يقلقنى كثيراً مصطلح الإسلام السياسى الذى يردده العامة والنخبة المثقفة، منذ قيام ثورة ٢٥ يناير المجيدة، السبب الذى جعلنى أرفض هذا المصطلح أنه يجعل من أى شخص يختلف مع هذا التيار، وكأنه مخالف للدين بل وقد يخرجونه عن الملة، والعياذ بالله.
سألنى صديق من الكادحين البسطاء عندما ذكرت أمامه كلمة ليبرالى وعلمانى أنه يريد أن يفهم معناهما، وعندما أوضحت له معنى الكلمتين قال مندهشاً: كده الليبرالى والعلمانى ليس بكافر كما كان يظن، من هنا تكمن المشكلة والمأساة التى نعيشها الآن أننا حولنا الخلاف السياسى، إلى خلاف دينى عقائدى، فمن يقول إن الأحزاب السياسية ذات الخلفية السلفية أو الجهادية أو الإخوانية فقط هى التى تمثل الإسلام أو هى التى تعبر عن المتدينين؟.
إن كل القوانين فى العالم التى تتيح حرية العقيدة وحرية إقامة الشعائر الدينية هى قوانين مدنية لدول غير إسلامية ولا تحمل صبغة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية كما يطلقون عليها ولكن فى جوهرها هى قوانين يقرها الإسلام، ويدعو إليها ولولا هذه القوانين فى هذه الدول الغربية، لما كان لدينا آلاف المساجد فى الولايات المتحدة، ولا عشرات الآلاف من المساجد فى أوروبا وبقية الدول غير الإسلامية.
أقلقنى ما سمعته من أحد قيادات جبهة الإنقاذ أن المنظومه السياسية القادمة يجب أن تحتوى الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية فهو يقول إننا شعب له تاريخ إسلامى كبير وغالبية الشعب من المسلمين فلابد أن يكون لهذه الأحزاب دور فى المرحلة المقبلة، والسؤال الذى يمكن أن يسأله أى شخص: ماهى المشكلة فيما يقول؟ فهو كلام عاقل ويتسم بالحيادية، ولكنى أرد عليهم وأقول إنه كلام خطير جداً عندما يختزل كل ما يطلق عليه إسلامى على هذه الأحزاب، ومشروعها السياسى، ويقول للعامة بطريق غير مباشر ويرسخه فى وجدان البسطاء أن ما دونهم هو غير إسلامى وبالتالى عندما يذهب الغالبية سيختارون الإسلام ويرفضون الكفر ويدخل المجلس النيابى والرئاسة هذه الأحزاب مرة أخرى، وهكذا نعيد الخطأ مرات ومرات.
إننى أطالب وبمنتهى العدل والإنصاف إما إلغاء استخدام كلمة التيار الإسلامى من قاموس الحياة السياسية فى مصر أو عدم قصر استخدامها على فصيل بعينة سواء سلفيا أو إخوايا أو جهاديا وأن تعمم على كل برامج الأحزاب التى تحافظ على الشريعة الإسلامية والتى من أصولها حرية العقيدة وإقامة الشعائر لأصحاب الديانات السماوية الأخرى.
فيكون لدينا حزب الدستور الإسلامى، غد الثورة الإسلامى، الوفد الإسلامى، الجبهة الديمقراطى الإسلامى، وهكذا، عندها لن يكون هناك تيار إسلامى وآخر علمانى أو ليبرالى أو كافر وسيكون الاختيار ليس على أساس المزايدة على الدين، ومظهر التدين وإنما على أساس البرامج التى تحقق جوهر الدين لدى المواطن البسيط الذى يريد أن يحيا بأمان وكرامة له ولأولاده.
د. طارق الدسوقى يكتب: الإسلام السياسى عنوان أم جوهر؟
الأربعاء، 02 أكتوبر 2013 02:16 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة