الميلشيات الليبية المسلحة محطة لتهريب الإرهاب والسلاح إلى مصر.. اتهام وزارة الداخلية فى طرابلس برعاية الإخوان.. والمطالبة بقانون سريع لتطهير مؤسسة الجيش الليبى

السبت، 19 أكتوبر 2013 01:30 م
الميلشيات الليبية المسلحة محطة لتهريب الإرهاب والسلاح إلى مصر.. اتهام وزارة الداخلية فى طرابلس برعاية الإخوان.. والمطالبة بقانون سريع لتطهير مؤسسة الجيش الليبى صورة أرشيفية
كتبت سماح عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اغتيالات مستمرة.. عمليات اختطاف.. ميليشيات مسيطرة.. وسيادة دولة على حافة الانهيار.. هذا هو وضع ليبيا الآن بعد عامين من ثورة 17 فبراير.. فالحكومات المتتابعة والانتخابات التى أسفرت عن مؤتمر وطنى خيل للبعض أنه سيكون بداية لبناء ليبيا الجديدة، إلا أن هذه الأسباب لم تكن كافية للحفاظ على كيان هذه الدولة التى فقدت مسارها بشكل واضح لتصبح لغة السلاح هى المتحدث الأول والأوحد على أرضها.

عمليات الاختطاف والاغتيال تضع سيادة الدولة على حافة الانهيار:
انتهاك سيادة الدولة الليبية بدا واضحا من خلال عدم قدرة الحكومات المتتابعة على حل مشكلة الميلشيات التى أصبحت منتشرة فى كل شبر من ليبيا، تتحكم فى مختلف الأمور.. تنظم اغتيالات ممنهجة.. وكل من ينتقدها يكون عرضة لبطشها.. هذا الانهيار ظهر جليا فى عملية الاختطاف التى تعرض لها رئيس الحكومة الليبية على زيدان على أيدى إحدى الميلشيات.

وعن عملية اختطافه، قال "زيدان": "لا أعتقد أن أكثر من 100 سيارة مدججة بالأسلحة، وإغلاق منطقة الفنادق ومنعها عن المارة، تم دون أمر من قيادة كبيرة"، وشدد على أن "هذا العمل لا ينبغى أن يمر بسهولة"، مضيفا "أنا أتواصل مع الثوار، وكثير منهم فى مؤسسات الدولة ووزراء فى الحكومة، لكن نحن نتعامل مع الثوار المسئولين الذين يحترمون القانون ويمتثلون لأوامر الدولة والشرعية"، مؤكدا أن "الحكومة مستعدة للرحيل ولكن بالطرق القانونية والشرعية".

وكشف "زيدان"، خلال كلمته للتليفزيون الليبى، أن خاطفيه "اتهموا الحكومة بأنها وراء اختطاف المواطن أبو أنس الليبى"، مؤكدا "نحن لا نعلم بهذا الأمر، ولكن ندين ونستنكر ونرفض الاعتداء على أى مواطن ليبى، ونرى أن محاكمة الليبيين يجب أن تتم فى ليبيا ونحرص على ذلك".

حادثة اختطاف "زيدان" والربط بينها وبين عملية القبض على أبو أنس الليبى، أحد قيادات القاعدة الذى قبضت عليه القوات الأمريكية، يكشف عن مدى الاختراق الذى تتعرض له سيادة الدولة الليبية، خاصة أن القوات الأمريكية قبضت على أبو أنس من أمام منزله، وفى وسط عاصمته.

ولم يملك المؤتمر الوطنى العام الليبى إلا أن يطالب، فى بيان أصدره، الحكومة الأمريكية بضرورة تسليم المواطن الليبى المختطف نزيه الرقيعى، الملقب بأبو أنس الليبى فورا. كما طالب البيان أيضا بضرورة تمكين السلطات الليبية من لقاء الرقيعى والتواصل معه وتكوين فريق للدفاع له طبعا فى حال لم يتأت تحقيق المطلب الأول.

واستنكر المؤتمر، فى بيانه، ما وصفه بـ"الاعتداء الصارخ على السيادة الليبية والمتمثل فى اختطاف مواطن ليبى من أمام بيته"، مشيرا إلى أنه تابع "بقلق بالغ حادثة اختطاف أبو أنس" مع اعتراف الإدارة الأمريكية بعملة الاختطاف وبوجوده فى قبضتها.

محمود شمّام، ناشط ومعارض سابق وإعلامى ليبى ووزير الإعلام السابق فى المجلس الوطنى الانتقالى، قال إن محاولة اختطاف هى مجرد محاولة لابتزاز الحكومة من قبل التيار الإسلامى بدرجاته المختلفة، والسيطرة على رأس الحكومة بعد أن أنهوا تقريبا سيطرتهم على مفاصل الدولة الأخرى.

وأشار إلى أن سيادة الدولة الليبية أصبحت نسبية فى ظل الحرب على الإرهاب على مستوى عالمى.

وأضاف قائلا: "هيبة الدولة الليبية مهزوزة من قبل نفس الفريق المتباكى على السيادة، وأعنى التيارات الإسلامية المسلحة هم أكثر من يملك السلاح والكراهية لخصومهم. ويدعمهم الإعلام الإسلامى النشط، وأيضاً جماعات متخصصة فى تبرير إرهابهم.

وعن رأيه فى عدم ظهور دور واضح للجيش الوطنى والشرطة، قال "شمام" لـ"اليوم السايع" إن ذلك يرجع إلى أن الإرادة السياسية غير متوفرة، والمليشيات المسلحة تحولت إلى مشروع فساد مالى هائل لا يمكن تفكيكه بسهولة، وعشرات الآلاف وربما مئات الآلاف ينهبون خزينة الدولة ويهربون بها.

وأضاف أن معظم الميلشيات مشرعنة من الداخلية والدفاع ورئاسة الأركان، وأقواها امتدادا لجماعات إسلامية تعطيها الغطاء السياسى والإخوان على رأسهم.

فى حين قال مصدر ليبى، رفض ذكر اسمه، إن عملية اختطاف "زيدان" لها علاقة مباشرة بالقبض على أبو أنس الليبى، مؤكدا أن تدخل القوات الأمريكية فى ليبيا لن يكون الأول والأخير، وسيكون هناك عمليات أخرى سيتم تنفيذها قريبا للقبض على بعض قيادات تنظيم القاعدة الموجودة فى ليبيا.

وأكد أن هناك فرقة خاصة من المارينز متخصصة فى مكافحة الإرهاب مخصصة للتدخل السريع فى ليبيا، وقال إن هناك جهات فى المؤتمر الوطنى تعمل على تفكيك المؤسسة العسكرية، ومن مصلحتها أن تتوغل هذه الميلشيات بشكل أكبر فى الأراضى الليبية.

أكثر من 200 عملية اغتيال بعد الثورة:

ناصر الهوراى، رئيس المركز الليبى لحقوق الإنسان، قال إن الاغتيالات انتشرت بشكل كبير فى ليبيا حتى وصلت فى مدن بنغازى ودرنة لقرابة 200 عملية اغتيال، أغلبها لقيادات بالجيش والشرطة والأجهزة الأمنية، وتعتبر عملية قتل والتمثيل بجثة اللواء عبد الفتاح يونس كأشهر تلك العمليات، والتى اتهم فيها عدد من قيادات تنظيم القاعدة والجماعات المتشددة فى ليبيا، وبعض النشطاء أشهرهم عبد السلام المسمارى.

وأشار الهوارى إلى أن أغلب تلك العمليات تحمل بصمات تنظم القاعدة والجماعات المتشددة، وهناك أدلة على ذلك، وأشهر واقعة تؤكد تورط ما سبق وذكرت هى واقعة القبض على المتهم على الفزانى، أحد أفراد تلك التنظيمات الذى اعترف وكشف عن الكثير من الحقائق حول عمليات الاغتيال، لكن بعد أن تم إيداعه فى أحد سجون العاصمة فوجئنا بتهريبه وتم خطف المقدم عبد السلام المهدوى الذى ألقى القبض عليه والتحقيق معه، ولا يزال المهدوى مختطفا منذ عام ولا نعرف شيئا عن مصيره.

وأضاف الهوارى أن المتهم الرئيسى هم المتشددون الذين يملكون السلاح ويسيطرون على ليبيا عن طريق المليشيات المسلحة التى تتوزع على أغلب المدن الليبية، وتقوم بالكثير من أعمال العنف مثل حصار الوزارات، واقتحام قاعة البرلمان لأجل إقرار بعض القوانين بقوة السلاح، وأشهر تلك القوانين قانون العزل السياسى، وبلغ جبروت وعنفوان هذه المليشيات مداه باستهداف سفارات الدول الأجنبية عن طريق التفجير.

ولفت إلى أن هذه الميلشيات توجت إرهابها وعنفها باختطاف رئيس الوزراء على زيدان، الأمر الذى رآه الكثيرون عدوانا على الدولة والمجتمع وانتقاصا من هيبتها وسيادتها، قائلا إن الحكومة فى ليبيا عليها أن تبدأ عهدا جديدا من المواجهة مع تلك المليشيات، فإما القضاء عليها وإنهاء وجودها، وإما الترقب وانتظار إعلان ليبيا إمارة للمتطرفين فى الشمال الأفريقى.

لا صوت يعلو فوق صوت الانفجارات:
إحدى الأزمات التى فشلت الحكومة الليبية، ممثلة فى وزارة الدفاع والجيش الوطنى، فى حلها هو الانفجارات التى هزت معظم أركان ليبيا بعد الثورة، لدرجة أنها أصبحت شيئا مألوفا بالنسبة لليبيين يصحون على أصواتها بين يوم وآخر، فقد اقتحمت سيارة مفخخة خارج حرم القنصلية السويدية فى مدينة بنغازى شرق ليبيا، اليوم، ما ألحق ضرراً بواجهة المبنى ومنازل قريبة، لكن لم ترد أنباء عن وقوع خسائر بشرية.

وربما كان أبرز الانفجارات هذه التى تركت صداها داخليا وخارجيا هو انفجار السفارة الأمريكية الذى أودى بحياة السفير الأمريكى لدى طرابلس كريس ستيفنز، بعد أن مات مختنقا جراء الحريق الذى نشب فى مبنى القنصلية، كما لقى فيه ثلاثة أميركيين آخرين، من بينهم اثنان من المارينز الأميركيين، مصرعهم، بعد أن هرعوا لتأمين مبنى القنصلية.

لم تقتصر الهجمات فيما بعد على القنصلية الأمريكية، وإنما طالت عددا آخر من القنصليات، من ضمنها القنصلية المصرية فى بنغازى، والسفارة الروسية، وآخرها انفجار استهدف القنصلية السويدية، حيث اقتحمت سيارة مفخخة خارج حرم القنصلية السويدية فى مدينة بنغازى شرق ليبيا.

ميليشيات مسيطرة على الوضع:
بعد عامين من الثورة الليبية، يمكننا القول بأن من يحكم ليبيا فعليا هى مجموعة من الميلشيات، حيث أصبحت هذه الميلشيات المحرك للأحداث، وهى من تحدد من سيتم القبض عليه أو تعذيبه أو قتله أو خطفه.

عبد المنعم الحر، الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان فى ليبيا، قال إنه فى حالة الحديث عن الميلشيات فى ليبيا لابد أن نأخذ فى الاعتبار أن الشعب بكامله مسلح، فهناك قبائل تم تسليحها من قبل نظام القذافى للوقوف معه ضد القبائل التى ظهرت عليه، ولا زالت كل القبائل تمتلك السلاح.

وأشار "الحر" إلى أن الكمية الكبيرة والحديثة "للأسلحة الثقيلة والمتوسطة" هى مع مدينة مصراتة وكذلك مدينة الزنتان، موضحا أن مدينة مصراتة أكثر المدن الليبية التى قدمت الغالى والنفيس فى مرحلة التحرير ولا توجد مدينة أخرى تزايد عليها، وتأتى مدينة الزنتان فى الترتيب الثانى من حيث كم ونوع السلاح.

ووفقا لما يقوله "الحر" فإن الميلشيات فى ليبيا بعضها مقسم ويعمل تحت إدارة بعض التيارات، والبعض الآخر يعمل تحت إدارة الجيش ووزارة الداخلية، مشيرا إلى أن داخل المؤتمر هناك تحالف القوى الوطنية بقيادة د. محمود جبريل، ولهم جناح عسكرى يُعرف باسم "لواء القعقاع"، وكتيبة "الصواعق"، كما أن للتيارات الإسلامية أجنحة مسلحة فى مختلف بقاع ليبيا "قوة درع ليبيا".

وقال "الحر" إن بعض الميلشيات تعمل تحت إدارة وزارة الداخلية، والجيش الوطنى مثل اللجنة الأمنية التابعة للداخلية، وقوة درع ليبيا تابعة لرئاسة الأركان، ويتقاضون مرتباتهم، ولهم أرقام عسكرية وأمنية، ولكنهن على أرض الواقع أحياناً لا ينصاعون للأوامر التى تصدر لهم، وكذلك من الممكن تحريكهم رسميا لما يخدم مصلحة أحزابهم أو كياناتهم السياسية بالمؤتمر الوطنى.

وأكد "الحر" أن بعض الميليشيات التى تعمل تحت إدارة الداخلية معروفة بتبعيتها للتيار الإسلامى، والتيارات الإسلامية هى الأقرب لبعضها وتقف وتساند بعضها ضد التيار العلمانى، ومن ضمن هذه الميلشيات فروع اللجان الأمنية وفرق الإسناد الأمنى باللجنة الأمنية، والتى يتجاوز عددها 100 فرع وكتيبة.

وأضاف "الحر" أن الأجنحة المسلحة لا تتحرك إلا عن طريق كياناتها السياسية فى أغلب الصراعات التى حدثت، مشيرا إلى أن سبب الصراع فى الأساس هو صراع سياسى، فالأحزاب تسعى لتحقيق مكاسب سياسية حزبية بالدرجة الأولى، والحكومة هشة جدا، ومن أول أيامها دخلت فى صراع مع هذه القوة المسلحة، ولم تعمل على إيجاد حل لهذه الإشكالية بسبب غياب برنامج أو خارطة طريق لجمع السلاح أو تقنينه.

واعتبر أن ثورة 17 فبراير أسقطت رأس النظام، ولكن قوانينه ما زالت معمولا بها، فكل من أحرق مراكز أمن النظام السابق اليوم ينظر له كمجرم وفق القانون المعمول به اليوم، كما أن الحكومة لم تعمل على إعادة النظر فى القوانين ولا توجد خطط تنمية للشباب، وكذلك لا توجد مبادرة من الحكومة لشراء السلاح، ومن يملك السلاح اليوم فى ليبيا يُحسب له ألف حساب حتى فى المناصب بالوزارات والإدارات العليا بالبلاد.

وعن دور الجيش، قال "الحر" إن منظومة الجيش السابقة هى من أطالت عمر نظام القذافى، لهذا ولكى لا نظلم يجب أن يخضع الجيش ويمر على هيئة النزاهة ليتضح من شارك فى الحرب ومن لم يشارك، وذلك جزء أصيل من قانون العدالة الانتقالية المتعلق بتطهير المؤسسات، ومن ثم يجب إعادة تكوينه وهيكلته وفق منظومة ولائها للوطن، وليس لتيار سياسى معين، وكذلك وجب على الحكومة السيطرة على المنافذ البرية والجوية والبحرية لكى تمنع دخول الأسلحة والذخيرة من وإلى ليبيا.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة