لقد رسب الإخوان بامتياز فى امتحان السقوط حتى ولو كان مروعاً، ولما كان الرسوب فى الامتحان هو النتيجة المنطقية للقراءة الخاطئة، فإن هذا يعنى، أن الإخوان لم يستطيعوا قراءة الشعب المصرى، أو قرأوه قراءة خاطئة.
فقد كان من المنتظر من جماعة تزعم، أن الدين الإسلامى هو منهجها، أن تقبل بخيار الشعب المصرى، الذى تبدى فى يونيه، ثم تأكد فى يوليه، وهو عدم قبوله بنهجها الفاسد فى إدارة شئون البلاد.
فلا ريب أن قبولها بمتطلبات تهدئة الجماهير الثائرة، كان سيحظى باحترام الجميع بمن فيهم المخالفون فى الرأى، ومن شأن ذلك إرسال رسالة طمأنة للمتشككين، فى قبول الجماعة للتداول السلمى للسلطة، الذى يتأتى من خلال الاختيار الجماهيرى عبر صناديق الانتخاب التى تمثل آخر مراحل الفعل الديمقراطى.
أما التشبث بالرأى دون مسوغ مقبول، والتمترس بالموقف الخاطيء استناداً للحشد الموجه، أو المدفوع الأجر، أو حتى فى صندوق الانتخابات، فإنه يفضى إلى إحساس غامر بالولوج إلى دائرة الاستبداد الضيقة.
وهذا أمر غير مقبول شعبياً، فليس من المتصور الخروج من دائرة استبداد نظام مبارك للدخول إلى دائرة استبداد مرسى، حتى ولو جاء الأخير عن طريق الصندوق.
إذ إن هناك فارقاً موضوعياً بين الدائرتين، فالأولى يمكن كسرها والخروج عليها، بينما الأخرى لا يمكن كسرها أو الخروج عليها لأنها تقع داخل الإطار الدينى، أى :استبداد مؤقت، واستبداد مؤبد.
لم يتلمس الإخوان هذه المخاوف وهم فى سدة الحكم أو بعد السقوط.
وهذا يعنى انفصالهم شعورياً عمن تعاطفوا معهم، أو تفاعلوا مع مواقفهم، أو حتى عاصرى الليمون ممن أوقعوا الشعب فى شراك الارتباك والتردد.
ولا ريب أن خير دليل على فساد النهج الإخوانى هو انتهاجهم طريق التهديد بالعنف، وإشعال مصر وإحراق الأرض تحت أقدام النظام الجديد.
وقد جاء التهديد سواء من على منصة اعتصام رابعة العدوية، أو النهضة.
وقد صدرت الجماعة وجوهاً عرف عنها ممارسة الإرهاب فكراً ومنهجاً لإطلاق هذه الرسائل، فى وجه المجتمع قبل أن تكون فى مواجهة الدولة بمؤسساتها.
وهذا النهج يتناقض تماماً مع طبيعة المجتمع المصرى، الذى يركن إلى السلام الاجتماعى باعتباره موروثاً حضارياً يرتبط بطبيعة النيل الذى يعيش فى كنفه، والاستقرار فى سلام فى أحضان الوادى الضيق الرابض على شاطئيه.
ولذا فإنه يميل إلى السلم الاجتماعى وما يرتبط به من أمن المجتمع وسلامته.
ومن كانت هذه طبيعته فإنه يقف ضد أى محاولة للإخلال بالسلم، والأمن الاجتماعيين.
وهذا يفسر بوضوح مواجهات المجتمع، مع محاولات الإخوان زعزعة حالة السلم الاجتماعى وضرب الاستقرار الأمنى فى مصر، وكذا التأييد الكاسح للمؤسسة العسكرية والأمنية لاستئصال شأفة الإرهاب والعنف.
ولا شك أن اعتصامات الإخوان ومظاهراتهم لها ما يبررها من وجهة نظرهم، التى من بينها استنفار الخارج واستعدائه لمصر، آملين فى تدخلهم لانتشال الإخوان من سقطتهم من ناحية، وتقديم المسوغ لهذا التدخل.
بالإضافة إلى استدرار أموال جهات التمويل، التى تنفق الملايين الكفيلة بالإبقاء على الشعلة متقدة من ناحية أخرى، وشق صف الجيش وتأليب المجتمع عليه من ناحية ثالثة.
وفى غمرة السكرة أغفلوا الشعب المصرى، الذى تقع على رأسه مصائبهم، دون أن يصاب بالحول فينقلب على جيشه كما يستهدفون.
كما أنهم أغفلوا أن من يستشهد من أبناء الداخلية أو أبناء الجيش، هو ابن أو أخ أو أب أو من ذوى القربى لبيت من البيوت المصرية، وأن الاحتمال، الذى أصاب أحدهم بقى منه 99 احتمالاً لإصابة غيرهم.
فضلا عن إغفالهم حقيقة، أن الداخلية والجيش هما الجهتان المنوط بهما توفير حاجة الشعب من الأمن والأمان، ولن يفرط فيهما الشعب أو فى أى فرد منهم، وأن مصاب أحدهم هو مصاب الشعب.
ونهج الأرض المحروقة، الذى ينتهجه الإخوان لن يدع لهم طريقاً للعودة، بعد أن نفد رصيدهم لأنه نهج فاسد.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة