفق خطوات خارطة الطريق السياسية.
"حريات المحامين" تطالب الرئيس بعدم إصدار قانون التظاهر قبل البرلمان
السبت، 26 أكتوبر 2013 09:54 ص