إهدار "هواء" إذاعات الإف إم وتردداتها جهل أم فساد أم الاثنين معاً؟!

السبت، 19 أكتوبر 2013 01:41 م
إهدار "هواء" إذاعات الإف إم وتردداتها جهل أم فساد أم الاثنين معاً؟! درية شرف الدين
حنان شومان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن اليومى :

بدأ البث الإذاعى فى مصر فى عشرينيات القرن الماضى وكان عبارة عن مجموعة إذاعات أهلية ينشئها إما تجار لترويج بضاعتهم أو بائعى أجهزة الراديو نفسها وكان ترددها ضعيفا لا يتجاوز الحى أو المنطقة، ثم جاء عام 1934 حين اتفقت الدولة المصرية مع شركة ماركونى لبدء بث الإذاعة الحكومية، وفى عام 1946 تم تمصير الإذاعة وفض الشراكة مع ماركونى، وكانت البداية بأربع محطات إذاعية.

عرفت مصر قيمة الإذاعة وتأثيرها فتوسعت فى عدد المحطات فوصلت العشرات وكانت وسيلة للسيادة فيما بعد ثورة يوليو 1952 وصارت عبارة «هنا القاهرة» هى العبارة الأشهر فى الوطن العربى، وفى كثير من أقطار الشرق والغرب.

وحين دخل البث التليفزيونى مصر تصور البعض أن الزمن قد عفى على الإذاعة وتأثيرها ولكن الأيام أثبتت أن التليفزيون لا ولم يغن عن الإذاعة، خاصة فى مصر التى يقضى غالبية سكانها ساعات طويلة فى الشوارع بسبب الزحام، ولنا فى الإذاعة أسوة سيئة وخاصة إذاعات موجات الإف إم، وتلك هى حكايتها التى تحمل مثالاً صارخاً لكل مساوئ مبنى ماسبيرو وكل من حكمه على مدى عقود.

حتى عام 2003 لم تكن شبكات الإذاعة المصرية إلا تابعة للدولة، غير أن أحد الرجالات المقربين بشدة من نظام مبارك وهو رجل الأعمال طاهر حلمى تقدم فى سابقة هى الأولى بطلب لتملك تردد إذاعى ولأنه رجل البلاط المقرب فقد فاز بها دون مناقصة أو مزايدة أو إعلان ولكن بالأمر المباشر، ولأن الترددات الإذاعية ليست ملكاً لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، ولكنه فقط يملك حق استغلالها فقد دخل الاتحاد شريكاً مع طاهر حلمى ولكن بنسبة %80 لحلمى و%20 لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، وكان العقد مجحفاً وموصى عليه فاشترط الاحتكار لمدة خمس سنوات حيث لا تظهر إذاعة أخرى على تردد fm وظهرت نجوم إف إم كرائدة للإذاعات التجارية الغنائية تلائم روح العصر ومتطلبات الشباب الذين كانوا هجروا الإذاعة ولكنهم التفوا حول نجوم إف إم وأصبحت كنزا لأصحابه فقد جاوزت أرباحها سنوياً مائة مليون جنيه صافى أرباح.

والغريب أو المريب أن اتحاد الإذاعة والتليفزيون كان منذ عام 2000 أى قبل هذا التعاقد بثلاث سنوات قد أوكل إلى شركة بوز آلن لدراسات الجدوى أن تقدم له دراسة جدوى لإقامة شبكة راديو وتليفزيون التى عُرفت بشبكة راديو وتليفزيون النيل، وتكلفت هذه الدراسة 580 ألف يورو صدر بها قرار وزارى لإنشائها، ولكن ظلت هذه الدراسة والقرار حبيس الأدراج وبدلا من تنفيذ ما جاء بها تم تأجير التردد والاكتفاء بـ20 من الأرباح والـ%80 لشركة طاهر حلمى وشركاه.

وفى عام 2010 قرر أنس الفقى وزير الإعلام الأسبق أن يُفعّل القرار الوزارى الصادر عام 2000 وعمل هو وأسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون آنذاك على خروج شبكة تليفزيون وراديو النيل لتضم قنوات النيل التليفزيونية وثلاث محطات إذاعة هى محطة ميجا وراديو هيتس ونغم إف إم لتنافس نجوم إف إم وتكون على غرار شركات المناطق الحرة، حيث كان من المفترض انتهاء عقد نجوم عام 2012.

ولكن لنقص السيولة وكعادة العمل البيروقراطى المصرى خرجت إذاعتا ميجا وهيتس فى يوليو 2010 وتلتهما نغم دون إطار قانونى صحيح وبمشاركة مع شركات غنائية فشاركت روتانا ميجا، وشاركت ميلودى إذاعة هيتس، ونغم كانت شراكة مع عالم الفن، واعتمد الاتحاد على كوادر أتى بها مدربة من نجوم إف إم، وبالفعل استطاعت هذه المحطات أن تنافس نجوم إف إم وتسحب من مستمعيها وإعلاناتها الكثير، بدليل أن ميجا إف إم فى ستة شهور استطاعت أن تحقق ربحاً أكثر من 30 مليون جنيه.

ولكن اندلاع الثورة وتغير الوزراء وتوقف كثير من القرارات وارتعاش الأيدى خاصة لأهل ماسبيرو أثر سلباً على حالة هذه الإذاعات التى تعد كنزاً، وتم تغيير قيادتها بعد أن رحل عنها طارق أبو السعود رئيس الشبكة وتاهت المحطات بين صوت القاهرة والوزير، إلى أن تولى صلاح عبد المقصود الوزير الإخوانى مقاليد وزارة الإعلام فأتى برئيس جديد للشبكة وهو وليد رمضان وكان منتجا فنيا فى راديو مصر وفقدت هذه المحطات كثيرا من الحرية التى تميزها وصارت النواهى أكثر من المسموح به وأحيل مذيعون للتحقيق لمجرد كلمة أو عبارة ليست على هوى الإخوان.

ولأن عقد الشراكة مع روتانا وميلودى وعالم الفن قد أوشك على الانتهاء فبدأ الحديث يتواتر فى هذه المحطات على مستقبل العاملين وهل سيتم بيع حقوقها أم ستسجل كشركة كما كان مقررا لها، فما كان من صلاح عبد المقصود إلا أن قرر إعلان مزايدة للمحطتين «ميجا وهيتس» وهى مزايدة قانونية وتقدم لهذه المزايدة شركة صوت القاهرة وروتانا بعرض سنوى قيمته 8.5 مليون جنيه وفى مقابل هذا العرض تقدمت شركةMA  - شركة خاصة يملكها محمد عبد الغفار الذى كان يعمل مدير برامج لإذاعة نجوم إف إم - بعرض سنوى قيمته 25 مليونا و800 ألف جنيه، فتم إرساء العطاء عليها وكان هذا حلا إلى حد ما مريحا بالنسبة للعاملين وبعث فيهم بعض الأمل وإن لم يكن الأفضل، فإذا كانت محطة واحدة كنجوم إف إم تربح فى المتوسط 100 مليون جنيه وحتى لو وضعنا فى الاعتبار الأزمة الاقتصادية الحالية مما قد يقلل المكاسب فإن مبلغ 25 مليون جنيه ليس بكبير ولكن عادت ثورة الشعب المصرى الثانية يوم 30 يونيو لتجمد أى قرار كما حدث مع الثورة الأولى، وتجمد القرار وبدأ الهزل يضرب فى جنبات هذه المحطات وتقدم كثير من العاملين المدربين فيها باستقالاتهم، وتم فى غفلة من الزمن عدد من التعيينات لأقارب مسؤولين فى ماسبيرو، والأهم أن بعض المسؤولين بعد الثورة الثانية التى أطاحت بحكم الإخوان راحوا يشيعون أن الشركة التى رسى عليها عطاء المحطتين شركة تابعة للإخوان حتى يحافظوا على بقاء الوضع على ما هو عليه دون تطوير أو تغيير، والحق أنها ليست شركة إخوانية الملكية ولا التوجه وبالتأكيد فإن كانت هى قد تقدمت بالعرض الأفضل إلا أنه يمكن أن تأتى عروض أفضل منها كذلك.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة