هل الإدارة الأمريكية الحالية لا تقرأ فى التاريخ وجاهلة بالطبيعة النفسية للشعوب، وهل يتم اتخاذ القرار الأمريكى بعشوائية ودون دراسة وتدقيق لأبعاده وتأثيراته وتداعياته؟
الإجابة بالتأكيد بالنفى، لأن الولايات المتحدة دولة عظمى، ودولة مؤسسات، ولا تتخذ قراراتها إلا بعد مشاورات ودراسات وتبادل آراء، بغض النظر عن توجهات الإدارة الحاكمة، ومواقفها السياسية من قضايا العالم، خاصة قضايا العالم العربى والشرق الأوسط.. بالتالى هى تدرك تجارب التاريخ جيدًا، وتعى دروسه وتستفيد منها بالتأكيد، لكن لا مانع من الإلحاح والإصرار فى سياسة الاحتواء أو الإخضاع والتبعية فى التعامل مع الدول والأنظمة الحاكمة، فاستعادة تجربة سابقة قد تنجح لأن الاستراتيجيات والمصالح والسياسات ثابتة لا تتغير، إنما قد تتغير الأدوات والوسائل.
واشنطن استعادت من ذاكرة التاريخ ما فعلته مع مصر فى الخمسينيات والستينيات فى قضية المعونة، ولم تلتفت إلى رد الفعل فى ذلك الوقت، لعلها تنجح فى سياسة التهديد والوعيد، والاحتواء مع مصر فى 2013 بعد ثورة 30 يونيو. وعندما يصرح السيناتور جون ماكين بأن واشنطن لا تريد جمال عبدالناصر مرة أخرى فى مصر فهو صادق تمامًا مع نفسه، ويعبر بصدق وإخلاص عن رؤية الإدارة الأمريكية، فوجود «عبدالناصر» كرمز وفكرة ومشروع مرة أخرى فى مصر يهدد المخططات الأمريكية فى المنطقة، ويربك حساباتها. «ناصر» رفض كل محاولات الابتزاز السياسى، والخضوع، والتبعية للولايات المتحدة، وأدرك أن محاولات التقرب بالمعونات ليست سوى منفذ للسيطرة على القرار الوطنى والإرادة المصرية، وإحباط أى محاولات للتنمية الحقيقية فى مصر، فأعلن عدة مرات رفضه المعونة المشروطة من واشنطن، وقال كلمته المشهورة: «إن الحرية التى اشتريناها بالدماء لن نبيعها بالقمح والأرز»، و«إذا كان سلوكنا لا يعجبهم فليشربوا من البحر»، ولم تخضع مصر للابتزاز والتهديد الأمريكى.
والمفارقة أن الضغط الأمريكى بورقة المعونة فى عام 65 جاء بسبب اتجاه وتخطيط مصر لإنتاج الصواريخ والطاقة النووية، وبعد اكتشاف المؤامرة الإخوانية على مصر و«عبدالناصر» بقيادة سيد قطب، وكأن التاريخ يعيد نفسه، فمصر أعلنت البدء فى مشروعها النووى من الضبعة، ومشروع تنمية قناة السويس، وتواجه الإرهاب الإخوانى، فى الوقت الذى أعلنت الإدارة الأمريكية تجميد جزء من المعونة والمساعدات العسكرية.. هل هى مصادفة تاريخية، أم أن السياسة واحدة لم تتغير؟!
ما يدعونا لأن نتفاءل هنا أن رد الفعل الغاضب والرافض شعبيًا- على الأقل حتى الآن فى 2013- هو ذاته رد الفعل رسميًا وشعبيًا فى الخمسينيات والستينيات.. والرسالة وصلت إلى واشنطن بالتأكيد.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عنانى محمود
امريكا الى الجحيم
عدد الردود 0
بواسطة:
علي عبد الحليم
الــــــــــــرســــــــــالــــة لــــــــن تـــــــصــــل إلا إذا
عدد الردود 0
بواسطة:
حمزه عواد
لو كان عبد الناصر حيا لاستدعى السفير الامريكى ووبخه على تدخلهم فى الشأن الداخلى المصرى
عدد الردود 0
بواسطة:
عماد السعوديه
الى رقم 2
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد حمدى
لقد هرمنا من أجل هذة اللحظة التاريخية