اعتبر تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولى أن الخطر الرئيسى الذى يواجه الاقتصاد المصرى، يتمثل فى تزايد حالة عدم اليقين السياسى، وتصاعد وتيرة العنف، الأمر الذى من شأنه أن يقلل الثقة، ويزيد الضغوط الخارجية على الميزانية.
وقدر صندوق النقد الدولى فى تقريره، الذى جاء فى صيغة تشاؤمية، العجز فى ميزانية 2012/2013 بحوالى 14.1% من الناتج المحلى الإجمالى، كما سجل الدين العام حاليا نحو 90% من إجمالى الناتج المحلى.
وأوضح التقرير الصادر حديثا، أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة سيضع عبئا إضافيا على الموازنة المصرية ويفاقم الوضع الخارجى، مشير إلى أن الصعود السريع لعملية سياسية واسعة وشاملة سيعيد الثقة، ويسرع عودة المستثمرين من القطاع الخاص.
وفيما يتعلق بالتوقعات قصيرة الأجل، ذكر التقرير أنه نظرا للاضطرابات فى قطاعات السياحة والصناعة التحويلية، من المتوقع أن يظل النمو ضعيفا فى السنة المالية 2013/2014، كما سيبقى العجز فى الميزانية مرتفعا، ما لم تتحرك السلطات المصرية قدما بسرعة بخططها، لإصلاح الدعم، وتنفيذ التدابير المالية الأخرى، متوقعا أن يسجل التضخم مزيدا من الارتفاع.
وخفض صندوق النقد فى تقرير أصدره فى الأسبوع الثانى من أكتوبر الجارى، توقعاته لمعدل النمو فى مصر إلى 1.8% خلال العام الجارى 2013، من 2.3% للعام نفسه، نظرا للاضطرابات السياسية التى تمر بها مصر.
وأشار التقرير إلى أن الدعم المالى الذى تعهدت به الكويت والسعودية والإمارات (12 مليار دولار)، بعد إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسى، ساعد مصر على تلبية احتياجاتها التمويلية خلال العام المقبل أو نحو ذلك، كما أدى ذلك إلى وجود بعض الحيز المالى يسمح للحكومة المؤقتة أن تعلن فى أغسطس حزمة التحفيز المالى التى تشكل 1.2% من الناتج المحلى الإجمالى فى الإنفاق الاستثمارى الإضافى، لدعم النمو وخلق فرص العمل.
وأعلنت الحكومة المصرية فى نهاية أغسطس الماضى، عن تخصيص 22.3 مليار جنيه (3.2 مليار دولار)، للإنفاق على مشروعات استثمارية لدعم الاقتصاد على مدى 10 أشهر.
ويعتبر التقرير أن الأولوية العاجلة أمام الحكومة المصرية المؤقتة تتمثل فى استعادة استقرار الاقتصاد الكلى بواسطة تعزيز المالية العامة، واستقرار سوق الصرف الأجنبى، والحد من التضخم مع الحفاظ على القدرة التنافسية.
ويضيف التقرير، أن تحويل موارد الميزانية نحو الإنفاق على البنية التحتية والتعليم والصحة، فضلا عن رسم استراتيجية واضحة لتسوية المتأخرات المحلية والخارجية ستكون مهمة لتحسين آفاق النمو، كما أن الإعلان عن إطار مالى متوسط الأجل ذا مصداقية سيساعد على تحقيق التوقعات ودعم الثقة فى الملاءة المالية.
ويرى أن المهمة المباشرة للسلطات المصرية تتمثل فى تبسيط اللوائح المرهقة، وتحسين الوصول إلى التمويل، كما أن زيادة الاستثمار فى رأس المال البشرى وإزالة الاختناقات أمام الاستثمار فى قطاعات النقل والكهرباء، سيسهم فى زيادة النشاط الاقتصادى، وتوفير الحصول على فرص العمل أمام شرائح المجتمع.
وعلى المدى المتوسط، يعتبر التقرير إعادة التوازن فى الميزانية إلى مسار مستدام أمر ضرورى، وهذا يتطلب استعادة السيطرة على النفقات العامة، بما فى ذلك إصلاح دعم الطاقة واحتواء فاتورة الأجور، وتعبئة إيرادات إضافية.
ويقول الصندوق، إن الحصول على مزيد من الدعم المالى الخارجى يمكن أن يوفر فرصة لالتقاط الانفاس اللازمة لضمان سلاسة ضبط أوضاع المالية العامة، وتطوير شبكات الأمان الاجتماعى، موضحا أن مصر بحاجة إلى المساعدة الفنية فى مجالات إدارة المالية العامة، والدعم وشبكات الأمان الاجتماعى، وإصلاح الخدمة المدنية، والحصول على التمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم (المشاريع الصغيرة والمتوسطة).
ويشير التقرير إلى أن نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى تباطأ فى عام 2012/2013، ويرجع ذلك جزئيا إلى الاضطرابات السياسية فى نهاية السنة المالية، وظلت نسبة البطالة فوق 13%، كما ارتفع التضخم إلى 10% فى أغسطس 2013 فى الأشهر الثمانية منذ ديسمبر 2012.
وذكر التقرير أن تدهور الوضع المالى وارتفاع دعم الطاقة، أدى إلى تراكم متأخرات خارجية كبيرة مستحقة لشركات النفط، ما أثر سلبا على الاستثمار الأجنبى فى قطاع الطاقة، كما أن التباطؤ المتواصل فى إنتاج الطاقة زاد من تكاليف الميزانية لدعم الطاقة.
وأضاف التقرير أنه نظرا لمحدودية الوصول إلى الأسواق المالية الدولية، زادت الحكومة من اللجوء إلى التمويل المصرفى، بما فى ذلك تسهيلات السحب على المكشوف من البنك المركزى، وبالتالى مزاحمة القطاع الخاص.
ويرى الصندوق، أن ارتفاع وتيرة الاضطرابات الإقليمية، ولا سيما الصراع فى سوريا، يمكن أن يؤخر استئناف الاستثمار الأجنبى المباشر والسياحة فى مصر، ويمكن أن يؤثر على عائدات قناة السويس.
تقرير متشائم لـ"صندوق النقد الدولى": زيادة وتيرة العنف وعدم اليقين السياسى فى مصر تزيد من الضغوط الخارجية.. والاضطرابات الإقليمية تؤخر استئناف الاستثمار الأجنبى المباشر والسياحة وعائدات قناة السويس
الأربعاء، 23 أكتوبر 2013 02:25 م
كريستيان لاجارد