«الدائرى».. مرحبا بك على طريق «الموت السريع» سائقون: الكوبرى يخلو من الأمن والإسعاف وإجراءات السلامة ولا قيمة للوقت عليه.. والهبوط الأرضى فى مناطق التواصل يضاعف حجم الحوادث

الأحد، 13 أكتوبر 2013 07:41 ص
«الدائرى».. مرحبا بك على طريق «الموت السريع» سائقون: الكوبرى يخلو من الأمن والإسعاف وإجراءات السلامة ولا قيمة للوقت عليه.. والهبوط الأرضى فى مناطق التواصل يضاعف حجم الحوادث صورة ارشيفية
كتبت - آية نبيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن اليومى..

يلوذ به سائقو السيارات هربا من الزحام الخانق داخل المدينة، فالدوران مسافة أطول أرحم من الإشارات اللانهائية، والبحث عن مخرج من زقاق مسدود بعربة «كارو» أو الاصطفاف خلف سائقين يتشاجران فى وسط ميدان، ومن خلفهما مئات المتأخرين عن مواعيد مهمة.. فلا قيمة للوقت فى القاهرة.

إنه الطريق الدائرى، الذى كان تدشينه حدثا مهما بالقاهرة، حيث عقدت عليه آمال كبيرة للقضاء التكدس المرورى بالعاصمة، لكن الطريق تحول إلى طريق أهوال، أو بالأحرى طريق للموت، بفعل الإهمال وانخفاض مستويات الرقابة وعشوائية التخطيط.. ومن أبرز الحوادث التى وقعت مؤخرا اصطدام سيارتى نقل مع 26 سيارة أخرى، أثناء تسابق الشاحنتين.

الكوبرى الدائرى البالغ 108 كيلومترات، ويصل بين محافظات القاهرة الكبرى الثلاث، يعد صاحب أكبر سجل للحوادث المرورية، فالسائق يفر من الزحام وهو قضاء، ليواجه الموت وهو أيضا قضاء.

وبوسع أى عابر سبيل أو عابر للدائرى أن يلحظ ببساطة أن الكوبرى يعانى من إهمال شديد، فلا سيارات شرطة ولا دوريات ولا نقاط إسعاف.. رغم طول الكوبرى الذى يضاهى المسافة من القاهرة إلى طنطا تقريبا.

وعلى جانبى الطريق السريع، تصطف سيارات «ميكروباص» فى مواقف عشوائية، واتخذ الأهالى من بعض «المدقات الرملية» طرقا غير قانونية لسير السيارات، وليس غريبا فيما يقود المرء سيارته بسرعة مرتفعة أن تداهمه سيارة صعدت إلى الكوبرى عبر «مدق ما» فلا يتمكن من كبح سرعته، ومن ثم تقع الكارثة، وتراق الدماء، وما من أحد يهتم باستئصال جذور المشكلة والتغلب عليها.

يبدأ الازدحام المرورى، على «الدائرى» مع السادسة فجرا، مجرد أن تنتهى ساعات الحظر، لكنه يبلغ ذروته فى حوالى التاسعة صباحا، وثمة لافتات تحدد السرعة لكل نوع من السيارات، غير أن هذه اللافتات يغطيها التراب، فلا يسع السائق أن يقرأ التعليمات، ومن ثم فاللافتات كأن لم تكن، وإلى جانب اللافتات «خيالات المآتة» ثمة أتربة تتكدس على جانبى الطريق، وما يشى بأن عمليات رفع القمامة فى خبر كان.

وتحدد شرطة المرور السرعة على الطريق الدائرى لكل سيارة حسب نوعها، فالسرعة المحددة للنقل تبلغ 60 كيلومترا، ونصف النقل 70، والأتوبيسات 80، والسيارات الملاكى بسرعة 90 كيلومترا، لكن نادرا ما يلتزم السائقون بهذه السرعات، فالقوانين فى مصر شأنها شأن «حنفى» فى فيلم ابن حميدو، و«هتنزل المرة دى والمرة الجاية لا ممكن أبدا».

ويقول محمود مسعود «سائق ميكروباص»: الحادث الأخير وقع لأن سيارة نقل ثقيل كانت تسير بسرعة عالية، وتسابق سيارة أخرى، ويبدو أن أحد السائقين أراد أن يناور فيتجاوز سيارة أمامه، فإذا بسيطرته تتلاشى على عجلة القيادة والسيارة تتأرجح فى مشهد رهيب، الأمر الذى أسفر عن اصطدام الشاحنتين، ومن ثم حدث ما يمكن وصفه بحرب السيارات، إذ بلغ عدد السيارات المتصادمة 25 سيارة.

ويقول محمود المنشاوى سائق تاكسى: فى المسافات البعيدة أهرب إلى الدائرى لاتساعه وبعده عن زحمة الطرق الداخلية، لكن مع الحوادث المروعة التى ازدادت مؤخرا صرت أتجنبه، وإذا اضطررت إلى أن أسلكه فإننى أحس بأن على أن أنطق بالشهادتين، فعلى الدائرى أصبح السائق مفقودا، والخارج مولودا.

ويقول: عند نزلة المريوطية، كادت سيارة نقل تدهس سيارة خاصة كانت إلى جانبها قبل أيام، وذلك لما كان سائق السيارة الخاصة، يحاول النزول من الكوبرى إلى الشوارع المجاورة، كنت أشاهد المنظر ووقتها أيقنت أن رواد السيارة الصغيرة على شفا الموت المحتم، لولا أن الله ألهم السائق بأن ينحرف يسارا بأقصى سرعته، ما أسفر عن ارتطام السيارة بالباعة الجائلين، وتدخلت عناية السماء لإنقاذ الجميع من كارثة.

كما وقعت قبل يومين كارثة مشابهة، إذ اصطدمت سيارة ميكروباص شاحنة ووقعت إصابات بين ركاب الميكروباص ووصلت سيارة الإسعاف بعد نحو 45 دقيقة.

وينتقد عدم وجود دوريات مرورية على طول الطريق فى معظم الأيام قائلا: قلما نجد رجال المرور على الطريق، وإن وجدوا فإن دورهم ينحصر فى عمل لجان غير مناسبة من حيث التوقيت، لأن معظم هذه اللجان تقام فى أوقات الذروة، الأمر الذى يؤدى إلى عرقلة المرور، تعطيل السيارات، مشيرا إلى أن أحدا لا يعارض إقامة لجانا لضمان الأمن فى هذه الظروف الصعبة لكن ليس معقولا أن يتم الأمر بعشوائية.

ويرى عماد محمد «سائق» أن الطريق منفلت كليا، وهناك مشاهد عبثية إلى درجة أنى أشاهد سائقين أطفالا، وسيارات بلا أرقام، وفوانيس الإضاءة مكسورة، أما تخطى السرعة القانونية فأصبح أمرا مباحا معتادا.

وتوجد على جانبى الطريق لافتات تحذر من الرادار، لكن السائقين يعرفون أنها مجرد لافتة، ويقول أحمد سميح سائق: «الكوبرى لا يحتاج كمائن مرورية ثابتة والتى تقوم بها الإدارة من وقت لآخر وهدفها الأساسى البحث عن مخدرات أو أسلحة، وتقوم بإعاقة الطريق لأن تصميم الكوبرى لا يتضمن مكانا لسيارة الشرطة، فهو بلا رصيف، وبالتالى إذا وقفت سيارة للشرطة تعيق القادم من الحارة اليمين أى سيارات النقل، التى يؤدى اصطفافها وراء بعضها إلى طوابير طويلة تعرقل المرور، مشيرا إلى أن الحل يكمن فى وجود سيارات شرطة متحركة مزودة برادار، ترصد السرعات وملاحقة السيارة المخالفة».

وتعتبر «العواكس» مشكلة أخرى على الكوبرى، وهى قطع معدنية مغروسة فى الأرض ومغطاة بطبقة فسفورية بحيث تضىء ليلا مع فتح كشافات السيارات الأمامية فتوضح مسارات الطريق والخطوط الفاصلة بين الحارات.

ويقول سميح: كثرة مرور السيارات على العواكس على مدار سنوات أفقدها اللون، وبالتالى لم تعد عاكسة، ولم يعد هناك تحديد للمسارات ليلا، ويضيف ساخرا أساسا لا توجد إشارات على الأرض لتوضيح الحدود بين الحارات، ومن ثم فإن الطريق المصمم بأربع حارات يصبح ذا حارات ست، فالأمر فى مصر حسب التساهيل، والمصريون شعب «فهلوى».

ومع الظهيرة حيث يصير الكوبرى مكدسا، وتقل سرعة السيارات حتى صارت تتحرك «سنتيمترات»، يزدحم المواطنون على مسافات متباعدة، للحاق بسيارات الميكروباص التى تقف للتحميل، خصوصا أمام السلالم المصممة عند كل منطقة، أحمد محمد، عامل، يقول: أعمل فى المرج، ويوميا أستقل الميكروباص من فوق الكوبرى لأنه لا توجد وسيلة مواصلات مباشرة أسفله.

ويقف أحمد على جانب السور ويضيف: «نحاول قدر الإمكان تجنب الوقوف أمام السيارات، خصوصا أنه لا يوجد رصيف، لكن من يعرف الكوبرى يعلم أن هناك محطات أصبحت شبه ثابتة فوقه.

أكثر من 3 حوادث اصطدام بأفراد فى آخر شهرين أثناء مرورهم عبر الكوبرى إلى الناحية الأخرى، وهو فى الأصل أمر ممنوع قانونا، فالدائرى لا يتضمن محطات ركوب ولا تحميل ولا عبور، لكن مع مرور الوقت وعدم الرقابة تحول إلى مركز لتحميل السيارات.
ازدياد الحركة على الدائرى أسفر عن انتشار أكشاك بيع المشروبات الساخنة، فالسائق قد يتوقف فجأة ليطلب شايا، دون أى اهتمام بعرقلة القادمين من خلف، وليذهب القانون إلى مزابل المسؤولين، و«كل واحد هنا رئيس جمهورية نفسه».

ويصطف فنيو تصليح السيارات «ميكانيكية» على جانبى الطريق فى نقاط محددة، لأنه قد يحدث أن تتعطل سيارة، ويحتاج سائقها إلى «خدمة سريعة»، وطالما أن الدولة لم توفر الأوناش لنقل السيارات المعطلة، فلا بأس إذن من أن يوفر المواطنون وسائلهم الخاصة لتسيير شؤون حياتهم.. هى الفوضى الناشئة عن الإهمال.

ويقول إسماعيل أحمد «موظف» ويسكن منطقة الطوابق بفيصل: «الطريق فى حاجة إلى طرق فرعية تتصل به، فتساعد على نزول السيارات وصعودها من نقاط متعددة، الأمر الذى يقلل الازدحام على الدائرى والازدحام الداخلى أيضا، ويوضح أنه بالنسبة لساكنى الطوابق فإنهم مضطرون لأن يقودوا سياراتهم من الطوابق إلى المريوطية حتى بداية الدائرى من هناك، وذلك عبر شارع فيصل المكتظ، ويكون صعود الكوبرى فى هذه الحالة محنة كبرى لأن معظم سكان الطوابق والعشرين يستخدمون نفس النقطة، ولو توفرت نقاط بالطوابق والعشرين لما كان الازدحام الداخلى ولا على الطريق الدائرى على هذا النحو».

ويضيف: «الأهالى عالجوا المشكلة باستخدام طرق رملية غير ممهدة، لكن الصعود عبرها قد يكون خطرا لأن السيارات على الدائرى لا تنتبه إلى وجودها، ومن ثم يقع الكثير من حوادث التصادم بسببها».

ويصف مستخدمو الطريق الدروب الرملية الصاعدة والهابطة بوصلات الموت، ومن أشهرها نزلتا مسترد والمريوطية، فكلاهما يعانى من ضيق فى عرضهما، وهما منحدرتان إلى حد مخيف، ما يجعل السيطرة على سرعة السيارة أمرا شديد الصعوبة، وفى حال وقعت حادثة وانسكب زيت أو سقطت أمطار يكون المرور مخاطرة غير محمودة العواقب، وتصب حارات الدائرى الأربعة أو «الستة حسبما يتفق السائقون» فى النزلات الضيقة المنحدرة، التى تتسع لسيارتين حسب تصميمها، لكن دع عنك التصميم واشتراطات السلامة، فأنت فى مصر.

الأخطر من ذلك هو الهبوط الأرضى الموجود عند فواصل النزلات، وهنا لا يقتصر الأمر على ممرى مسطرد والمريوطية وحدهما وإنما أغلب النزلات والطلعات فى الكوبرى، فكثافة حركة السيارات فوق الفواصل وهى الشريط الحديدى الذى يربط بين أرضية الكوبرى، أدت إلى تهالكها فإذا بفاصل منخفض وآخر مرتفع، وهذا الاختلاف فى مستويات الأرض يجعلها كالمطبات الاصطناعية، وقد تأتى سيارة مسرعة لسائق لا يعرف الطريق جيدا، فإذا بها ترتفع عن الأرض، وهكذا نكون قد اخترعنا السيارات الطائرة وسبقنا العالم فى هذا المجال.

ولا يقتصر تهالك الطريق على الفواصل والنزلات وطلعات الكوبرى فحسب، فالطريق على امتداده كله يعانى من تهالكه، ويقول عماد الدين مسعود «سائق»: من الغريب أنه لا توجد لافتات تحدد أماكن النزلات بحيث يتخذ السائق سرعته المناسبة قبل الوصول إليها، وهو الأمر الذى يؤدى إلى أن ينحرف سائقون من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين بشكل مفاجئ، ما يسبب حوادث تحصد الأرواح وتخلف المصابين، فيما الدولة لا تكاد تحرك ساكنا، والظاهر أن أرواح المواطنين هى أرخص ما لدينا.. و«مافيش مشكلة.. الناس كتير».








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 7

عدد الردود 0

بواسطة:

مرحبا بك على طريق «الموت السريع»

مرحبا بك على طريق «الموت السريع»

عدد الردود 0

بواسطة:

على على

انجاز

عدد الردود 0

بواسطة:

hend nassef

المشى عكس

عدد الردود 0

بواسطة:

momen

تقرير ممتاز

عدد الردود 0

بواسطة:

خليجي

الاخوان السبب

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى

ماهو تعليق المسئول عن المرور فى الوزارة مشكورين على جهودهم الحاليه فى ظل التحديات

عدد الردود 0

بواسطة:

samy ali

الذمة والضمير والاخلاق

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة