ضحكة بريئة على شفاه طفل سمته أسرته "حبيب الله" لم يتجاوز عمره الشهور الست كادت أن تتلاشى مع جسده الصغير مع أحلام أسرته التى أرادت نشأته فى بيئة بعيدة عن الحروب والدمار والانقسام الموجود فى بلده سوريا.
وعلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط وفى الإسكندرية منذ يومين ضاعت أحلام 170 فلسطينياً وسورياً، فى مياه البحر، بعد ضياع 13 شخصاً من بينهم 4 أطفال و3 سيدات و6 رجال، لم تكن جريمتهم سوى الحلم بالحرية، والسلام والاستقرار بعد أن قصفت الحروب منازلهم ودمرت أماكن عملهم، فلم يعد هناك مدارس للتعليم ولا مصانع للعمل، ولا حتى أراضى للزراعة.
لجئوا إلى مصر، ولم يحملوا معهم أكثر من ثوبين يواروا بهما سوءاتهم، وساعدهم فى ذلك سهولة التأشيرات السياحية للبلد الشقيق، حاول بعضهم التأقلم والعمل فيها إلا أن الاضطرابات السياسية التى تمر بها مصر أيضاً لم تجعلها مجالاً خصباً لكسب العيش، وهنا جاء دور سماسرة الهجرة غير الشرعية والذين استغلوا حاجة هؤلاء المساكين وبدءوا بغزل أحلام الهجرة إلى العالم الآخر حيث إيطاليا والسويد.
وكما نقول "الغريق يتعلق بقشة" تعلق مئات السوريين بمراكب المحتالين الهشة، وبدءوا يعملون فترة فى مصر ويضعون السنت على المليم حتى يكملوا مبلغ الثلاثة آلاف دولار لكل منهم، وهو المقابل المطلوب من أجل السماح لهم بالسفر.
ومع اقتراب موعد السفر يقول عبد السلام.م، أحد الناجين "حمل كل فرد أسرته وأطفاله، واحتشدنا بشاطئ المكس بالدخيلة وهناك كانت المفاجأة حينما رفع السماسرة ورجالهم المطاوى والآلات الحادة فى وجوهنا وأجبرونا على ترك الهواتف المحمولة ونزع المصوغات الذهبية الموجودة بحوزة نسائنا، ثم طلبوا منا استقلال مراكب صغيرة "لانشات"، ومنها سيتم نقلنا إلى إحدى السفن الكبرى فى عرض البحر – كما زعموا.
ويستكمل عبد الحميد: "لم يكن لدينا اختيارات، فقررنا التوكل على الله، وتفاجئنا بعد سير مسافة ليست بقريبة، وجود مركب يكاد يكون متهالكاً لا يمكنه الوصول إلى الشاطئ الذى كنا فيه، وليس الوصول إلى إيطاليا، إلا أن السماسرة وتجار الدماء، لم يتركوا لنا خياراً حينما رفعوا أسلحتهم ثانية وهددونا بالقتل غرقاً أو بالسلاح أو صعود السفينة"
ويقول محمود الجدع والد الطفل حبيب الله: "جئت إلى مصر منذ 10 أشهر ورزقنى الله "بحبيب الله"، لم أستطع تسجيل اسمه حتى الآن بسبب أن ذلك قد يحتاج إلى مبلغ يتجاوز الثلاثة آلاف جنيه، وأنا أحتاج كل مليم لاستكمل رحلتنا إلى إيطاليا لأوفر له معيشة كريمة له ولشقيقته، إلا أنه ومع صعود هذه السفينة ونحن أدركنا الموت وبدأت أطلب منه أن يسامحنى إذا حدث له شىء، وحاولت الحفاظ على أسرتى والتعلق بهم، وبدأت المياه تتسرب إلى السفينة بعد استقلالها بسبب زيادة الحمولة عليها، حتى اصطدمت بالصخور وتعلقت بأسرتى ونطقنا الشهادتين وغرق حبيب فى المياه إلا أن العناية الإلهية أنقذته مع باقى الناجين.
وتضيف سها: "أكدوا لنا أننا سنهاجر بطريقة آمنة من خلال مراكب مجهزة للسفر إلا أننا تفاجئنا بإنزالنا على أحد شواطئ المكس وأمام قوارب صغيرة الحجم لا تتجاوز أن يكون عدد مستقليها 4 أفراد لتوصيلنا إلى أحد المراكب الكبيرة الموجود فى عرض البحر، وعندما رفضنا إرسالنا إلى الجحيم قاموا بإخراج المطاوى والسكاكين، ولم يكن لدينا اختيار آخر، وبدأنا فى انتظار الموت فى كل ثانية تمر حتى تحركت المركب وسرعان ما تأثرت بالحمولة الزائدة الثقيلة على ظهرها واصطدمت بإحدى الصخور وبدأت المياه تتسرب داخل السفينة وغرق 13 طفلاً وسيدة ورجل جريمتهم تمثلت فى طلبهم الحرية ومستقبل أفضل ولأسرتهم بعد أن دمرت الحرب منازلهم وأصبحوا مشردين فى كل مكان.
من جانبه قال اللواء ناصر العبد مدير إدارة البحث الجنائى بالإسكندرية، إن قضية الهجرة غير الشرعية للسوريين والفلسطينيين لابد من حلها من الجذور، من بداية السماح لهم بتأشيرة السياحة التى تتيح لأياً منهم الدخول إلى مصر والإقامة فيها فترة يعتبرونها "ترانزيت" حتى يحاولوا الهجرة من خلال ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا والسويد.
وقال "العبد"، إن هذه القضية أصبحت ظاهرة بعد أحداث سوريا وفلسطين وتدفقهم أصبح بكثافة ، ولابد من تدخل الخارجية لتقنين أوضاع هذه التأشيرات والتأكد من قيام صاحبها، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء والنوات التى قد تتسبب فى مصرع العشرات إذا كرروا تجربة الهجرة غير الشرعية.
وكانت القوات البحرية قد تمكنت من إنقاذ مستقلى مركب الصيد المسماه بـ"أبو عثمان" بمياه البحر بشاطئ البيطاش ملك مجدى عبد العزيز الديناصورى، حيث تم إنقاذ عدد "116" شخصاً، منهم 72 فلسطينى الجنسية و40 سورياً و4 مصريين "طاقم المركب"، وهم أحمد مصطفى أحمد داود، ومحمد عبدا لجليل غريب، والسيد جوهر محمد مصطفى، ومحمود رضا محمد محروس، أثناء استقلالهم المركب المشار إليه بمياه البحر بمنطقة البيطاش، للسفر لدولة إيطاليا "هجرة غير شرعية"، وتم انتشال عدد "12" جثة من مياه البحر.
وبالعرض على النيابة العامة قررت حبس طاقم المركب أربعة أيام على ذمة التحقيق، ويراعى التجديد لهم فى الميعاد القانونى، وإخلاء سبيل عدد 33 متهماً منهم من ديوان القسم، وترحيلهم إلى دولهم، وتسليم الأطفال وعددهم 7 إلى أحد ذويهم ويحرر محضر إجراءات، وطلب التحريات التكميلية من الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة عن الواقعة وصولاً للاسم الثلاثى للمتهم أبو جلاد، وكذا وصولاً لباقى المتهمين، وطلب تحريات المباحث عن الواقعة وظروفها وملابستها.
وضبط وإحضار عبده مصطفى محمد مصطفى، وشهرته أبو أحمد، مقيم قرية برج مغيزل بمركز مطوبس – محافظة كفر الشيخ، ومجدى عبد العزيز عبد العزيز، مقيم الجزيرة الخضراء – محافظة كفر الشيخ.
اليوم السابع يزور الناجين من غرق مركب الدخيلة بعد محاولة هجرة غير شرعية..أحدهم:حملوا علينا السلاح لاستقلال مركب متهالك وسرقوا مصوغات السيدات..العبد:يجب حل المشكلة من جذورها منذ منح التأشيرة
الإثنين، 14 أكتوبر 2013 05:03 ص
الناجون أثناء حديثهم لـ"اليوم السابع"
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
lمحمود غبدالرسول
اتقوا اللة
عدد الردود 0
بواسطة:
الناس اللي بتهاجر دي مسؤليه حرس الحدود
الناس اللي بتهاجر دي مسؤليه حرس الحدود
الناس اللي بتهاجر دي مسؤليه حرس الحدود