معصوم مرزوق

مستعمرة العراة العربية

الأحد، 13 أكتوبر 2013 07:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الرئيس الأمريكى أوباما حريص على حماية شعب سوريا.. وحيث إن الشىء بالشىء يذكر، هل يتذكر أحد الآن الكذبة السياسية الكبرى؟ أعنى موضوع أسلحة الدمار الشامل العراقية، فلست أظن أن أحدا قد نسى مهما كانت أحوال ذاكرته متدهورة، تلك الكلمات القوية الحاسمة التى تمتلئ «صدقا» و«ثقة» و«مصداقية» حول امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، ولم تصدر هذه الكلمات من أشخاص عديمى المقام أو ضعاف المقال، وإنما من رئيس أكبر وأقوى دولة فى العالم وأقطاب إدارته، ومن رئيس وزراء إمبراطورية سابقة مازالت تحتفظ بشذى الوردة الإمبراطورية، وإن كانت قد ذبلت، كما لا يمكن للناس أن ينسوا أبدا ذلك المهرجان السينمائى الذى عقد لأول مرة فى قاعة مجلس الأمن الوقورة، حين جلس كولن باول وزير خارجية أكبر دولة فى العالم يشير على الشاشة، وهو يؤكد أن تلك السيارة معمل متحرك، وأن ذلك الصوت هو لأحد الجنود يوصى آخر بإخفاء شىء عن المراقبين، وأن تلك الأشياء تؤكد وبقوة أن صدام حسين يملك أزرار دمار العالم تحت أصابعه.
وقد وقفت خلف هذه التصريحات أجهزة مخابرات قادرة، تصل أصابعها وآذانها وعيونها إلى كل خرم فى العالم، وخبراء فى الحديث إلى المحطات التليفزيونية الفضائية يحللون وينظرون ويؤكدون بقدراتهم العملية الخرافية أن مصادرهم قد أقسمت لهم إن صدام يخفى أسلحته الفتاكة فى مواقع يعرفونها، وهو ما أكده «ثوار» العراق من العاملين بعقود فى المخابرات المركزية الأمريكية، لقد كان كبير مفتشى الأمم المتحدة يرجو ويستعطف أن يمهلوه بضعة أسابيع فى مأموريته كى يؤكد أو ينفى وجود هذه الأسلحة فى العراق، دون أن ينصت إليه أحد، ثم حدث ما حدث، وكلنا نعرف ما الذى حدث، تم الهجوم على العراق وتدميره تدميرا، وانطلق الخبراء يفتشون خلف كل حجر، ويقلبون كل ورقة، ويحتجزون كل رجل أو امرأة لديه أو لديها فكرة ولو بسيطة عن علم الكيمياء أو الطبيعة، فإذا وجدوا برميلا كان يستخدم فى الصرف الصحى اقتربوا منه ومعهم كاميرات الفضائيات وهم يرتدون أردية واقية تشبه ملابس رواد الفضاء، يحسسون على البرميل ويجسونه بحذر، ويرسلون نفايات الصرف الصحى فورا بالطائرة كى يتم تحليلها فى أفضل المعامل الأمريكية، فلعل وعسى.. وفى النهاية لم تهتز شعرة فى رأس أى مسؤول أمريكى أو تحمر وجنتيه من الخجل بسبب ذلك الكذب، ولم يذرف أحد منهم دمعة ندم على مئات الآلاف من أبناء العراق القتلى، أو على دولة العراق التى تمزقت.
وربما لا يمثل الموضوع بالفعل مشكلة كبيرة لتلك الدول المتقدمة، ولكنه يمثل مشاكل معقدة بالنسبة لباقى دول العالم، فإذا سلمنا مثلا بأن موضوع أسلحة الدمار الشامل كان مجرد كذبة هائلة، فإن نتيجة ذلك على شعب العراق وشعوب المنطقة لا يمكن حصرها، ثم من يمكنه الآن مثلا أن يصدق حرص أمريكا على حماية الشعب السورى؟ كذبة أخرى لتحقيق مصالح معينة بغض النظر عن الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ بل إن ذلك كذب بلا جدال، لأن الحقيقة هى أن الدولة العظمى ومن لف لفها يريدون أن ينزعوا من سوريا سلاح الردع الوحيد الذى قد يجعل إسرائيل تتردد فى استخدام ترساناتها من أسلحة الدمار الشامل.. وهكذا يتم نزع سروال عربى آخر، فى توجه دولى حازم لتحويل العالم العربى إلى مستعمرة ممتدة للعراة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

أبو الكرم

أين كنا عندما تمزقت العراق

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد الله

حماية اسرائيل هي الهدف

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد الشيخ

التطهر من التبعية

عدد الردود 0

بواسطة:

جرجس فريد

عيد مبارك سعيد

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة