كم هى رحلة شاقة ومجهدة، وها هى أبواب مدينة السعادة، ولكن من هؤلاء الجميلات اللاتى يرتدين البياض، كأنهن لؤلؤاً منثور، بالتأكيد إنهن أميرات مملكة السعادة، من أنت؟ ومن أين أتيت؟ ولماذا؟ أنا من بلاد الأحزان، وهى فى الأطراف الأخرى من الأرض، وجئت إليكم لكى أشترى منكم السعادة، وأنشرها فى بلادى الحزينة.
ولماذا تشعرون بالحزن؟ هذا أمر شرحه يطول دعونى أخل مدينتكم أولاً، لا لن تستطيعى الدخول، قبل أن نكشف على قلبك، فإذا وجدنا الكره سكن فيه، لن تدخلى مدينتنا، يا هول الصدمة، لقد تذكرت مس (صوفين)، مدرسة الرياضيات كم كنت أكرهها، وكأنها لعنة ستطاردنى مدى الحياة، ودخلت معهم كهفا كبيرا على شكل قلب ووضعوا عصابة على عينى، ووضعت أميرة الحقيقة يدها على قلبى، ووضعت أميرة الذكريات يدها على رأسى، وفجأة مر أمامى شريط حياتى، ورأيت كل البشر الذين مروا عليه فى حياتى، وجميعهم يبتسمون ويمضون حتى جاءت مس صوفين، وقفت أمامى، ونظرت لى نظرة عتاب، وتساءلت هل كنت تبغضيننى؟ فندمت وقلت لا لا ، والله لقد سئمت قسوتك على، فقالت لقد جذبتك بقسوة حتى لا تقعى فى بئر الفشل، وها أنت مررتى بسلام، وأنا فخورة بك، فقلت لها هذا من فضلك بعد الله، وقبلت يدها وقبلت رأسى، ومضت، وهنا بشرتنى الأميرات بأن قلبى نظيف، ويمكن أن أدخل المدينة، وتعلمت أول درس هناك أن القلب الذى يسكن فيه الكره يستحيل أن يشعر بالسعادة.
وفتحوا الأبواب ودخلت يا الله، ما هذا الجمال الساحر وكأنها جنة الله فى الأرض، وما هذه الرائحة الذكية إنها أزهار الياسمين والفل، تفترش الأرض، وها هى زهرة الزنبق زهرتى المحببة، وما هذه الخيام البيضاء المتشابهة؟ قالوا لى إنها بيوتهم، فكل المدينة تسكن الخيام، ومن هؤلاء الكهول الذى ينبعث النور من وجههم ؟ إنهم رجال الدين، يبشرون الناس بالجنة والنعيم، وماذا عن النار والجحيم ؟ وما هذا ؟ إنه عذاب الله الملك الجبار، ولم يعذبنا وهو يحبنا !!! يعذبكم بذنوبكم ومعاصيكم، ولم نعصيه ونحن نحبه !! وماذا عن ظلمة القبور؟ فنظروا لى مندهشين وقالوا قبوركم مثل قلوبكم، فهل قلبك مظلم؟ فقلت لا فيملئه النور، فقالوا وهكذا قبرك، فأطمأن قلبى وسررت، وتساءلت من هؤلاء الرجال الذين يرتدون الملابس البيضاء الخشنة ؟ قالوا إنهم حكامنا الذين يعملون عندنا، ينشرون العدل والمساواة، وأين قصورهم؟ إنهم يسكنون الخيام مثلنا حتى لا تعلو نفوسهم ويتملكهم الجاه والسلطان ويعملون بأيدهم ليكسبوا قوتهم حتى يشعروا باحتياجاتنا ولا ينشرون الظلم والفساد، ومن هؤلاء الذين يعتلون الربوة العالية؟ إنهم علماؤنا وأدباؤنا ومثقفونا، ينشرون العلم والنور والتقدم، ومن هؤلاء الذين يركبون الأحصنة؟ إنهم فرسان السلام الذين يحمون بلادنا، ومن الذى يحميكم وقت خلافكم؟ ولما نختلف ؟ إنه أصل الحياة، أصل الحياة هو الإختلاف وليس الخلاف، فنحن مختلفون فى أشكالنا ومتفقون فى بواطننا التى تحمل الفضيلة بمختلف أنواعها وأشكالها، وماذا يفعل هؤلاء الشباب ؟ إنهم يرعون كهولنا ويساعدونهم على مصاعب الحياة، وينهمون من خبراتهم وعلمهم فيمنحونهم آداب الحياة، وأين نساؤكم ؟ إنهن يوقرن فى خيامهن يطعمن أطفالهن الرحمة والرقى والانتماء والتعاون، إنكن تعيشن فى نعيم حقيقى، وهذا ما أتمناه لمدينتى ليتكن تأتين معى لتنشرن السعادة فى مدينتى، لا لن نستطيع أن نتحمل الحزن والكره والقسوة فنفوسنا شفافة لذا لا نترك بلادنا، وما أنا بفاعلة؟ لقد وعدت أهل مدينتى أن أعود إليهم بالسعادة! فردت أميرة المعرفة تعالى معنا إلى الحكيم (نونى) حكيم المدينة، هو خير من يساعدك، وفى طريقنا إليه سردت لى أميرة الحكايات قصة الحكيم نونى الذى أتى إليهم من بلاد اليأس بعد أن تسرب اليأس إلى قلبه وأصابه بالاكتئاب الشديد، ولكنه قرر الهرب لينشد السعادة، ولكنها كانت رحلة شاقة عليه لذا وجدته أميرة الأمل مستلقيا أمام أبواب المدينة فأخذته وكشفت على قلبه ووجدته قلبا طاهرا بريئا ولكن بدأ يتآكل من اليأس فظلت بجانبه حتى انتشر الأمل فى قلبه وعاد للحياة ولأنه عالم ومفكر كبير أصبح حكيم المدينة، ووجدته أمامى وقد اختلط بياض ثيابه ببياض وجهه وأصبح هالة من النور فقلت تبارك الله أحسن الخالقين، وكانت تقف بجانبه الأميرة الجميلة أميرة الأمل التى أحبها وتزوجها ومن يومها لم يفترقا، وجلست وعرضت عليه ما نمر به فى بلادنا من هم وحزن وظلم وفساد، فربت على كتفى وقال أبشرى سنمنحك بذور العدل والسلام والمساواة والتسامح ازرعيها فى أرضكم وارويها بماء طاهر وعندما تثمر أطعموا منها شعوبكم حتى تنشدوا السعادة، فتهلل وجهى بالفرح، وكاد عقلى يطير، وسألته ومتى تنبت ثمارها ؟ قال لى بعد عشر سنوات، يا خيبة أملى إذاً أبناؤنا هم من سينشدون السعادة، قال لى أبناؤكم هم الأمل والجيل الذى سيحصد الخير الذى ستزرعونه فأنتم جيل الجهاد والتضحية، وكيف لأهل مدينتى أن يفعلوا هذا وقلبهم محطم ويملأه اليأس، وهنا وضعت أميرة الأمل يدها على رأس الحكيم فنظر إلى أميرة النماء فأحضرت له بعض الثمار فاقترب منى وقال إنها ثمار الرضا أوهبيها لأهل مدينتك حتى تطرد اليأس من قلوبهم، وهنا اقتربت أميرة الأمل وأعطتنى ثمارها وقالت انهموا من ثمارى حتى تروا القادم أجمل، فقلت وكيف نثق أن القادم أجمل ؟ فقالت لأنه بيد الله، والله لا يقدر إلا الخير، ونصحنى الحكيم بأن لا يزرع البذور إلا من يملك قلبا طاهراً يحمل الخير لكل الناس، وأمر طائر الترحال أن يحملنى إلى بلادى عند بزوغ الفجر الجديد.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الحميد البدرشيني
جيل الجهاد والتضحي
عدد الردود 0
بواسطة:
؟؟
؟؟؟؟؟؟؟
؟؟؟؟؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود المصرى
جميـــــــــــــــــــل
عدد الردود 0
بواسطة:
نرمين نصار
الاخلاق الراقية
عدد الردود 0
بواسطة:
نورهان
الأمل