ينتظر خبراء التمويل الإسلامى بتفاؤل حذر إلى مستقبل السندات الإسلامية (الصكوك) فى مصر بعد الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين، وتولى رئيس حكومة ليبرالى يبدو للوهلة الأولى ضد التمويل الإسلامى برمته.
ويغلب على الحكومة الجديدة برئاسة الخبير الاقتصادى حازم الببلاوى، والتى ستتولى الحكم خلال فترة انتقالية أعلنها الجيش بعد الإطاحة بمرسى الطابع الليبرالى.
وراهنت إدارة مرسى على الصكوك الحكومية لتمويل عجز الموازنة المتفاقم، بعد انحسار إيرادات السياحة والاستثمار الأجنبى المباشر منذ انتفاضة يناير 2011 التى أطاحت بالرئيس الأسبق حسنى مبارك.
وفى ديسمبر 2012 كتب الببلاوى مقالا بصحيفة الأهرام المصرية بعنوان "عن الاقتصاد الإسلامى" قال فيه "ليس فى التاريخ الإسلامى ما يسمح بتوفير سوابق تاريخية عن التعامل مع الأسواق المالية أو السياسات النقدية... هذه كلها ظواهر حديثة لم تعرف إلا خلال الفترة المعاصرة".
وتابع "كما أنه من العبث أن يحاول قائد الطائرة أن يبحث عن سوابق إسلامية فى قيادة الطائرات فلا يقل عبثا أن يحاول سياسى أن يجد حلولا لمشاكل الأسواق المالية أو السياسية النقدية فى كتب الفقه".
رغم ذلك ينظر خبراء تمويل بتفاؤل حذر إلى مستقبل التمويل الإسلامى فى مصر.
وقال شريف سامى رئيس هيئة الرقابة المالية، إن القانون الخاص بالصكوك الإسلامية صدر منذ عده شهور، بينما اللائحة الخاصة به لم تصدر بعد، ولذلك لا يمكن تفعيله الآن، مؤكدا أنه غير المناسب أن يتم تناوله الآن خاصة أنه مرتبط بنظام سقط. وأكد أنه من الممكن أن يتم إعادة النظر وتعديل القانون الخاص له بما يتناسب مع المرحلة، ولكن ليس فى الفترة الحالية.
وأشار إلى أنها أداة مالية موجودة فى العديد من الدول والتى تتصف بان اغلب عدد سكانها مسلمين، حيث ان شريحة من المتعاملين يروا أنها أداة تمويل تتفق مع الشريعة الإسلامية، ويجيب أن تكون هذه الآلية متاحة فى السوق المصرى، مثل السندات والأسهم لتلبية احتياجات المتعاملين، وتوجد مؤسسات مالية كبيرة ودول الخليج وجنوب شرق آسيا لا تتيح أنظمتها استثمار أموالها فى السندات التقليدية، وإنما تتيح لها الاستثمار فى الصكوك.
وقال محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار "التأثير فى تغيير النظام الأساسى سيكون محدودا، وسيتم العمل بالصكوك كأحد أدوات التمويلية العادية دون المبالغات التى كانت موجودة فى السابق وهو ما يستدعى تعديلا للقانون".
ويرى عادل فى الفترة القادمة الاهتمام الأكبر بالصكوك سيأتى من القطاع الخاص من الشركات والبنوك وليس من الدولة.
وأضاف أن السوق المصرية تحتاج إلى تنويع آليات الاستثمار لجذب مستثمرين ذوى شهية مخاطر متنوعة. موضحا أن الآن الخليج مستعد لدعم القطاع العام والخاص فى مصر.. والصكوك أداة معترف بها هناك. وأضاف الصكوك تناسب شريحة كبيرة من المستثمرين فى منطقة الخليج.
وقال إن الصكوك سوف تنشط القطاع الخاص بشكل كبير، وتوفر له آلية موازية للاقتراض البنكى الذى قد لا يتوفر أحيانا.
وأوضح أنه يجب ألا يغلق هذا الباب فى وجه شركات القطاع الخاص، لكن عادل اعتبر أن توجهات الحكومة الحالية سوف تؤثر على سلاسة تفعيل الصكوك، موضحا أن توجهات من يشغل منصب وزير الاستثمار والمالية وهيئة الرقابة المالية والجهات ذات صلة سيؤثر على احتمال ووتيرة إصدار الصكوك، وعلى القطاعات التى تستفيد منها.
وأشار وائل عنبه رئيس مجلس شركة الأوائل إدارة المحافظ الاستثمارية، إلى أن التوجه السياسى خلال فترة حكم الإخوان كان السبب الرئيسى لإصدار مشروع الصكوك الإسلامية. وأوضح أن القانون الذى تم إصداره منذ عدة شهور كان الغرض منه تحقيق مصالح وإعراض شخصية لهم، مما أدى إلى وجود سرعة فى إصداره وهذه السرعة أحدثت العديد من العيوب بالقانون.
وأكد أنها وسيلة من أدوات التمويل، ويتم تطبيقها فى معظم دول العالم، وتحقق أهدافا عديدة.
وأشار إلى أنه لابد من أعادة النظر فى القانون الخاص بها لعرضه على مجلس الشعب القادم بعد إصلاح العيوب الموجودة به، إضافة إلى أنه يجب الاستفادة من تجارب الدول الأخرى.
ويقترح بعد إصدار القانون الجديد أن يتم طرح مشروع تنمية قناة السويس، من خلال الصكوك الإسلامية لتوفير التمويل اللازم لها.
وقال محمود جبريل المدير التنفيذى بإحدى شركات الاستثمار الصكوك، أمامها فرصة جديدة الآن، وأشار إلى أن جزءا من الرفض الشعبى لها كان لعدم الثقة فى النظام الحاكم، وربما تدنى كفاءة القائمين عليها.
واعتبر أن من الخطأ الربط بين التمويل الإسلامى والصكوك وبين أى جماعة أو فئة قائلة إن وزارة الاستثمار فى عهد الوزير الأسبق محيى الدين (قبل يناير 2011) كان لديها اتجاه لإصدار صكوك.
وأشار إلى أن وضع الصكوك اختلف بعد أحداث 30 يونيو، وما حدث من استقرار سياسى للمعارضة المصرية بعد رحيل محمد مرسى رئيس الجمهورية السابق، مشيرا إلى أنها ستصبح أداة تمويلية قوية وفعالة خاصة مع التصريحات الأخيرة لدعم الإماراتى والسعودى لمصر فى المرحلة المقبلة.
وطالب جبريل الحكومة القادمة بأن تنسى الأيديولوجيات السياسية أو تطبق الصكوك بغض النظر عن طرح المشروع من الإخوان.
وقال ماجد مراد المحلل المالى إنه مع بقاء مشروع الصكوك حتى مع رحيل الإخوان كنظام سياسى، باعتبارها أداة لتمويل المشروعات مثلها مثل الأدوات المالية الأخرى كالسندات والأسهم، مشيراً إلى أنها أداة مطبقة فى العديد من الدول الأوروبية كالولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا.
وأشار إلى أن الصكوك بطبيعتها الإسلامية لا تحدد نسبا محددة للربح والخسارة، ويتحمل صاحب المشروع وحامل الصك نسب متساوية فى الحالتين.
وذكر أن ما يعاب على الصكوك أنها تميز فى المعاملة الضريبية بينها وبين الأدوات المالية، وما نصت عليه المادة 24 من قانون الصكوك رقم 10 لسنة 2013 بأنه يعفى من الضرائب جميع التصرفات العقارية المتعلقة بإصدار الصكوك، وتسجيل ما يلزم من هذه التصرفات لنقل ملكية الأصول العقارية التى تتم بين الجهة المستفيدة أو غيرها، والشركات ذات الغرض الخاص، سواء عند إصدار الصكوك أو خلال مدتها، وكذلك تسجيل عقود الموجودات والأصول والمنافع والخدمات وحقوق الملكية الفكرية التى تتم بين الجهة المستفيدة، أو غيرها والشركة ذات الغرض الخاص، سواء عند إصدار الصكوك أو خلال مدتها أو عند أيلوليتها لتلك الجهة عند استرداد الصكوك والإرباح الرأسمالية الناتجة عند تداول الصكوك، وتوزيع الأرباح المقررة لحاملى الصكوك، ومطالبا بإخضاعها مثلها مثل السندات والأسهم.
غموض حول مصير "الصكوك الإسلامية" فى مصر بعد سقوط الإخوان
الثلاثاء، 15 أكتوبر 2013 02:27 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة