تصدر الخطاب الذى ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلى أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة أمس الثلاثاء، المشهد السياسى فى إسرائيل والعالم، حيث جلب العديد من ردود الفعل المتباينة حول تصريحاته المتعلقة بالملف النووى الإيرانى.
وقالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إنه عقب الخطاب أصدرت الخارجية الأمريكية بيانا أكدت فيه أنه لم يحصل أى تغيير فى سياسة الإدارة الأمريكية، وأن الرئيس باراك أوباما قد أوضح أنه يدخل إلى كل مسار دبلوماسى، وأنه يتوقع أن تترافق تصريحات المسئولين الإيرانيين بالأفعال.
ونقلت معاريف عن عضو سابق فى لجنة الاستشارة الأمنية لرئيس الولايات المتحدة قوله إن خطاب نتانياهو كان محاولة فاشلة لصد الحراك الذى أنشأه الرئيس الإيرانى، وأن نتانياهو كان متحمسا لعرض كل شىء على أنه سلبى لدرجة أنه مس بمصداقية حديثه هو نفسه.
وقال العضو السابق إن نتانياهو قد أساء لأهدافه هو من خلال مبالغاته، وبين الناطق السابق بلسان البيت الأبيض، روبرت جيبس، إن خطاب نتانياهو معد للجمهور الإسرائيلى، وأن إسرائيل لم تساعد نفسها بهذه التصريحات التى أطلقها نتنياهو، وخاصة أن العالم نسى ما حصل فى القرن العشرين.
ونقلت معاريف تقريرا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية اليوم الأربعاء، انتقدت فيه خطاب نتانياهو وكذلك تهديداته بشن حرب على إيران، واتهمت الصحيفة نتنياهو بأنه يخرب الجهود الدبلوماسية الأمريكية.
وقالت الصحيفة إنه لا يوجد لدى نتنياهو أسباب مشروعة للتشكيك فى المسعى الإيرانى، وذلك قد يكون مدمرا إذا ظل هو ومؤيدوه فى الكونجرس كالعميان بسبب عدم الثقة بإيران، يبالغون فى حجم التهديد الإيرانى، ويمنعون الرئيس الأمريكى من استغلال الإمكانيات الدبلوماسية، ويدمرون الاحتمالات الجيدة فى نسج علاقات جديدة مع إيران منذ الثورة عام 1979.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن إيران أخفت عن الأمم المتحدة برنامجها النووى مدة 20 عاما، خلافا لادعاءات الرئيس الجديد حسن روحانى ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، وذلك فمن الصعب عدم التعامل بتشكك مع المفاوضات.
ونوهت إلى أن نتانياهو الذى ألمح مرارا إلى اللجوء لعملية عسكرية لمنع إيران من حيازة أسلحة نووية بدا متحمسا للقتال، وزادت بنشرها أن نتانياهو أطلق تهديداته مرة أخرى فى الأمم المتحدة، وحذر من أن "إسرائيل" تحتفظ لنفسها بحق مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية فى حال أشارت تقديراتها إلى أنها قريبة من إنتاج القنبلة النووية.
ومن جهته، وصف نائب السفير الإيرانى لدى الأمم المتحدة خداد سيفى، خطاب نتنياهو بالتحريضى، وأكد على حق إيران غير القابل للتصرف فى تطوير التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية.
وقال سيفى: "لقد استمعنا إلى خطاب تحريضى للغاية من آخر المتحدثين بالمداولات العامة للجمعية العامة، أطلق فيه ادعاءات عن الأنشطة النووية السلمية ببلادى".
وأضاف: "لا أريد أن أرفع من قدر مثل تلك الاتهامات التى لا أساس لها برد منى سوى رفضها كلها بشكل قاطع، لقد حاول أن يضلل هذا الجمع المهيب، ولكن على عكس ما فعله بالعام الماضى بدون رسوم كرتونية".
وفى تعليق وزراء الحكومة الإسرائيلية، قال وزير الدفاع الإسرائيلى موشيه يعالون: "إن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو حدد من خلال خطابه صورة دقيقة للوضع الإيرانى".
وحذر يعلون من رفع العقوبات المفروضة على إيران، قائلاً: "علينا التحذير من تخفيف العقوبات المفروضة على إيران حتى يتضح أن هذا النظام قد تخلى عن فكرة امتلاك قدرات غير تقليدية بشكل قطعى".
من جهته، قال الوزير الإسرائيلى جلعاد إردان، عضو الكابنيت السياسى الأمنى والذى يرافق نتانياهو خلال زيارته للأمم المتحدة، إن التحليلات التى تتحدث تلين نتانياهو لموقفه بما يتعلق بالخط الأحمر خاطئة.
وأضاف إردان: "رئيس الحكومة لم يحدد خطاً معيناً عند وصول إيران إليه فقط، ستشن إسرائيل هجومها، بل ما أوضحه أن لو اضطرت إسرائيل أن تمنع إيران من امتلاك قدرات نووية بمفردها فإنها ستقوم بذلك".
وأيدت رئيسة المعارضة زعيمة حزب "العمل" شيلى يحيموفيتش، خطاب نتنياهو، وقالت: إنها تؤيد ما قاله نتنياهو من ضرورة منع إيران من الحصول على قنبلة نووية ولكنها تتحفظ من الطريقة التى طرح فيها هذا الموضوع.
وأضافت يحيموفيتش: أنه لا يجوز خلق انطباع لدى المجتمع الدولى وكأن القضية الإيرانية هى قضية إسرائيلية بحتة، مؤكدة أن الولايات المتحدة هى التى يتعين عليها قيادة الجهود لتسوية الملف النووى الإيرانى.
فيما قالت زهافا جلؤون، رئيسة حزب "ميرتس" اليسارى المعارض، إن نتانياهو عاد إلى أسلوب البلاغة القديمة التى تعتمد على التهديدات بدلا من الترحيب بالجهود الدولية للشروع فى مفاوضات مع إيران فى الوقت الذى تستمر فيه العقوبات المفروضة عليها.
أما عضو الكنيست إيلى يشاى، من حزب "شاس" فرحب بخطاب نتانياهو، قائلا "إنه مثل الشعب بأسره بصورة محترمة".
وقال نائب الكنيست نيسان سلوميانسكى من كتلة البيت اليهودى، إن نتانياهو كشف القناع عن وجه إيران الحقيقى.
وكان نتانياهو حمل أثناء خطابه فى العام الماضى لوحة ليشرح عليها ما قال إنه تقدم إيرانى باتجاه صنع قنبلة نووية، وأعلن أن بلاده لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووى، حتى لو اضطرت لمواجهتها بمفردها، داعياً إلى تفكيك البرنامج النووى الإيرانى بشكل كامل.
ولفت نتانياهو إلى أن إيران تمكنت من تحقيق تقدم فى برنامجها النووى من خلال مفاوضات مخادعة، مشيراً إلى أن الرئيس الإيرانى الشيخ حسن روحانى، لا يبدو كسلفه محمود أحمدى نجاد، فالفرق بينهما هو أن نجاد كان ذئباً بثياب ذئب، غير أن روحانى ذئب بثياب حمل.
ردود فعل متباينة على خطاب نتانياهو بالأمم المتحدة.. واشنطن تعلن: أوباما لن يتراجع عن المسار الدبلوماسى.. وطهران: خطابه تحريضى.. وتل أبيب: سنمنع إيران من امتلاك "النووى" بمفردنا
الأربعاء، 02 أكتوبر 2013 01:02 م