عندما نقول إننا بحاجة إلى وأد الفتنة أو على الأقل تركها نائمة. فإن هذا لا يعنى أن نظل نردد هذه الشعارات ومع الوقت ننساها، إلى أن تأتى حادثة ما فنخرج نفس الشعارات مرة أخرى من الدفاتر، لنعيد إطلاقها وترديدها ليل نهار. ثم ننساها مع الوقت، وهكذا نستمر فى هذه الدائرة!
لقد كان التعايش الوطنى بين المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير المصرية نموذجًا عمليًا لن تكفى الكتب والمقالات والشعارات أن تصفه، لقد كانت حالة اندماجية رائعة بين كل أطياف الشعب المصرى لم تشهدها مصر بهذا الشكل منذ حرب أكتوبر 1973، ثمة روح جديدة قد نمت بين المصريين بعضهم البعض لم نعهدها فى ظل نظام سابق كان يبث الفتنة ويدّعى أنه يقاومها، لكن للأسف سرعان ما بدأت روح الفتنة تنمو مرة أخرى نتيجة حوادث فردية بهدف الوقيعة بين أبناء الأمة الواحدة.
وثمة فتن أخرى قد ظهرت مؤخرًا بالمجتمع، عندما اتسعت الهوة بين معسكر التيار الإسلامى والليبرالى، بين هذا الحزب وذاك، بين أصحاب الأراء المختلفة، وصارت تصنيفات جديدة دخيلة على الشعب المصرى الذى اتسمت طبقاته لسنوات بالانصهار مع بعضها دون تمييز أو تصنيف سياسى أو أيدولوجى، وراح الإعلام يضخم الأمور كعادته، وتبدأ رموز وقادة التيارات السياسية والدينية المختلفة تنفخ النار لتؤجج المشهد أكثر، وبينما تسيل دماء المواطنين على الطرقاتـ سواء بوجه حق أو بدونه. فإن ضيوف الفضائيات ومحلليها يبقون على نفس آرائهم القديمة بالتحليل لصالح ذاك الطرف أو ضده، دون اعتبار لأن الصدامات قد تتسع لتشمل نطاقات واسعة وينتج عن ذلك خسائر فادحة فى الأرواح والممتلكات لا تحمد عقباها.
أذكر أننى قد كتبت قديمًا أن مثل هذه الأفعال ما هى إلا مقدمات لفتنة قد تطيح بالأخضر واليابس، إن الوطن الآن قد بات فى أمس الحاجة إلى توفير جهدنا لنبذله فى تعمير الوطن وبنائه، لكننا نتغافل عن البناء والإصلاح ونتجه نحو خلافات لا تحلها الاعتصامات والتظاهرات بل الحوار والنقاش، وفى خضم الأحداث .. تحولنا إلى قنابل موقوتة موجودة فى الشوارع وعلى الأرصفة ننتظر من ينزع فتيلها كى ننفجر!
ختاما أذكّر .. بأن الحوار هو الوسيلة الوحيدة الفعالة للتعامل مع الآخر للتفاهم على نقاط تشكل اختلافًا فى وجهات النظر، ولو اعتمده الجميع لما كانت هناك تلك الإشكاليات والخلافات التى تؤدى إلى صدامات تحدث من الحين للآخر، خاصة وأن مراجعة تكلفة ما تم حرقه والخسائر التى نتجت عن الإضرابات والاعتصامات خلال الفترة الماضية، توحى بأن الاستمرار فى هذا الطريق لن تؤدى إلا الى ما هو أسوأ، ومن هنا ينبثق أهمية الحوار لتبادل الآراء فيه، ولو اعتمد الجميع الحوار سبيلاً لما كانت هناك نزاعات سياسية أو دينية وطائفية، صحيح أن الخلافات لن تنتهى .. لكن على الأقل سيسلم الوطن مما ينتج عن النزاعات والحرائق، وقديمًا قالوا: حوار الكلمات أفضل من حوار اللكمات، فابدأوا يا أبناء مصر الآن قبل أن تذهب كل الفرص من أمامكم ولا يبقى سوى الندم.
أحمد الغـر يكتب: قبل أن يذهب كل شىء .. سوى الندم!
الخميس، 24 أكتوبر 2013 08:05 م
علم مصر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة