قال مؤشر الديمقراطية الصادر عن المركز التنموى الدولى، إن حكومة الدكتور حازم الببلاوى طرحت مشروعا ينظم الحق فى التظاهر فى لباس جديد، إلا أن مضمونه يعد تكرارا لمشروع حكومة قنديل، أو تقنينا لممارسات الأمن القمعية للحق فى التظاهر – حسب تعبيره- .
وأضاف المؤشر فى تقرير طرح رؤيته عن مشروع قانون التظاهر، إن هذا القانون المنظم للتظاهر لابد أن يلتزم أساساً بطبيعة هذا الحق وغاياته ووسائله، وأن المشرع لا يملك أن يقيده بأية شروط أو إجراءات تتناقض مع طبيعته الدستورية، وإلا اعتبر المشروع قانونا لمنع وحظر التظاهر.
واستنكر المؤشر وضع السلطة التنفيذية مثل هذا القانون فى غياب تام لسلطة التشريع "مجلسى الشعب الشورى"، بشكل يجعل منها مشرعاً ومنفذاً وهو ما ينافى كافة الأعراف الدستورية، لافتا إلى أن كافة مؤسسات الدولة وربما جانب من واضعى هذا المشروع هاجمت حكومة قنديل عندما سعت لإقرار قانون مماثل فى ظل غياب مجلس الشعب بالرغم من وجود مجلس الشورى، بحجة أن سلطة التشريع غير مكتملة وأنه لا يحق للشورى أن يستأثر بسلطة إقرار مثل تلك القوانين فى ظل غياب مجلس الشعب.
وأوضح التقرير أن القانون أعطى سلطة مطلقة للأجهزة الأمنية فى تنظيم عملية الاحتجاج بشكل جعل سلطة الرقابة القضائية على تنظيم هذا الحق هامشية وشبه معدومة، وجعل من سلطة جهاز الأمن شبه مطلقة، حيث أضحت الشرطة هى الجهة المنوط بها تلقى إخطارات التظاهرات والاجتماعات، والنظر فيها وفق ما أقرته المادة "8".
ولفت مؤشر الديمقراطية إلى أن مشروع القانون أعطى لوزارة الداخلية السيطرة المطلقة على اللجان التى يقترح إنشاؤها بالمحافظات والمعنية بتنظيم ضوابط التظاهر وفق ظروف كل محافظة.
وأكد التقرير أن المواد "11، 12، 13، 14، 15" أعطت للجهاز الشرطى الحق فى رفض التظاهر تحت مسميات فضفاضة أو غيبية، وأن جهاز الشرطة وفق هذا القانون أصبح الوصى الأول على الحق فى التظاهر والمتحكم الأوحد فى مقاليد أموره، وحائط الصد الأول بين الحراك الاحتجاجى وبين كافل الحق أو مؤسسات الدولة، بشكل جعل القانون يتحول لأداة لتقنين تجاوزات الجهاز الشرطى ضد المتظاهرين وهدم الحق فى التظاهر فى مصر، بحيث أصبحت نصف مواد القانون المنظم لهذا الحق تعمل على حماية ردود أفعال الجهاز الشرطى ضد التظاهر وليس حماية التظاهر.
وذكر التقرير أن قانون التظاهر الجديد لم يتطرق إلى أى مواد متعلقة بحماية المتظاهرين أو كفالة هذا الحق من الاعتداء عليه من قبل أطراف غير منظمة كسكان المنطقة المقام بها التظاهر مثلا، أو ما يسمونه مرة طرفا ثالث، ومرة إرهاب وتارة ثالثة بلطجية النظام، وأن القانون تعامل مع منظمى المظاهرات على أنهم طرف عليه الانصياع لكافة تحكمات وقيود هذا القانون دون أدنى حماية لهم حتى إن التزموا بالقانون.
كما أكد التقرير الحقوقى أن القانون لم يتطرق لتنظيم الاحتجاجات العمالية أو الاحتجاجات الطلابية كنموذج لقطاعات لها وضعها الخاص فى عملية التظاهر والاعتصام، وأنه تعمد إغفال حقوق العمال فى التظاهر عندما حظر التظاهر أو الإضراب المعطل للإنتاج مثلا، أو فى حرم مؤسسات الدولة بشكل يفتح الباب أمام تطبيقه فى الجامعات أيضا.
وأشار التقرير إلى الإفراط فى العقاب داخل مشروع القانون، حيث شدد القانون على الحبس والغرامة ومعاملة الخارجين عن قواعد المظاهرة معاملة تشبه المتهمين الجنائيين وصورة امتدت ليست لفاعلى الخروقات الاحتجاجية فقط بل للمحرض والمساعد، مما يعرض جميع من فى التظاهرة للعقاب على أخطاء شخص ربما يكون مندس من أى طرف يهمه إفشال المظاهرة.
وأكد المؤشر فى تقريره عن قانون التظاهر أن القانون المقدم من حكومة الببلاوى فقد مصدر قوته الدستورية، ويعمل على تغول سلطة التنفيذ فى شأن إدارة هذا الحق، وتقيد نصوصه الحق فى التظاهر، وأحالت تقييداته الإخطار من إجراء احترازى لإجراء تعجيزى، وأصبح القانون فى مضمونه لا يلتزم بطبيعة الحق فى التظاهر ومساراته، وأن هذا الحق يقيد بالعديد من الشروط والعقوبات بشكل يناقض تماما الطبيعة الدستورية لهذا الحق ويحيله لقانونا يمنع التظاهر لا يمنحه – حسب التقرير -.
وأوضح مؤشر الديمقراطية أن الظرف الحالى ربما يمكن السلطة التنفيذية من إقرار هذا القانون، حيث الاحتجاجات والعنف السياسى وعمليات الإرهاب تملأ الدولة، وأنه بالشكل الذى لو فرضنا حدوث استفتاء على تلك القوانين ستحظى على أقل تقدير بتأييد 80% من المصوتين.
وطالب التقرير الحكومة باتخاذ التدابير والإجراءات المؤقتة لاحتواء أعمال التظاهرات والحركات الاحتجاجية العنيفة أو المعرقلة للمواطن والدولة وخاصة احتجاجات جماعة الإخوان وفروعها بالمؤسسات التعليمية، وذلك بشكل لا يمثل إقصاءا أو تمييزا، وأن تتوقف الحكومة عن إصدار أية قوانين حتى الانتهاء من الاستفتاء على الدستور وانتخابات السلطة التشريعية لضمان الأساس الدستورى والغطاء التشريعى للقوانين المراد إقرارها.
كما أوصى المؤشر بضرورة أن تعيد الحكومة مشروع التظاهر وأية مشروعات قانونية للنقاش المجتمعى وأن تعتمد فى هذا النقاش على مشاركة أساسية من قبل المنظمات الحقوقية العاملة فى المجالات الخاصة بالتشريع والتى لديها من الخبرة والكفاءة ما يؤهلها لإثراء تلك القوانين وفق التزامات مصر الدولية وظروفها المحلية.
وطالب التقرير الحكومة بأن تقر مجموعة من الإجراءات والتدابير التمهيدية لإقرار تلك القوانين مثل حملات التوعية والتثقيف عوضا عن التوجيه والأدلة، وناشد الحكومة أن تبحث بالشراكة المجتمعية الحقيقية عن البدائل المناسبة للمشكلات المؤقتة، وأن تعتمد سياستها التشريعية على منح الحرية لمواطن لديه ثقافة المسئولية.
تقرير حقوقى: قانون التظاهر انحاز إلى الأمن فى تنظيم الاحتجاج ومنح الرقابة القضائية سلطة شبه معدومة.. ولم يتطرق لحماية المتظاهرين.. ووضع السلطة التنفيذية له دون التشريعية ينافى الأعراف الدستورية
الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013 01:18 م