لا ريب أن كل العاملين فى مجال الإعلام يعرفون جوزيف جوبلز، أنه وزير الدعاية النازى، ورفيق هتلر حتى اللحظات الأخيرة. استطاع جوبلز الترويج للفكر النازى بطريقة ذكية، وقد أسس فن الدعاية السياسية الرمادية على الكذب الممنهج والمبرمج، وهو صاحب الشعار الشهير: " اكذب حتى يصدقك الناس". ومن أقواله كذلك: "اعطنى إعلاما بلا ضمير أعطيك شعبا بلا وعى". ويعد جوبلز إحد الأساطير فى مجال الحرب النفسية، وهو أبرز من وظفوا واستثمروا وسائل الإعلام فى هذه الحرب. وقد تتلمذ الإخوان على منهج جوبلز فى الدعاية السياسية. فقد اعتمدوا الكذب منهجاً واستخدموا إعلاماً بلا ضمير لقصف عقول الناس وتغييب وعيهم، منطلقين من قاعدة السياسة الرمادية. ولابد أن نعترف بداية بنجاح الإخوان فى هذا المضمار نجاحاً لم تستطع السلطات المتعاقبة مجاراته. واستطاعوا من خلال السياسة الدعائية لهم أن يبنوا قاعدة كبيرة من المتعاطفين مع مواقفهم، بل والمتبنيين لهذه المواقف فى بعض الأحيان، إلى حد يمكن معه القول بأنهم إخوانيون أكثر من الإخوان. فالأخ الإخوانى يمكنه إقناعك بالأمر وعكسه فى أن معاً، فهو إذا ادعى أمراً ولزمه الدليل والبرهان على صحة موقفه فإنه يضع يده فى الجيب الأيمن لبنطاله مخرجاً منه ما تريد، فإذا ألزمته الضرورة تبنى الموقف المعاكس فإنه يضع يده فى الجيب الأيسر ليخرج منه ما تريد أيضاً. وقد تبدى ذلك واضحاً فى المواقف المتناقضة- الموقف وعكسه- التى تبناها الإخوان إبان وجودهم فى السلطة. وقد صدقهم الناس نتيجة الإلحاح الدائم والمستمر بالكذب المراد تصديره إلى وعيهم. ومعنى تصديق الناس لهم تكذيب الآخر المتبنى لوجهة النظر المعاكسة. وقد وعى الإخوان منذ البداية أهمية وقيمة الإعلام الموازى المتمثل فى شبكات التواصل الاجتماعى فأنشأ خيرت الشاطر ما يسمى بالميليشيات الإلكترونية لنشر الأكاذيب والدعاية السوداء وعمليات الاغتيال المعنوى ومحاربة المواقف المضادة ومطاردتها، كما أنشأ المواقع الإخبارية. هذا بخلاف ما تقوم به قنوات الجزيرة والقدس واليرموك والحوار والمستقلة من نقل لصور سواء حقيقية أو مفبركة، وفيديوهات سواء حقيقية أو مفبركة، وأخبار ولقاءات واتصالات على مدار الساعة. حتى أن الاتصالات بالمشاهدين تتم مع أناس فى أعماق الريف المصرى فى الكفور والنجوع. لا يهم إن كان ما يتم بثه صادقاً أو كاذباً، المهم أن يكون مستمراً وملحاً وضاغطاً على أعصاب ووجدان وإدراك المشاهد بحيث يصعب عليه التفلت منه أو التفكير فى مدى صحته، ومن هنا يكون تأثيره مباشراً فى تغيير الاتجاهات والسلوك عن وعى أو بدون وعى. وقد نجح الإخوان فى جذب عناصر جديدة من المتعاطفين بالبكائيات التى تبثها عن شهداء ربما يكونوا وهميين أو مصطنعين من خلال مشاهد تمثيلية يجرى تصويرها وبثها. فى حين فشل الإعلام الثورى سواء العام، أو الخاص فى الدفاع عن قضيته رغم عدالتها، لأنه تعامل مع الموقف على نحو تقليدى اقتصر على المعالجات السطحية دون أن ينزل إلى الشارع ليعرض ويناقش ويحلل ويقدم الحقيقة المجردة لجمهوره. ويكون إعلام الصدق فى مواجهة إعلام الكذب، ونترك الجمهور يختار. وأنا على ثقة أن الجمهور سينحاز إلى اعلام الصدق والحقيقة، ويلفظ إعلان الكذب والتضليل. وأنا لست مع المعالجة الأمنية لقضايا الفكر والإعلام والتعبير عن الرأى وإنما من أنصار مواجهة الفكر بالفكر والصورة بالصورة والتحليل بالتحليل، وهنا ستتميز بالمصداقية والموضوعية والأمانة، وتواجه المنهج الجوبلزى فى الكذب الممنهج. اصدق ولا تتكلف الصدق، واعطنى إعلاما بضمير أعطيك شعبا واعيا.
هتلر
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق الشعراوى
والله لا جوبلز ولاهيس دول خرفان
عدد الردود 0
بواسطة:
منصور
ابداع هذا المقال
الصمت ابلغ من الكلام مقال راقى وتحليل عميق
عدد الردود 0
بواسطة:
غريب
بائع الجرجير