أرسلت (هاء) إلى افتح قلبك تقول:
أنا شابة جامعية, متوسطة الجمال, ومن أسرة بسيطة, عمرى 25 سنة, بدأت قصتى منذ سنوات الطفولة حيث كنت أتعلق بأحد أقاربى من بعيد لبعيد, لم يكن بيننا شىء يذكر اللهم إلا بعض المناوشات الطفولية العادية, و لكنى كنت دائمة التفكير فيه و التركيز عليه, فزاد تعلقى به كثيرا حتى أصبح أمرا ملحوظا، أدركه هو و نحن فى المرحلة الجامعية, و لكن الحكاية كلها انتهت قبل أن تبدأ بعد أن أوصل لى أن ما أشعر به ليس إلا حب من طرف واحد هو غير مسئول عنه, حاولت أن أخذ الموضوع بصدر رحب, و لكنى تأثرت جدا على غير ما يبدو, فقد أصبحت أشعر من وقتها أنى لدى نقص ما, و أنى لن أستطيع أن أجد من يحبنى, أو أنه حتما سيضيع منى إذا وجدته.
هون على هذه الفترة والدى حبيبى و صديقى و سندى فى الحياة, الذى كان منبعا للحنان و الحب و التفاهم فى حياتى, لكن الله أراد أن يتوفى والدى منذ 4 سنوات تقريبا, فشعرت و كأنى أصبحت فجأة وحدى فى هذه الدنيا, و كأنى أعيش بلا ستر و لا غطاء, قررت حينها أن أسافر لأعمل بالقاهرة لأبدأ حياة جديدة أبعد فيها عن كل ذكرياتى القديمة, و لتمكن من القيام بمسئوليتى كأخت كبيرة تعول بقية الأسرة بعد وفاة عائلها...فسافرت لأجد نفسى, و لكن ما حدث هو العكس تماما, فقد فقدت نفسى بكل معنى الكلمة.
أصبحت فتاة مستهترة جدا, نسيت أو تناسيت كل ما تربيت عليه, كنت لا أرد أى شخص يحاول معى, لم يكن يهمنى من هو و لا ماذا سيقدم لى, كنت أبحث دائما عن شخص يشبه أبى أشعر معه بالأمان الذى أفتقده أشد الافتقاد...ظللت على هذه الحال لفترة ليست بالقصيرة _ كانت مرحلة بشعة من حياتى _حتى أفقت فجأة و قررت أن أعود لنفسى و لبيتى من جديد, و أن أحاول أن ألملم ما بعثرته الأيام بداخلى.
و فى نهاية هذه الفترة تعرفت على زميل لى بالعمل, لاحظت محاولات تقربه إلى, فصددته بشدة لأنى كنت قد اتخذت القرار بالابتعاد عن أى شخص يحاول التقرب لى مهما كان, و لكن فيما يبدو أن صدى له زاده إصرارا, فوجدته يتقدم لخطبتى رسميا, أهله طيبون و محترمون, و هو حنون و يحبنى بشكل واضح, فوافقت و رحب أهلى بالموضوع سريعا, وبالفعل تأكدت من أنه يحبنى بصدق بعد الخطوبة أكثر و أكثر, كما وجدت منه حنانا عوضنى كثيرا عن ما كنت أفتقده من بعد رحيل أبى, لم أكن أحببته بعد وقتها لكنى كنت أحاول أن أكون طبيعية و صادقة معه حفاظا عليه, فللأسف حكيت له بنفسى عن بعض ما بدر منى من قبل, خاصة و بعد أن عرفت أنه كان و لا يزال يراقبنى و يلاحظ بعض تصرفاتى مع الجنس الآخر...
طبعا اعترافاتى صدمته, و أكدت شكوكه التى كان يراها بعينيه ولا يملك الدليل عليها, لهذا مررنا بفترة خطوبة مدتها سنة كانت مليئة بالمشاكل و الشكوك و الخلافات التى لا تنتهى, حتى مللت و طلبت إنهاء الأمر كله و انفصلنا بالفعل, كثيرا ما كانت تأخذنى العزة بالإثم و أقول عنه إنه كان نكدى و متزمت و منغلق على نفسه, و أنى لم أفعل أكثر مما تفعله الكثير من البنات فى مثل سنى, كنت أكابر كثيرا و كأنى لم أفعل شيئا أبدا.
لكنه كان يحبنى فعلا, و متمسكا بى, فحاول أن نعود كثيرا حتى عدنا بالفعل, فلا أكذب عليكى أشعر أنه يحد من أخطائى و غفلاتى كثيرا, و كأنه يحجم الشيطان الذى بداخلى, و أشعر معه أنى أصلح حالا وأكثر التزاما, كما أنى متأكدة أنه يريد لى الخير بصرف النظر عن أسلوبه الذى يجعلنى أتمرد عليه كثيرا...المهم عدنا, وأنا كلى نية صادقة فى أن أكون زوجة مخلصة محترمه تصونه و تعيش معه فى هدوء, احتشمت جدا فى ملابسى, و التزمت فى معاملاتى, و قطعت كل علاقة لى بالماضى, ليس من أجله فقط, و لكن لأنى أريد أن أحترم نفسى قبل أى شىء.
لكنه و بكل أسف لا يثق بى, و لا يحترمنى كثيرا, فأنا أمامه مكشوفة تماما, كل أخطائى عارية أمام عينيه, لا يستطيع أن ينسى ما قلته له بعظمة لسانى, ولا يستطيع أن يمحو من خياله المواقف التى رآها بعينه...
أصبح يشك فى كل شىء, و يطلب تفسيرا لكل شىء... فتح الباب, الرد على التليفون, مكالمات الموبايل, و يطالبنى بالاستئذان منه قبل أى خطوة الخروج و الدخول, لقاء الأصدقاء أو الأقارب ...كل شىء, لا يخلو أى موقف من تلميح منه و تذكير لى بما مضى, أشعر أنه يراقبنى 24 ساعة فى اليوم, و يريد أن يعرف أدق تفاصيل يومى ليطمئن أنى لا زلت مخلصة له...لا أجد و صفا أدق من أنه أصبح يعد على أنفاسى فعلا.
لدرجة أنى أصبحت أكرهه و أكره نفسى, لأنه يذكرنى فى كل لحظة كم كنت إنسانة بشعة و سيئة, وأتساءل كيف يحبنى بهذا الشكل و يعمل على خنقى إلى هذا الحد... أشعر أنى على الطريق الصواب لأنى أريد فعلا من داخلى أن أتطهر من كل شىء, لكنى أشعر أيضا أنى مع الشخص الخطأ, أتمنى أن أبدأ مع شخص لم يعرفنى من قبل, و لم أفضح نفسى أمامه بهذه الطريقة... و لا أعرف هل هذا صواب أم لا؟؟؟.
على فكرة أنا أشفق عليه هو أيضا, فشكه فى يعذبه و يأكله بمعنى الكلمة, فهو يشعر بأنه يجب أن يكون متيقظا و منتبها لى طوال الوقت, حتى و هو ليس معى, تعبت من محاولات إرضائه, و محاولات إثبات براءتى دائما و فى كل موقف حتى وإن كان تافها, ولا أدرى ما الحل؟, هل أكمل معه و أعجل بالزواج عله يطمئن إلى أنى أصبحت زوجته و فى بيته؟, أم أنهى هذا الارتباط للمرة الثانية و أبدأ من جديد؟...هل لك أن تساعدينى؟.
و سؤال آخر كنت أود أن أعرف رأيك فيه, هل صراحتى معه خطأ؟, فهو دائم السؤال و الاستجواب لى فى كل صغيرة و كبيرة كما قلت لك, و أحيانا كثيرة إجاباتى الصريحة تسبب لى المشاكل بالرغم من أنها طبيعية جدا, و ربما لم تكن لتضايق أى شخص طبيعى غيره, لذا أهلى ينصحوننى بألا أتحدث معه بصراحة مطلقة, و أن أكون (مراوغة) فى بعض الأحيان تجنبا للمشاكل التى لا تنتهى, فما رأيك فى هذا؟.
و إليك (هاء) أقول:
أقدر تماما حجم (الخنقة) التى تعيشينها, و التى هى كفيلة بأن تنغص أى علاقة طبيعية, و لكنى أذكرك فى البداية أن علاقتك تلك ليست طبيعية... نعم تلك هى الحقيقة, فقد شاء القدر أن يعرف عنك خطيبك كل أخطائك السابقة, وبتفاصيلها, و باعترافك أنت...وهذا شىء غير طبيعى ونادرا ما يحدث, لأنه دائما ما يكون هناك بعض (التجمل) الذى نحسن به من سلبياتنا, و بعض (ورق التوت) الذى نستر به عيوبنا أمام الآخرين..وهذا ما تفتقده علاقتك حتى تكون طبيعية مثلها مثل آلاف العلاقات التى لا يتسم أطرافها بالمثالية و الشرف دائما.
لكنى أذكرك أيضا بأنه لم يكن خطيبك ليمارس عليكى كل هذه (الخنقة) لو لم يكن يحبك فعلا, فهو بتعلقه بك و بصدق مشاعره نحوك وجد نفسه بين شقى الرحى, فلا هو قادر على العيش بدونك, و لا هو قابل للعيش معك _على طريقتك السابقة_ لهذا فهو يحاول جاهدا وبشكل مرهق أن يتأكد أنك لن تعودى إلى ما كنتى عليه من قبل, حتى يهدأ و يطمئن و يهنأ بك و بحياته معك.
أنا لا أعرف حجم الاعترافات التى صارحته بها, و لا أفهم إلى أى مدى كانت أخطاءك بالضبط, لهذا أنت وحدك من تستطيعين تحديد ما إذا كانت شكوكه تلك فى محلها أم لا, لهذا تقبلى أنه كلما كانت الأخطاء فادحة و الاعترافات قاسية و صادمة, كلما كانت شكوكه متأججة و حارقة, لا يمكن إخمادها بسرعة, أو تناسيها بسهولة...أعذريه, فربما كنتى ستتصرفين بنفس الطريقة لو كنتى أنت التى فى مكانه و أنت امرأة, فما بالك بما يدور بداخله و هو رجل ..شرقى..نشأ على أن سقطة المرأة لا تغتفر بسهولة.
سأجيب عن سؤالك الأخير أولا, لأن إجابته بها رسالة أريد أن أوجهها إلى كل الشابات و الفتيات... يا بنات لا تفضحن أنفسكن فيما ستركن الله فيه, الصدق شىء رائع و الصراحة أمر مطلوب, لكن ليس بدون عقل, لا تتركن (العنترية) و (الجلالة) تأخذكن فتقلن كل شىء فى لحظة شجاعة, ثم تظللن تعانين منه بقية العمر!!...استرى على نفسك فيما مضى من غفلات و سقطات و عيوب, خاصة وإن كنت ندمت و تبت توبة حقيقة و نصوحة, وهذا ما ألمسه فى رسالتك, فأنت قلتى أنك كنتى قد قررتى العودة لنفسك قبل أن ترتبطى بهذا الشاب, و أنك تريدين أن تطهرى نفسك ليس من أجله فقط, و لكن لأنك تريدين أن تحترمى نفسك قبل أى شىء...فلماذا إذا؟...لماذا أفتح بيدى جراح يصعب مداواتها؟, لماذا أزرع أو أؤكد الشك فى قلوب من يحبنا ؟...لماذا؟...
إجابتى عن سؤالك أن الصراحة لا يجب أن تكون عمياء, جارحة, غبية, وإلا هدمت بيوت و بيوت, لا تكذبى ولا تلفقى ما لم يحدث, و لكنك لست مجبرة دائما على الاعتراف بكل شىء , خاصة وإن كان يدينك أو يبدو أنه يدينك بغير حق, هذا بخصوص تفاصيل الحياة اليومية العادية, أما بخصوص تجارب و أخطاء الماضى فأنت لست مطالبة إطلاقا بالحديث عنها لا من قريب ولا من بعيد, طالما أنك قررتى أن تبدأى صفحة جديدة نظيفة من حياتك, لماذا تبدأيها بتلويثها ببعض من غبار الماضى؟؟.
أما عن سؤالك بخصوص الاستمرار مع خطيبك من عدمه, فأنا رأيى أن شخصا مثله يحبك بصدق, و لم يتغير حتى و بعد أن عرف عنك ما عرف, وحنون, وتقولين أنك معه تشعرين بأنك أصلح و أقوم و أقرب للخير...شخص بكل هذه المواصفات من الصعب أن يتكرر, وله عليك أن تتحملى منه بعض السلبيات كما يفعل معك.
أريدك أن تفهمى أنه يجاهد نفسه معك فى أصعب ما يمكن أن يواجهه رجل, وهو شكه فى شريكة حياته, هذا أمر مؤرق و صعب, و لا يقبل به إلا من يحب بصدق, فلا شىء يجبره على التمسك بك و الإكمال معك لمجرد أنكم مخطوبين, فما يعانيه كان يمكن أن يدفعه لطلاقك حتى و لو كنتم متزوجين, هذا إن لم يكن يريدك فعلا, لهذا فلا أنصحك بان تتخلى عنه و تضحى به بهذه السهولة لأنك تعانين معه فى هذه الفترة, اصمدى و امنحى نفسك الوقت و الفرصة لأن تنجحى فى اختباره لك, فمن المؤكد أن هذا ليس بالأمر الهين.
ومن ناحية أخرى أرى أنك تحتاجين إلى العودة إلى من هو بيده كل الأمور, إلى ربك الذى قررتى العودة إليه أولا و أخيرا ومن قبل حتى أن يظهر هذا الشخص فى حياتك, اظهرى لله و لنفسك حسن نيتك و صدقها و قوتها فى أن تغلقى باب الماضى بلا رجعة, فأنا واثقة من أنه ما أن تتثبتى من توبتك إلا و ستتغير أمور كثيرة, ستجدين أنت نفسك و بنفسك وبلا رقيب تبتعدين عن أى شبهة أو أمر مثير للشكوك, فترتاحين و تريحين, ويهدأ خطيبك و يطمئن إلى أنك ستصونيه فى غيابه كما فى وجوده...ولكن هذا الأمر لن يحدث فجأة ولا بسرعة, سيحدث بالتدريج و بشكل تراكمى, كل خطوة فيه تؤكد و تضيف على الخطوة التى سبقتها, حتى تتمكنين من بناء الثقة بينك و بينه من جديد.
للتواصل مع د. هبه و افتح قلبك:
h.yasien@youm7.com
(افتح قلبك مع د. هبة يس)....نار الشك تلتهمنى
الأربعاء، 02 أكتوبر 2013 03:08 م
د. هبة يس
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
علي
التوبه
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عمر
ﻻ تستمري
عدد الردود 0
بواسطة:
SOMAYA ELDEEB
كل بنو ادم خطاء وخير الخطائين التوابين
عدد الردود 0
بواسطة:
منى
لابد من جلوسكما مع اختصاصي نفسي او اجتماعي