لا نريد دولة بعد ثورة تحتكر لنفسها حق إصدار القوانين بدون الرجوع للهيئات الشعبية، أو المؤسسات البرلمانية، فالشعب هو مصدر السلطات، ولا يجوز للرئيس أن يحتكر حق التشريع أو يستغله لتمرير قوانين تحول بين الناس وبين التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم، والدفاع عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى مواجهة الدولة.
بعد ثورة 25 يناير لا نريد دولة تحتكر هى حق امتلاكها تحديد المصلحة القومية والوطنية دون الشعب، فالشعب هو من يحدد المصلحة القومية والوطنية، وعلى الدولة أن تنفذ ما يريد الشعب، وحق الناس فى التظاهر والاعتصام والاجتماع هو حق فطرى وإنسانى وقانونى، وحرمانهم هذا الحق عبر نصوص قانونية مربكة ومزعجة، يدفعهم إلى السجن بالعشر سنوات، أو بغرامات مهولة، أو بمنح سلطات الإدارة فى المحافظات أو قوى الأمن الحق فى استخدام أدوات القوة، بما فى ذلك استخدام القوة القاتلة بدعوى الدفاع الشرعى عن النفس، يعنى أننا مقبلون على التأسيس لدولة أمنية تعتبر وجودها أسمى من وجود مواطنيها، وتعتبر نفسها فى مواجهة المواطنين وفوقهم.
حين طالعت القانون الجديد للتظاهر، لاحظت وكأن الدولة تريد أن تشرعن ما فعلته فى فض اعتصامى رابعة والنهضة، والتى تعرض فيه مواطنون مصريون للقتل بالمئات، التقارير تتحدث عما يقرب من خمس مائة قتيل، وآلاف المصابين، وهذه كارثة فى حد ذاتها، فمصر لم تعرف هذا المستوى من العنف فى مواجهة المواطنين، ومن وضع القانون الحالى يبدو أن حالة رابعة والنهضة تحوم فوق رأسه، وكأن حالة رابعة والنهضة لاتسيطر فقط على العقل الإخوانى، وإنما تسيطر على العقل الرئاسى، ونحن نريد أن نتجاوز، ونحن نضع القوانين أن نكون أسرى لحالة محددة، وإلا كنا غير مؤهلين لتشريع تلك القوانين.
كان مطلب الحرية والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، والحقوق الاقتصادية، هى المطالب الرئيسية لشهداء ثورة 25 يناير، فمطلب الحرية أحد المطالب الرئيسية للثورة، ولا نريد دولة تضع نفسها فى مواجهة الثورة، وإلاستكون دولة للثورة المضادة، أو دولة للقوى العميقة التى لا تريد لمطالب الثورة أن تستوعب داخل مؤسسات الدولة.
لا بد من حل التناقض بين الدولة والثورة، وحل هذا التناقض يكون بإعادة هيكلة وزارة الداخلية، وتحقيق العدالة الانتقالية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والحقوق الاقتصادية للمواطنين، والكف عن إصدار قوانين لا تنظم الحقوق والحريات، وإنما تمنعها من الأساس، كما هو الحال فى ذلك القانون، قاصدة فصيلا سياسيا معينا فى صراع مع الدولة، بينما تلك القوانين ستطبق على جميع المواطنين، ومن ثم على الدولة التحرر من عقلية مواجهة فصيل عبر قوانين تحرم على الجميع والمواطنين كلهم ممارستها.
نريد للدولة المصرية الجديدة أن تتحرر من عقلية استخدام عصا الأمن فى مواجهة حق الناس فى الحرية، وأن تكون تلك الدولة تعبيرا عن مجتمعها وليست فى مواجهته، خاصة وأن الثورة فتحت الباب للناس، فى أن يكونوا جزءا من المعادلة السياسية، ولن تمنعهم القوانين من النزول للشوارع للمطالبة بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ومن ثم ستجد الدولة نفسها فى مواجهة مواطنيها جميعا، وستجد نفسها أداة للقمع والقتل، وليست حامية لهؤلاء المواطنين الذين يريدون أن يعبروا عن حقوقهم بشكل سلمى.
عدد الردود 0
بواسطة:
Mohamed Eissa Elsaeed
رمانة الميزان
عدد الردود 0
بواسطة:
ashraf47604760
الهمج ليس لهم حق في التظاهر
فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد العقدة
التظاهر كالماء والهواء