بات الشجب والاستنكار والغضب هو كل ما نستطيع فعله تجاه ما تتعرض له مصر من عمليات إرهابية تطال أفراد الجيش والشرطة والمدنيين، ولذا فإنه فور وقوع جريمة إرهابية يتبارى السياسيون وقادة الأحزاب والشخصيات العامة والنشطاء فى التعبير عن غضبهم لوقوعها وتضامنهم مع الضحايا والشهداء وغضبهم مما يحدث.
تستمر هذه الآلية لمدة يومين أو 3 أيام فى وسائل الإعلام ثم ننسى الجريمة ولا نفيق إلا على جريمة جديدة فنعود أدراجنا مرة أخرى إلى الشجب والاستنكار والغضب.
وكأننا خلقنا لرد الفعل لم نتعلم - للأسف - من الغرب إلا بعض الأشياء التى لا تناسب طبيعتنا، لم نتعلم من الغرب - مثلا - إحباط الجريمة قبل وقوعها أو حتى استخدام التقنيات الحديثة لرصد الجريمة لم نتعلم وليتنا نتعلم مستقبلا حتى لا نندم على ما فاتنا.
والشىء الغريب أن هناك فى مصر ممن يعيشون بيننا يحاربون المسيحيين على أنهم أعداء وكفار لابد من قتلهم، ما زال البعض من بنى وطنى يعتقدون ذلك ويسلمون به دون التأنى والنظر فى أفكارهم المسمومة التى لم تراع معنى الإنسانية وقيمة الإنسان الذى خلقه الله ونفخ فيه من روحه العظيمة وكرمه وشرفه.
تناسى هؤلاء سماحة الإسلام الحقيقية وحرص النبى صلى الله عليه وسلم على الحفاظ على دماء الإنسان، وللذكرى فإن النبى صلى الله عليه وسلم أرسل الحارث بن عمير الأزدى إلى هرقل يدعوه للإسلام، فقتله شرحبيل بن عمرو فى الطريق.
ومن بعد أرسل وفداً إلى ذات الطلح - قرب دمشق - يدعو أهلها للإسلام، فقتلوا جميعاً وعددهم 15 رجلاً إلا رئيسهم. وخشى النبى أن يتجرأ الأعداء المتربصون على المسلمين، فأرسل جيشاً من ثلاثة آلاف إلى مؤتة جنوب الشام، وأوصاهم: «ألا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليداً، أو امرأة، ولا كبيراً فانيًا، ولا معتصمًا بصومعة، ولا تقربوا نخلاً، ولا تقطعوا شجراً، ولا تهدموا بناءً..».
وهذه الوصية كررها أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، مع جيش أسامة بن زيد حين قال: لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخًا فانيًا ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه.. ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم فى الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم إليه، وسوف تأتون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام، فإذا أكلتم منها شيئًا بعد شىء فاذكروا اسم الله عليها.. وسوف تلقون أقواماً قد فحصوا «كشفوا» أواسط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب، فاخفقوهم بالسيف خفقًا.. اندفعوا باسم الله.
تخيلوا نصائح لجيش ذهب لمحاربة الأعداء فما بالك بأبناء الوطن الواحد من يعيشون على تراب الوطن وتظلهم سماؤه.
إن تحليلى للمشهد الراهن يتوقف على عدة نقاط أراها فى منتهى الأهمية من أجل إيجاد حلول واقعية لما نحن فيه، أولا نحتاج إلى استراتيجية متكاملة لمواجهة الأفكار المتطرفة من خلال تعليم محترم وكتب دينية فى مدارسنا تحوى القيم الإنسانية وروح الإسلام، وإعلام لماح يتحرك لمصالح بلده ولا يتحرك لإشعال النار فى الوطن ويتحرك برد الفعل وكأنه «إذا سقط الحمار سقطت البردعة». نحتاج إلى خطاب فعال فى المساجد وربط الخطب بواقع المجتمع لتصحيح المفاهيم المغلوطة لدى البعض أيضا، نحتاج إلى أن نفهم صحيح الدين ونتذكر حديث النبى صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة «من دخل داره فهو آمن، ومن وضع سلاحه فهو آمن، ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن». ونحن اليوم نقصف البيوت بمن فيها ومواقع الجيش والشرطة ونعتدى على الكنائس والمنشآت العامة ولا أحد يبالى.
ولابد أن أذكر بنى وطنى الذين يقاتلون من أجل شخص ويتظاهرون ويساعدون على دمار الوطن وضياع اقتصاده ويفرحون لأحزانه ويحزنون لأفراحه من أجل شخص واحد فشل بشهادتهم أنفسهم أذكرهم بحديث النبى الكريم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذى هو خير وكفر عن يمينك. إن الإسلام يحض على العمل الجماعى والحفاظ على قيمة الإنسان وعلى الحب والسلام وعمارة الأرض وغلظ من عقوبة القتل لقوله تعالى: «مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا.
عبد الحليم سالم يكتب: وقف نزيف الدماء بحاجة إلى استراتيجية متكاملة بدايتها التعليم..التصدى للأفكار المتطرفة وتفضيل المصلحة العامة على الذات من أولويات المرحلة والأهم فهم روح الإسلام
الأربعاء، 23 أكتوبر 2013 02:19 ص