د.سمير البهواشى يكتب: يا حسرة على العباد !

السبت، 12 أكتوبر 2013 03:11 م
د.سمير البهواشى يكتب:  يا حسرة على العباد ! أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عجيب أمر البشر فهم فى كل ترف الحياة من ماديات، مما ذكره الله فى قرآنه العظيم حين قال: "زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ" (آل عمران: 14) متنافسون ويبحثون عن الجديد دائما، وهم أزهد ما يكون فى القديم لأنهم يرون كل جديد يتميز عن القديم فى غرض من الأغراض ولنأخذ أجهزة المحمول مثالا فحين ظهر فى أوائل التسعينيات وبالرغم من غلاء سعره وقلة إمكاناته تنافس الأغنياء على اقتنائه بحجمه الكبير ووزنه الثقيل لا لشىء إلا لأنه يتيح لهم الاتصال بذويهم وأصحاب المصالح المشتركة معهم من أى مكان وفى كل وقت، ولا مانع لدى أى إنسان أن يرمى جهازه غير آسف عليه، ويشترى جهازا جديدا تميز بخاصية لم تكن موجودة فى سابقه كصغر فى الحجم أو جمال فى الشكل أو وجود خدمة لا تتوفر فى غيره، وهكذا فالإنسان يجد فى الأحدث دائما مزايا لا تتوفر فى القديم وقد يستدين ليشتريه إلا فى كل ما هو أخلاقى أو روحى أو دينى، فتعصبه لأخلاقه التى تربى عليها، ودينه الذى ولد فوجد أبويه يدينان به يمنعه من ترك القديم إلى الجديد الذى لا شك ما أنزله الله وارتضاه لعباده إلا لأنه يحمل تشريعا يتناسب ونمو المجتمعات البشرية، قال تعالى :"وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ" (الزخرف:23)، فالدين الحق عند الله هو الإسلام أى التوحيد الخالص، قال تعالى على لسان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: "رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة:128)، هكذا بعث الله أنبياءه ورسله من لدن آدم وحتى خاتم المرسلين سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، واختلفت الشرائع من نبى إلى آخر بحسب تطور المجتمعات، وكل تشريع جديد شرعه الله لعباده حمل سمة الحداثة والمعاصرة لروح عصر النبى المرسل إلى أن اكتملت مرحلة العمران وكثر الخلق، واستتبت أمور المجتمعات فكانت الرسالة الخاتمة بكل المميزات التى تضمن للبشرية تحقيق المقاصد الخمسة الكلية وهى حفظ الدين (بإخلاص التوحيد لله) والعقل (بتحريم كل ما يذهبه ويشوش تفكيره ويفسد عمله) والنفس (بتحريم قتلها إلا بالحق) والنسل (بتشريع الزواج المعلن الدائم وتحريم الزنا وإباحة التعدد والطلاق لضرورة شرعية )، والمال (بالحث على الكسب الحلال والتملك وتحريم الربا والجشع والاحتكار والتطفيف )، وإذا جلس كل إنسان مع نفسه وفى حيدة تامة وبعُد عن التعصب ووضع المصلحة الشخصية الكبرى أمام عينيه وهى الورود على الله يوم القيامة بقلب سليم بعد أن يهلك عنه سلطانه الدنيوى فلا يغنى عنه مال ولا ولد وتفكر فيما تتميز به الرسالة الخاتمة عن سابقاتها من الرسالات، وفى أنها لا تدعوه إلى الكفر بمن سبق من الأنبياء والكتب والإيمان بالخاتم فقط، إنما تدعوه إلى الإيمان بكل الأنبياء والرسل ممن جاء ذكرهم فى القرآن الكريم، وبجميع الكتب المنزلة من عند الله ولم ينلها تحريف والتى جاء القرآن العظيم مصدقا بما فيها بل ساق معظم حكمها فى طيات آياته قال تعالى: "إن هذا لفى الصحف الأولى، صحف إبراهيم وموسى"، وكان جل وعلا قد ذكر فى بداية السورة أمره للإنسان بالتسبيح باسم ربه الأعلى، وأمر رسوله بتذكير الناس بربهم وبأوامره ونواهيه فقد تنفع التذكرة بعض الناس، ممن يخشون الله أما الذين كتبت عليهم الشقوة والشقاء فسوف يتجنبون هذه التذكرة كذلك فعل الرسل السابقون وكذلك كذّبهم الأشقياء كما جاء فى الصحف الأولى، إذن فدعوة الله لعباده أن يعبدوه ولا يشركوا به أحدا هى دعوة كل الرسل الذين جاءوا قبل محمد صلى الله عليه وسلم غير أن كل الرسالات السابقة عنيت أكثر ما عنيت بتعريف العباد بخالقهم وبالوصايا العشر المعروفة ولكنها لم تضع دستورا كاملا للحياة والتعامل مع الدنيا والدين كما جاء فى الإسلام، ولكن التعصب الأعمى للجنس واللغة وموروث الأباء والأجداد يقف حجر عثرة أمام كل من لا يدين بدين الإسلام يمنعه من تأمله حتى لا يدخل فيه. . قال تعالى: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إلى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ" (المائدة:104) وأذكر أن الشيخ الشعراوى، رحمه الله قال ذات مرة "إن أمريكا تسرق من روسيا مخترعاتها وتبث جواسيسها لتتعرف على أحدث ما يبتكرون فى مجالات التكنولوجيا، وكذلك تفعل روسيا، بل كل بلاد الدنيا تفعل الشىء نفسه فيما يتعلق بالاختراعات المادية وترف الحياة الزائل أما عندما نجيئ إلى الفكر والأخلاق فكل دولة تضع سياجا من فولاذ حتى لا يتسرب إليها فكر غيرها فى الوقت الذى تسعى فيه لنشر فكرها فى كل أنحاء المعمورة. .!! أليس هذا شيئا عجيبا وأمرا من أمور الإنسان غريبا؟ ؟ دافعه الأنانية والعجب والتكبر، وكل هذه الصفات لا يحبها الله ويأمرنا باجتنابها.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة